الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -3-

علي دريوسي

2017 / 11 / 4
الادب والفن


المقطع الثالث
*****
ملاحظة: لا يَتبنَّى مُؤلف هذه الحوارية المُتْعِبة الآراء المنقولة عن شخوصها.
*****
تحلّقوا جميعاً لتناول القهوة والشاي حول الطاولة مستطيلة الشكل مقابل المطبخ المفتوح، كان الأب ما زال في بيجامة نومه وقد ارتدى فوقها روبه بني اللون، أشعل سيجارة له وأخرى لزوجته، ثم قدّم واحدة لابنته الكبرى مازحاً: أترغب المُعارضَة بالتدخين وهي تناقشنا؟
سناء: لا شكراً يا باشا، أنا لست مع هذه الظاهرة غير الصحية. بالمناسبة أتعلم؟
الأب: ما الذي ينبغي أن أعلمه؟
سناء: أنا سعيدة لأنّ الفوضى المُدَمِّرة قد أطاحت أيضاً برفاهية شريحة الأبناء الشرفاء للضباط الكبار. كنّا كثيراً ما نقول نتيجة لبساطتنا وفقرنا: فلان بن الضابط الفلاني والله آدمي وفهمان. والأنكى من ذلك هو حين يكون هذا الفلان قد قرأ بعض الكتب أو سمع بعض الكلمات لنزار ومحمود ومظفر وزياد وفيروز مع كأس عرق وسيجارة!
بيلسان: لكن بعضهم آدمي فعلاً، لماذا أنت حاقدة وشامتة.
تضحك سناء: من الطبيعي أن يتمتَّع البعض منهم بهذه الصفة السطحية الكاذبة، لأنّ في حوذتهم كل شيء تقريباً: فيلا العائلة بالعاصمة وثانية على شاطئ البحر وثالثة في الجبال ورابعة في الصحراء، سيارة لكل صرصور من أولادهم، مساعدات في الجامعة كرمى لرتبة الأب، محلات وعلاقات تجارية، حسابات مصرفية، رحلات وتنقلات قي كل مكان، علاقات اجتماعية ومعارف للمساعدة على تدبير الأمور الحياتية، أصدقاء وصديقات لمدحهم، أفضل المواقع الوظيفية الصالحة للنهب بعد التخرج القسري من الجامعة، تسهيلات مجنونة أثناء تأدية الخدمة العسكرية، فرص زواج من عائلات تحمل المورثات نفسها، ومزايا أخرى لا تعد ولا تحصى، ناهيك عن إمكانيات الهروب في الأزمات الوطنية.
الأم: المجد لطبقة الفقراء البسطاء والعار لكل من سرق ودمّر البلد في السنوات الخمسين الأخيرة.
سناء: عجبتُ لأمر الفقراء، كيف لا يهربون من أوطانٍ تستبيحهم، طالما أنّ الفرصة مواتية اليوم؟ طالما يعيش معظم أبناء الوطنيين التقليديين وأبناء الفاسدين في أوروبا الغربية.
الأب: اليوم هو عطلة نهاية الأسبوع، نريد أن نرتاح لا أن نضيع الوقت في النقاشات التي لا تقدّم ولا تؤخّر، مساء اليوم نرغب أن نحتفل بعيد ميلاد أخيكم إبراهيم، بالمناسبة يا سناء متى سيأتي خطيبك ماهر؟ ما الذي سنأكله في المساء يا أم صلاح؟
سناء: سيأتي الحبيب بعد صلاة العصر!
الأم: لقد أعددنا طعاماً بسيطاً للمساء يليق بزين الشباب إبراهيم. وستأتي سلمى خطيبة الغالي ابن الغالي.
*****
من الجامع القريب علا صوت الآذان، في الوقت الذي دخلت فيه شقة العائلة فترة اِنقطاع التيار الكهربائي لتقنينه.
بيلسان: بابا، هل أنت مع بناء جدار حدوديّ حول سوريا؟ لحمايتها من تجار السلاح والإرهاب مثلاً!
ضحك الأب: نعم يا بيلسان، أنا مع بناء جدار حدوديّ حول الجوامع، وأماكن الضجيج، لكن ليس حول سوريا. في الإلْحَادِ قوة وفي التَّدَيُّن ضعف.
سناء: التَّدَيُّن الناعم جميل يا سيد أبو صلاح، المُبَالَغَة فيه مَهْزَلَة وضعف!
علّقت الأم: الله يلعن إبليس ومدير الكهرباء معه، ما زال الغسيل في الغسّالة، لم نلحق أن نفعل شيئاً بعد.
أبو صلاح: وما مصير الكعكة في الفرن؟ أرجو ألا تنهار؟
الأم: لا تقلق، لن تنهار، لم ترتفع درجة حرارة الفرن بعد.
سناء: لا كهرباء، لا مازوت، لا غاز، برد، فقر، قتل وفساد، الحكومة قليلة ذوق ووجدان لما ترتكبه بحق مواطنيها.
أشعل الأب سيجارة، سحب نفساً وانتابته موجة سعال.
تعترض سناء: الحديث عن التدخين وبشاعته وأضراره وآلامه هو حالة مدنية حضارية، أليس كذلك؟
الأب: نعم، نعم، هو حالة راقية، لكن سبقنا إليها الإرهاب السلفي... لقد حدث أن منع البغدادي التدخين في مناطق حكمه.
سناء: جميل لو تمنع السلطات القانونية ذات يوم المدخنين من ممارسة هوايتهم المريضة بالتدخين في الأماكن العامة. وتضيف: والأجمل أن تمنع ذات يوم مُربي الطيور من ممارسة هوايتهم المريضة بتربية الحمام على الأسطح.
يقهقه الأب: حتى هذه، قد سبقنا إليها الإرهاب السلفي بقيادة ملعون الذكر... لقد منع البغدادي تربية الحمام في مناطق حكمه.
*****
تنهض الأم قلقة وتنظر من النافذة، تقول وكأنّها تخاطب نفسها: لقد تأخر إبراهيم، ذهب قبل ثلاث ساعات لإحضار التموين الشهري ولم يعد بعد، أرجو من الله ألا يكون قد أصابه مكروه.
*****
يرن جرس تلفون البيت، تذهب الأم لاستقبال المكالمة، ثم تعود مكفهرة...
بيلسان: خير ماما، هل حدث لبيت جدي مكروه؟
الأم: هناك أنباء عن تفجير إجرامي، وحشي بشع لسيارة مفخّخة في المحطة...
سناء: ماما، هل هناك ضحايا؟
الأم: عشر شهداء وعشرات من الجرحى...
الأب: الرحمة لأرواح الوفيات والصبر والسلوان لذويهم، والشفاء العاجل للجرحى.
بيلسان بخوف: بعض صديقاتي يعيشن بالقرب من هناك، أرجو من الله أن يكن بخير.
الأم: يا خوفي أن يكون إبراهيم قد ذهب إلى المؤسسة الاستهلاكية بالقرب من المحطة، فقد أراد أن يفاجئا بشراء ليترين من عرق الميماس.
*****
يتبع في المقطع الرابع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??


.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده




.. أون سيت - فيلم عصابة الماكس يحقق 18 مليون جنيه | لقاء مع نجو


.. أون سيت - أول عرض | فيلم النمر والأنثى مع إنجي يحيى




.. أون سيت - محمد ثروت بيحكي عن الجزء الثاني من فيلم بنك الحظ