الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة سياسية لتعميم الفوضى في اليمن

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2017 / 11 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


بدأت اللعبة بنزق سياسي تحولت معه الدولة التي كانت في طور التشكل الى سلطة في خدمة مجموعات متحالفة قبليا وتجاريا ومذهبيا وكان الخارج حاضر في هذه اللعبة بصورة مباشر حيث يرتبط بعلاقات مع مختلف المجموعات المكونة للسلطة التي انحرفت عن مسار الدولة واخذت وظائفها ليمارسها مراكز القوى في هذا السلطة من القيادات العسكرية والقبلية ومن يشغلون مواقع عليا فيما كنا نسميها دولة ..ومع الوحدة عام 90 تآمل الشعب تفاؤلا تجاه دولة المواطنة والتنمية لكن التفاؤل اخذ يخبو تدريجيا وغاب مع حرب صيف 94 التي انتصر فيها مناهضوا الدولة ومشروعها الديمقراطي ..
ومع العام 2011 تدخل الخارج لتجميد الانتفاضة الشعبية التي استهدفت تغيير رموز السلطة والتي تم وصفها شعبيا بالفاسدة ورفع شعار الدولة المدنية واعادة الاعتبار لثورة سبتمبر واكتوبر ببناء نظام سياسي جديد ..مرة اخرى تتحالف المجموعات السابقة لاعادة انتاج نظامها ضدا على انتفاضة شعب وحركته الاجتماعية الثورية . ولكن هذه المرة من خلال عدوان مباشر على الشعب وكان الخارج منتظر لهذه الفرصة لتدمير اليمن بشكل ثأري وانتقامي تحت غطاء الشرعية وعدوان من الداخل تحت غطاء اخر ..هنا اعلنت القوى الاقليمية انها تخوض حربا في اليمن بينها واليمن ميدان صراع تحولت القوى السياسية الى وكلاء للخارج وتسابق قادة الاحزاب وبعض رموز القبيلة وغيرهم ممن ينشطون عبر الهواية في المجال العام سياسيا وحقوقيا للاصطفاف مع طرفي الصراع بنسختهما المحلية والخارجية ..الواقع ان اليمن تنتهك سيادتها وشعبها يعاني من كل الازمات مع تعميم الفوضى الامنية والعبث السياسي ووفق كل هذه المعطيات ينتظر الجميع حلا من الخارج تارة من مجلس الامن او الاتحاد الاوربي وتارة من الجيران في الجغرافيا وفق حلول ومعالجات اقليمية اولا . لاتكون مصالح اليمن الا ظلا وصورة لمصالح الخارج . هنا يبدو وكأن اليمنيين يتقاتلون من اجل الاخرين في الخارج ومن اجل وكلائهم محليا اي يتقاتلون دون مشروع وطني او سياسي بل تحولوا الى ادوات قتل وتدمير عبثية وهزلية ....
مع العلم ان الخارج حاليا يعمل في اعادة تشكيل نظام سياسي يخدم مصالحه وهنا يتم اختيار افراد وجماعات واعادة توجيه سياسي لأحزاب بذاتها لتكون جميعها في مواقع السلطة القادمة ظنا ان الازمة الاقتصادية ومعانات الشعب ستجبره على عدم الاحتجاج او الثورة ضد النظام الذي يتم تجميع عناصره وجماعاته ..وقد نجح الخارج في كثرا من تحقيق مصالحه داخليا بل وشق صف القوى الوطنية يتقسيمها شمالا وجنوبا وداخل كل مكون سياسي بل وادخل كل مدينة ..هذا التشظي للقوى المدنية يجعل من خصومهم اقرب الى الاندماج واعادة بناء تحالفاتها مرة اخرى ..مع ان المطلوب تعزيز النزعة الوطنية لتكون جاذبة لمختلف القوى الداعمة لمشروع الدولة المدنية -دولة المواطن- وهو الخيار الوحيد الذي ينقذ اليمن من حرب اهلية واسعة قد تستمر لعشرين عام يجعل من اليمن خارج التاريخ .
هنا يمكن القول انه اذا كان للبعض مشروع انفصال او مشروع احتكار السلطة بإعادة نظام سابق للثورة فانه وهم في واقع متغير اقليميا ودوليا . ووهم حتى في قراءة متغير الداخل اليمني ...قد تستمر الحرب والفوضى الراهنة لكن اليمن من المنظور الاستراتيجي ومنظور الاقتصاد السياسي لاتسمح الا بحضور دولة موحدة بالجغرافيا والهوية السياسية وهذا الامر يدركه المراقبون من الخارج ...وهنا يجب ان يفكر البعض ممن لهم طموح ورغبات في السلطة باعتماد مقاربات جديدة في اساليب واليات بناء نظام سياسي يوسع فرص المشاركة واعادة توزيع سلطات المركز .لا ان تكون رغباتهم ونزواتهم الطفولية والهزلية محركا لممارساتهم السياسية ... فالخارج الاقليمي مصلحته سوق وطنية كبيرة في اليمن واستثمار جغرافيتها لصالحهم بعد ان قامت النخب اليمنية بتعطيل جغرافية بلادهم ولم يستثمروها سياسيا نحو اعادة بناء دولة قوية بل بناء دول كبيرة في الديموجرافيا والكوادر البشرية والجيش ..وهم بذلك ذهبوا الى اهانة بلادهم واعتماد انفسهم وكلاء للخارج الذي اصبح اليوم يعبث باليمن ويخطط لمصالحه الاقتصادية والامنية حتى تكون هذا المصالح محل توافق في اجندات الحوار القادم ..فهذا الحوار لن يكون على انهاء الحرب فقط بل تقاسم السلطة وفق المحاصصة كمنهج سيئ النتائج ثم تقاسم المصالح النفطية والغاز والموانئ ناهيك عن استحداث مواقع عسكرية جديدة ...اذا .. طرفي الصراع سلموا اليمن للخارج وسيُجبرون على المصالحة وفق معطيات الخارج اولا ومصالح ضعيفة وهشة لليمن ثانيا وهو النموذج الذي حصل عام 70 .
في نفس السياق وهو المستجد في لبنان من خلال استقالة رئيس الحكومة ..اقول في اطار ربط الموضوع باليمن ..ان ازمة لبنان لن تنتهي حتى يعاد الاعتبار للدولة اللبنانية -دولة كل اللبنانيين - لادولة حزب او طائفة وهي عملية سياسية متعددة الابعاد والتعقيدات وفق تداخل الخارج والداخل بل والنظر الى لبنان كفضاء مكاني وسياسي لصراعات اقليمية ودولية حيث ترسخ هذا الامر مع الحرب الاهلية .. ومع الحل لتلك الحرب وفق اتفاق الطائف كما تم قبله بسنوات كان الحل وفق محاصصة طائفية يتم توزيع السلطة بترويكا ثلاثية غابت معها صورة الدولة الوطنية ..هذا الوضع كان الكثير من الكتاب ذو النزعة الوطنية ينبهون الى مخاطره في عموم المنطقة ونحن كتبنا عن مخاطره في اليمن وكررنا الكتابة بل والحديث المباشر عبر اجهزة التلفزة الا ان الواقع السياسي الراهن وفق تعميم الفوضى والعبث السياسي يؤكد ان اليمن لن تنجو من محاصصة تغيب معها الدولة وتحضر الطوائف والجماعات المسلحة .... اليمن لن يخرج من ازماته ولن يتجاوز المخاطر التي تتهدده الا باعادة الاعتبار للدولة الوطنية التي تكون دولة لكل اليمنيين تمثلهم جميعا وتحمي وحدتهم الجغرافية والسياسية هذه الدولة وحدها جسر عبور باليمن نحو المستقبل ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن