الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسابقة قذف الوحل

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



لست في معرض الدفاع عن شخص بعينه، ولم يكن لي أي نشاط حزبي في يوم من الأيام، ولم ألتقي في اي وقت بأحد وجوه المعارضة التي تتناقلها وسائل الإعلام في كل يوم، إلا أن ما تفعله فئات المعارضة ببعضها أمر يحزنني كثيرا، ويفقدني الأمل في أن ينصلح الحال في يوم من الأيام.
لا تكتفي المعارضة بما يفعله النظام بها من قتل وحبس وخطف وتدمير نفسي فيقومون بإلقاء الوحل في وجوه بعضهم البعض ويوجهون أصابع الإتهام إلى بعضهم البعض، وتسود فيما بينهم حالة مؤسفة من إنعدام الثقة، والتخوين والتشهير والتشكيك في النوايا لا أعرف لها علاجا.
وبمجرد أن يظهر أحد الوجوه المعارضة على الساحة في مناسبة ما، يبدأ الجميع في قذف الوحل في وجهه، وتخوينه واعتباره من عملاء النظام، أو كومبارس، أو فاشل أو يبغي مصلحة شخصية أو أي تهمة تخطر ببال محترفي قذف الوحل.
وأصحت مسألة قذف الوحل أشبه بمارثون ترتفع حرارته مع قرب موعد انتخابات الرئاسة، وبمجرد أن تحدث البعض عن ترشيح المحامي الحقوقي خالد علي، توجهت إليه جميع الأيادي المحملة بالوحل لتقذفه في وجهه بمختلف الإتهامات، فمن محلل لأمنجي ومن مصلحجي لغاوي شهرة.
والحقيقة أن أكثر الحجج التي تتردد ضد خالد علي هي موقفه في يوم خروج مجموعة من الشباب للإحتجاج على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية والتي تنازلت مصر بمقتضاها عن تيران وصنافير للسعودية، حيث يعتبر هؤلاء أنه طلب من الشباب الإنصراف وبذلك قضى على الزخم الثوري، وميّع المسألة وحول قطعة من أرض الوطن لقضية تتناقلها الأيدي في أروقة المحاكم.
أذكر هذا اليوم جيدا، لقد كان يوم عطلة، ونزلت فيه إلى الشارع أبحث عن اي مسيرة أو تجمّع يطالب بإلغاء الإتفاقية لأنضم إليه، ولأن منزلي بعيدا جدا عن منطقة وسط البلد فكان لدي الفرصة لرصد ردود أفعال الناس في الشارع على الإتفاقية، والتي كانت باختصار شديد "صفر" وصلت إلى ميدان العباسية .. لم أجد أحد .. توجهت إلى رمسيس .. لم أجد أحد .. تجولت في شوارع وسط البلد .. وأيضا لم أجد أحد .. لم يكن هناك بكل أسف غير بضعة مئات من الشباب تجمعوا أمام نقابة الصحفيين، كان يمكن لقوات الأمن أن تفعل بهم ما يفعلونه في التجمعات الصغيرة، ولذلك فما قاله خالد علي لم يكن ليغير في شيء أكثر من أعداد المعتقلين في ذلك اليوم.
إن ما أراه في الشارع في كل يوم يؤكد أنه لا نية للناس في التحرك مرة أخرى تحت أي ظرف، ولو سقوهم المرّ ولو نزعوا أسنانهم، ولو منعوهم حق الإنجاب، هذا الشعب لن يتحرك إلا إذا كانت حياته مهددة بصورة مباشرة جلية لا لبس فيها، ولم يكن هناك من يهتم بمصرية تيران وصنافير إلا القلة القليلة من الثوار.
أما مسألة تحويل الأمر إلى قضية، فهذا هو ما يعرفه المحامي، والساحة كانت "مفتوحة" - إن جاز لنا أن نقول ذلك - لمن يمكنه تقديم فعل أخر ليقدم ما لديه، فبدلا من اللوم على شخص قام بما يعرفه، كان عليك القيام بما تراه الأصلح والتحرك بهذا الإتجاه.
خالد علي ناشط مثل غيره ليس في موقع مسؤولية حتى يتم محاسبته، وإنما هو مجرد متبرع بوقته وجهده فإن لم يعجبك ما يقدمه عليك تقديم ما هو أفضل، هو ليس رئيسا لنطالب بعزله.
يمكنك مقاطعة الإنتخابات هذا حقك، يمكنك إعتبارها مسرحية لا جدوى منها ولا بأس، ولكن ليس عليك إلقاء الوحل على من يحاول أو يعتقد أن المشاركة افضل لفضح هذا النظام، أعني هنا المشاركة الحقيقية الفعّألة.
وفي الآونة الأخيرة إنبعث الأمل في إمكانية تغيير أنظمة ديكتاتورية عن طريق صناديق الإقتراع كما هو الحال في كينيا، حيث ألغت المحكمة العليا فوز الرئيس الكيني أوهورو كينياتا بعد شكوى من منافسه، كما تمكنت المعارضة من إسقاط حكم الديكتاتور الغامبي يحي جامع.
هناك تيار ديمقراطي يسري في القارة السوداء في رواندا وساحل العاج والكونغو الديمقراطية، ناهيك عن الأنظمة الديمقراطية الأصيلة في نيجيريا وتنزانيا وموزمبيق وبتسوانا والسنغال.
إن تفريغ الطاقات في إلقاء الإتهامات لن يكون له مردود غير المزيد من التحلل والإنهيار والخراب، والأولى أن يكون هناك إتحاد ومؤازرة وتعاون وتناغم، فإذا لم تكن راغبا في المشاركة ولك رأي أخر يمكنك قوله، ولكن ليس عليك تشويه الأخرين والدخول في معارك جانبية بلا طائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها