الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعد بلفور ..قرن الرمادة !!

محمد القصبي

2017 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


حين كنا صغارا ..وفي خطونا الأول ..كنا نردد خلف معلمينا :إسرائيل صنيعة الاستعمار.
فإن عادوا بنا إلى الجذور ..وذيلوا عبارة " وعد بلفور" بكلمة المشئوم.. نردد خلفهم : وعد بلفور المشئوم !
هل أخطأ معلمونا؟
..هذا "الوعد".. الذي حلت ذكراه المئة الخميس الماضي ..كان رسالة بعث بها آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا للثري اليهودي ليو نيل روتشيلد الرئيس الفخري للاتحاد الصهيوني يبشره فيه بمباركة الحكومة البريطانية لإقامة وطن لليهود في فلسطين.
وإني كمواطن مصري ..عربي ..في تلك المناسبة الكئيبة لايمكن أن أراه إلا حدثا مأساويا ، حيث تطفح الذاكرة بتضاريس قرن من تداعياته الكارثية..التي لم يسلم منها بيت عربي ،مئات الآلاف سقطوا في ميادين الحروب العربية الإسرائيلية ، وأنظمة ألقت بحلمنا الديموقراطي في أدراج النسيان بحجة أن لاصوت يعلو على صوت المعركة مع اسرائيل ،واهدار موارد الأمة في ميادين الصراع .. بل وماتشهده المنطقة من موجات إرهابية ومازالت يرتبط جينيا بالمشروع الصهيوني ، وقد تكون إحدى الخطوات الأولية في رحلة الألف ميل الشاقة لاجنثاث شأفة الإرهاب رضوخ إسرائيل لنداءات السلام العادل.
ولنتذكر..حين التقى رئيس المؤتمر اليهودي العالمي ناحوم جولدمان برئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن جوريون عن الأوضاع في مصر بعد ثورة 23..فباح له جولدمان بما ظن أنه سيثلج به صدر مضيفه بأن كل ما يعني عبد الناصر ورفاقه تنمية بلدهم ،ولايولون الصراع مع اسرائيل اهتماما.
فإذا ببن جوريون يصيح في انزعاج :تنمية ! هذا أسوا خبر سمعته في حياتي !
إنهم لايريدون لمصر والعرب إزدهارا وتقدما ..أليس هذا أيضا هدفا استعماريا ، بدا جليا في الوثيقة السرية لمؤتمر كامبل بنرمان والذي عقد في لندن عام 1907 وشاركت فيه كل القوى الاستعمارية الأوربية لبحث مستقبل المنطقة العربية، والذي أوصى كما جاء في وثيقته السرية
".:
1. ب "إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة .. حتى لاتمثل خطرا على المصالح الأوربية مستقبلا " ويأتي وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين في إطار هذا الهدف .
في كتابه " محاكمة الصهيونية الإسرائيلية "
أهدانا مفكرنا العظيم روجيه جارودي بعضا مما عثر عليه خلال رحلة بحثه الدؤوبة في دهاليز نشأة الدولة العبرية والتي انتهت إلى أن إسرائيل هي أحد المشروعات الكارثية التي طفحت من بالوعات الاستعمار الغربي ..
ومما أورده جارودي في كتابه..رسالة بعث بها مؤسس الحركة الصهيونية تيودر هرتزل إلى عراب الاستعمار البريطاني في أفريقيا سيسيل رودس..يقول له فيها : لماذا ألجأ إليك ؟ لأنه مشروع استعماري ، وأنا أطلب منك أن تعطي المشروع الصهيوني كل الثقل الذي تمثله سلطتك "
ويستشهد جارودي بهذا الذي قاله هرتزل في كتابه "الدولة اليهودية : من أجل أوربا سوف نبني هناك " يقصد في فلسطين "حاجزا في مواجهة آسيا ، سنكون حراس المقدمة للحضارة ضد البرابرة الأسيويين"!
وخطيئة كبرى أن نقارن بين إسرائيل وأي من صنوف الاستعمار التي انتشرت وتفشت خلال القرنين ال18و19
..فنادرا ما طردت قوى استعمارية شعبا من أرضه ..إسرائيل فعلت ذلك بنزوعها نحو الاستعمار الاستيطاني وشعارها "التفريغ والإحلال " ..تفريغ الجغرافية من سكانها العرب ..وتوطينها باليهود " ..بل تفريغ التاريخ من مكنوزه العربي الفلسطيني ،والاستماتة في إلباسه الطاقية اليهودية ، وكما نرى ..مئات المدن والقرى نزعوا عنها أسماءها العربية واستبدلوها بأسماء عبرية ،بل ويحاولون"هرمنة" التاريخ اليهودي بأساطير للأسف وجدت من يصدقها في الغرب إلى حد الاعتقاد بأن تاريخ الشرق الأوسط نهر يفيض بالمجد اليهودي !!أما الحضور الفرعوني والبابلي والفينيقي فكان هامشيا !!
الأمر الذي دفع المؤرخ البريطاني العظيم أرنولد توينبي إلى القول خلال مناظرة تليفزيونية عام 1956مع السفير الإسرائيلي في كندا بأن مشروع الدولة العبرية أبشع جرائم التاريخ .
لقد صفعت جماعة المؤرخين الجدد التي ذاع أمرها في مطلع ثمانيينيات القرن الماضي الإسرائيليين بحقيقة دولتهم ،حين أعلنوا أن أبحاثهم العلمية وتنقيباتهم لم تصل إلى أي دليل على صدق الروايات التاريخية التي اتكأت عليها الحركة الصهيونية في إقامة الدولة العبرية ..لاهيكل ولاأرض ميعاد ولاشعب الله المختار ..لاشيء ..لاشيء يدعم تلك الأساطير التوراتية!
حينها قال يوسي ساريد وزير التعليم في حكومة إسحاق رابين :لكن إسرائيل الآن واقع !
نعم ..هي واقع ..وغالبية العرب يتقبلونها واقعا..
لكن الشعب الفلسطيني أيضا واقع ، بل وجغرافية وتاريخ..
وله الحق في دولة ذات سيادة ،عاصمتها القدس !
فهل تقبل إسرائيل بالواقع الفلسطيني ،بحل الدولتين ؟
الكرة الآن في ملعب الإسرائيليين ..ودوما ..كانت في ملعبهم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة