الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين .. من مشروع تسوية الى مشروع تصفية

مصطفى حمدان
كاتب وشاعر

(Mustafa Hamdan)

2017 / 11 / 5
القضية الفلسطينية


فلسطين ! مِن مشروع تسوية .. الى مشروع تصفية

مائة عام على رسالة بلفور الى روتشيلد وخلاصة الوعد المشؤوم ، بمنح اليهود ارض فلسطين ليقيموا وطناً عليها .
كيف لشخصين مثل بلفور وروتشيلد ؟ وبرسالة قصيرة ! غيرت معالم فلسطين جغرافياً وألغت هويتها ، وعانى ملايين
من البشر لاحقاً من تبعيات هذه الرسالة ومحتواها ، وتمخض عنها الحروب التي ما زالت قائمة الى هذا الوقت
ومهد لاتفاقيات ومعاهدات لا تُحصى ، أولها تقسيم فلسطين من قِبَل الامم المتحدة ، وآخرها أوسلو
رسالة بلفور كوزير خارجية دولى عظمى وقتها ، الى أحد الزعماء الصهاينة ، كانت الخروج الى العلن من سرداب
أسرار معاهدة سايكس بيكو الكولونيالية الاستعمارية الغربية لكافة المناطق العربية ، ولكن فلسطين كانت الخاسر
الاعظم من بلورة هذا الاتفاق وتطبيقه بعد نهاية الحرب العالمية الاولى ، كونها تعتبر النقطة الاكثر استراتيجياً ، فهي
القلعة المهمة جغرافياً لانتصار الإمبروطوريات الاستعمارية عبر التاريخ ، وهي همزة الوصل الجغرافي بين ثلاث قارات
والسيطرة عليها يعتبر مفتاح النصر العسكري ، وبوابته للتمدد الاستعماري ، ولهذا كانت فلسطين عبر العصور من
أطماع وهدف أولي ورئيسي لكافة الإمبروطوريات الكولونيالية .
المئة عام الماضية كانت الاكثر تغيراً وتعقيداً لخارطة فلسطين الجغرافية وهويتها العربية ، وحتى أبان الحروب الصليبية
لم تتغير فلسطين بهيكلها الجغرافي ، وفصلها عن تواصلها مع باقي الجسد العربي ، كما حدث آخر مائة عام
فمشاريع التقسيم لأرض فلسطين كانت مشاريع احتلالية تتقاسمها القوى الاستعمارية الحديثة ، للمقايضة بينهم
في تقاسم المصالح والأهداف ، في ذلك الوقت عندما تعهدت بريطانيا بالوعد المشؤوم ، لم تكن موجودة عقدة الهولوكوست
وذنوبها في ضمير الاوروبيين ، ليكفروا عن اخطائهم بحق اليهود ، بمنحهم وطن على ارض لا يملكوها ، ولم تكن تحت
وصايتهم او انتدابهم وقتها، وايضاً لم تكن فلسطين بوصلة اليهود لبناء وطن لهم خارج عن دائرة مصالحهم المادية
والحياتية في أوروبا ، أو اي مكان آخر ، هي كانت خيار ورغبة زعماء الصهيونية من تلاميذ هرتزل ذو الاحلام التوراتية
فمنذ الانتداب البريطاني لأرض فلسطين عام 1922 توالت المشاريع التقسيمية تحت بنود التسوية لتثبيت اقدام اليهود
على ارض فلسطين تتدريجياً ، ليتحقق وعد بلفور ويصبح حلم هرتزل حقيقة ، مثل مشروع لجنة بيل عام 1936
الى مشروع الوسيط الدولي برنادوت عام 1948 ، وكل هذه المشاريع كانت تصُب في مصلحة الصهيونية واهدافها .
فقبل قيام دولة الاحتلال الاسرائيلي عام 1948 كان قرار الامم المتحدة رقم 181 ينص على منح اليهود نسبة 57%
من اراضي فلسطين التاريخية ، الى ان تغيرت المعادلة فاستولت العصابات الصهيونية المسلحة بريطانياً ، وبتواطئ
دولي ، وخذول عربي على نسبة 78% من ارض فلسطين ليقيموا عليها دولتهم ، وخلال 19 سنة ، استولت على باقي
الاراضي الفلسطينية ، لتصبح فلسطين عام 1967 - 100% محتلة ، وكل الشعب الفلسطيني يقبع تحت الاحتلال .
منذ كتابة الوعد المخزي لبلفور ، لم يكف الشعب الفلسطيني عن انتفاضاته وثوراته وسخطه الجماهيري على مشاريع
التصفية لحقوقه بالارض والهوية ، بداية بثورة البراق عام 1929 الى الثورة الحديثة القائمة حتى هذا الوقت
من خلالها قدم الشعب الفلسطيني كل انواع التضحيات من اجل الحفاظ على هويته وهوية ارضه ، فقد قدّم ولا زال
يقدِم الشهداء من أبنائه ، للدفاع عن ارضه وحقوقه الوجودية ، ومع مرور الزمن والتغيرات الحاصلة على أرض
الواقع ، لم يساوم ولم يتهاون الشعب الفلسطيني على حقه بالارض وكنيته اليها ، على عكس ما ظن به الزعماء
الصهاينة ، بأن أجيال الشتات بعد السنين ، سينسوا من هم ومن اين أتوا ، ولن تربطهم بالأرض أي علاقة
وبهذا سيتخلصوا من عقدة من سيطالبهم بحقوقه بالأرض في المستقبل .
مصير الشعب الفلسطيني يحُدَد من خلال صموده وثوراته ومقاومته المستمرة لتصفية وجودة واحتلال ارضه
فمعركته وجودية مصيرية ، لا يحق لأي شخص أو جهة بالتلاعب بحقوقه او المساومة عليها ، او تقويض مسيرته
النضالية تحت اي مسميات او مشاريع تصفوية ، فحقوقه التاريخية تكفلها القوانين الدولية والشرائع السماوية .
التنازلات التي تم تقديمها اثناء مشاريع السلام واتفاقياتها العبثية الغير مجدية ، اعطت الدوافع السياسية لطلب مزيد
من التنازلات ، ومنحت الوجود الصهيوني الصفة القانونية على 78% من ارض فلسطين التاريخية ، بل خلقت مسارب
اخرى على ما تبقى من ال 22% الباقية ، الى ان اصبحت 12% فقط .
هذا العدو لم يأتي ليفاوض او يساوم على ارض يعتبرها هبة من الله ، ومنحة من القوى العالمية لأنصافهم بعد الظلم
جاءوا ليبقوا وليتوسعوا اكثر ، ليتحقق الحلم الصهيوني (مملكة ديفيد ما بين النهرين) وعاصمتها الأبدية الغير مجزأة
أورشليم .

مصطفى حمدان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو