الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقائق وأرقام أمام الحكومة العراقية القادمة !!

كريم عبد

2006 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تقول نظرية اقتصادية معروفة : ( أن صناعة الثروة تعتمد على ثلاثة عوامل هي المعلومات، والمعرفة، والكفاءات البشرية التي تتصرف بالمعلومات على ضوء ما تملك من المعرفة ) أي المنهج العلمي في تحليل الظواهر وحركتها. لكن في العراق الجديد يحدث العكس تماماً حيث لا توجد مراكز معلومات وبحوث يُعتد بها، والجهات الرسمية غير مهتمة بالمنهج العلمي في سياساتها الاقتصادية لأن الأيديلوجيا والحزبية ما تزال مهيمنة على المشاعر والعقول. أما الكفاءات العراقية العلمية والإدارية فهي أما مهاجرة أو مهملة في الداخل ويستعاض عنها بالحزبيين والمحسوبين وغالبتهم أنصاف متعلمين !! لذلك بدل صناعة الثرورة لحماية الاقتصاد والمواطن فأن ما يحدث في العراق عملياً هو العكس تماماً حيث الثروات الكبيرة المتوفرة من عائدات النفط يتم تبديدها عبر عمليات الفساد المالي المنظم !! بدل حمايتها واستثمارها لمصلحة الدولة والمجتمع !!
لذلك يمكن القول : بغض النظر عن صيغة الحكومة العراقية القادمة، أكانت حكومة وحدة وطنية أم حكومة استحقاق انتخابي، فثمة مخاطر جدية تهدد أمكانية استمرارها، ما سيزيد من معاناة المواطنين الذين لم يعد بوسعهم تحمل المزيد، ويؤثر سلبياً على سياق ومستقبل النظام الديمقراطي الوليد من جهة أخرى، إلا إذا أقدمت الحكومة على مبادرات نوعية تنقذ المجتمع والدولة من مضاعفات سقوط الحكومة المحتمل بحكم المخاطر القائمة !! وإذا تساءلنا: ما هي هذه المخاطر ؟! نجد أنها تكمن في (الرؤية السياسية) و(أسلوب العمل). فالرؤية السياسية لقائمة الأئتلاف وبقية الأحزاب العراقية النافذة أيضاً، ما تزال أسيرة للثقافة الانقلابية، لذلك وجدنا الفائزين في الانتخابات والأقل فوزاً والخاسرين أيضاً يتصرفون وكأن الانتخابات هي نوع من إنقلاب عسكري. فالخاسر يشعر وكأنه مهزوم نهائياً !! أما الفائز فيعتقد أن له حق التصرف بالدولة والمجتمع على هواه !! وهذا ما فعلته، إلى حد ملحوظ، حكومة الأئتلاف السابقة المستمرة بتصريف الأعمال، حيث فازت آنذاك في انتخابات أكثرية مجالس المحافظات أيضاً، ما صعّد عندها نزعت الهيمنة التي تتناقض مع المفاهيم العلمية لإدارة الدولة، متجاوزةً على الأعراف الديمقراطية في اختيار المسؤولين عن مؤسسات الدولة وفقاً للنـزاهة والكفاءة. فأصبحنا نجد محافظاً كفاءته الشهادة الابتدائية لأنه مجاهد سابقاً !! أو تعيين معلم متقاعد مديراً عاماً للتربية والتعليم في محافظة أخرى !! أما في إدارة الوزارات فأن تراجع الخدمات وتعطيل المشاريع الضرورية وشيوع الفساد الأدراي والمالي، يدل على (نوعية) الكادر وأسلوب العمل والرؤية السياسية التي تقف وراءهما. وإذا كان هذا غيض من فيض ما يقوله الشارع العراقي، فإن قائمة الأئتلاف تغامر بمستقبلها السياسي إذا لم تغير من رؤيتها وأسلوب عملها، بل هي ستُغرق الدولة العراقية الجديدة معها في أزمات يصعب تصور الخروج منها بسهولة، وذلك لأن الهيمنة الحزبية والمحسوبية السياسية وبروز (وجوه مشرقة) من الانتهازيين (المـنَظمين و الأذكياء) أدى إلى تحول الفساد المالي والإداري إلى ظاهرة أخطر من الأرهاب في تأثيراتها السلبية على الدولة والمجتمع !! لقد أدى غياب المنهج العلمي والرقابة الفعالة في إدارة الدولة إلى أستنـزاف منظم لموارد الخزينة !! فهناك مليارات الدولارات تذهب هدراً كل عام، أي دون أن تعود بفؤاد ملموسة لا على خزينة الدولة ولا على سوق العمل ولا على توفير الخدمات أو إعادة بناء البنية التحتية للبلاد !! فهناك ستة مليارات دولار تُدفع سنوياً ثمناً لاستيراد المشتقات النفطية أي المحروقات، في حين أن نصف هذا المبلغ، كما يقول متخصصون في شؤون النفط، يكفي لأنشاء مصانع ومصافٍ تُنـتج حاجة السوق المحلية من المحروقات. لكن بعض المسؤولين لهم رأي آخر يقول ( لا جدوى اقتصادية من تصنيع المشتقات النفطية لأنها تباع في العراق بأقل من كلفتها، أنها الأقل سعراً بين كل دول المنطقة ) !! وهذا ( التبرير) لإبقاء العراق متخلف صناعياً لا يمكن أن يكون اعتباطياً، ما دفع العديد من المطلعين إلى وضع علامات استفهام كبيرة حول حقيقة أزمة المحروقات ومبررات انفاق هذا الرقم الفلكي لاستيرادها في بلد يطفو على بحيرة نفط ويعيش أكثر من نصف مواطنيه في حالة فقر أو تحت خط الفقر !! والأغرب من ذلك، وقبل رفع أسعار المحروقات، كانت رئاسة الوزارة ووزارة المالية تتباهى بالقول أن أسعار المحروقات في العراق أرخص من سعر الماء !! ولكن ماذا عن الستة مليارات دولار سنوياً ؟! أليست هي من خزينة الدولة أي من أموال العراقيين ؟! فكيف أصبحت أرخص من الماء وهي تكلف الدولة والمجتمع هذه المبالغ الهائلة ؟!
أما رفع أسعار المحروقات بحجة الحيلولة دون تهريـبها ولتوفير ميزانية للعوائل الفقيرة وأيضاً تلبية لشروط صندوق النقد الدولي. فأن ثقافة سياسية من هذا النوع ستقود البلاد إلى ما هو أسوء، لأن دعم العاطلين والعاجزين عن العمل يجب أن ينظمه ( قانون الضمان الاجتماعي ) وليست صدقات الحكومة التي يجب أن تحمي المحروقات من التهريب لا أن تتناسى الجريمة الايرانية بقتل أحد الجنود العراقيين وأعتقال تسعة أخرين وهم يلقون القبض على سفينة لتهريب النفط يقودها مهرب إيراني منتصف يناير ( كانون الثاني ) الجاري !! فكيف سنوقف عمليات تهريب النفط والمحروقات إذن ؟! أما صندوق النقد الدولي فينبغي تأجل شروطه إلى أن تكتمل دورة المال والاقتصاد في البلد. وإذا كانت قروضه تصبح وبالاً على الدولة والمجتمع فما الحاجة إليها إذن ؟! وتقول مصادر مطلعة أن أزمة المحروقات مفتعلة حيث يمكن تصنيعها محلياً وسد حاجة السوق، لكن هناك جهات مستفيدة من (عمولات كبيرة) عبر صفقات أستيراد المحروقات بهذه الأرقام الفلكية، وأن هناك أوراقاً لها طابع الفضيحة ستُكشف قريباً كما تؤكد تلك المصادر.
وفي بلاد المهندسين والكفاءات العلمية يستمر انقطاع الكهرباء للسنة الثالثة، بينما تمتلأ البلاد بالمولدات الكهربائية، حيث أصبح العراق أكبر مستورد لأسوء أنواع المولدات الكهربائية !! ما يضع علامة أستفهام كبيرة على حقيقة أزمة الكهرباء، حيث يتحدث البعض علانية عن شبكة ( مصالح ) بين بعض المسؤولين وبين الشركات المستفيدة من تجارة المحروقات والمولدات الكهربائية !! بينما لم يعد أحد يتحدث عن الخمس مائة مليون دولار التي لا أحد يعرف عنها شيئاً أيام وزارة الكهرباء السابقة، والتي تحدث عن فقدانها صراحة وزير الكهرباء الحالي !!
وإذا كان مشروع إعادة البنية التحتية كشبكة الري والبزل والمواصلات والكهرباء وغيرها ما زال مهملاً، فكيف يمكن الحديث عن تطور زراعي أو صناعي بدونها !! ونجد أيضاً أن أرباح الموانيء المجاورة التي تورد المواد الاستهلاكية للعراق تبلغ ألف مليون دولار سنوياً، وتكلف مواد ( الحصة التموينية ) خزينة الدولة أربع مليارات دولار سنوياً، في حين يستطيع العراقيون أنتاج جميع المواد الاستهلاكية بما فيها الحصة التموينية محلياً لو استطاعت الدولة أن توفر لهم البنية التحتية وتصنّع المحروقات محلياً، وهذه من أبسط واجبات الدولة في جميع بلدان العالم. ولو حققت حكومتنا ذلك لاستطاعت أن تحرك سوق العمل وتقضي على البطالة المتزايدة وتقلص فرص الأرهاب، كما سيؤدي أنتاج واستهلاك بضائع بأكثر من عشرة مليارات دولار إلى تنشيط دورة المال والاقتصاد المتعثرة. وعلينا أن ندرك أنه وبالاضافة إلى هذه النفقات الباهظة، بأن الخسائر اللاحقة بالاقتصاد العراقي جراء غياب الانتاج الصناعي والزراعي لسد الحاجة المحلية، تقدر بعشرات مليارات الدولارت التي يمكن توفيرها من حركة سوق العمل والاستثمار والتجارة الداخلية. كما أن هذا الخلل في الميزان الاقتصادي الذي جعل العراق مستورداً ومستهلكاً فقط، يجعل من الصعوبة الحديث عن دورة مال واقتصاد متوازنة في بلد كبير كالعراق. ونستطيع هنا أن نتحدث عن العواقب التي سرعان ما تتبلور كالتضخم الذي يعني أرتفاع غلاء المعيشة وهبوط قيمة العملة المحلية أكثر فأكثر، وأبسط دليل هو ما يحدث الآن جراء رفع أسعار المحروقات، وفي ظل هذه الأوضاع فأن الحديث عن حل أزمة السكن أو تطوير الخدمات أو الأرتقاء بالتعليم والتعليم العالي، سيكون مجرد حبر على ورق.
الأكثر غرابة أن هذه الأخطاء مستمرة ونهب أموال الدولة مستمر !! ولا يتحدث الفائزون ولا الخاسرون في الانتخابات عن برامج جديدة لمعالجة هذه الأزمات، بل الحديث يدور عن الطوائف والقوميات والمناصب والوزارات وليس عن البرامج وحل الأزمات !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب