الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصة العائلية لفرويد

رحيم العراقي

2006 / 2 / 22
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كتاب : القصة العائلية لسيغموند فرويد يتناول حياة احدى الشخصيات التي كان لها تأثيرها الكبير على الفكر الغربي خلال القرن الماضي.. مؤلفة الكتاب غابرييلا روبان وهي عضوة في جمعية التحليل النفسي الباريسية تعود الى الظروف الاسرية التي عاشها اكثر المحللين النفسانيين شهرة في جميع العصور.
ان القصة العائلية لفرويد تبدأ منذ تاريخ 29 يوليو 1855 عندما تزوجت الفتاة الشابة اماليا التي لم تكن قد بلغت الثامنة عشرة من عمرها بالمدعو جاكوب ابن الاربعين عاما في مدينة فيينا. لم تكن اماليا قد عرفت جاكوب الا منذ فترة قصيرة من العمر والذي كان يكبرها بعشرين سنة. لقد كان زواجا مدبرا بعيدا عن العواطف، لكنه اثمر ثمانية اطفال خلال عشر سنوات كان الابن الاكبر لهذه الاسرة كبيرة العدد يدعى سيغموند المولود رسميا بتاريخ 6 مايو من عام 1856.
وتتساءل المؤلفة عن الاسباب الحقيقية التي جعلت اهل أماليا يؤيدون بحزم زواجها من جاكوب رغم فارق السن الكبير بينها وبينه. تقول لقد وجدوا من الطبيعي ان تتزوج فتاة من مدينة كبيرة مثل فيينا وهي فتاة ذكية وجميلة لكنها مع هذا كله قبلت ان تدفن نفسها في مدينة فريبورغ كزوجة لرجل مخضرم كان قد اصبح جدا بعد ان كان قد غدا ارمل لمرتين.
ان مؤلفة هذا الكتاب تجد في القصة العائلية لفرويد الخلفية الحقيقية التي تؤسس للأفكار التي طرحها في ميدان التحليل النفسي وتجد مرجعياتها في كتابات فرويد نفسه الابن. ان سيغموند فرويد وكما يقول بدأ منذ ان كان مراهقا يبلغ السادسة عشرة من العمر يتساءل عن حقيقة ابوة والده جاكوب له ان مثل هذه الشكوك تعيدها المؤلفة الى واقع أماليا قد تزوجت من ابيه قبل عرسها حيث انها انجبت ابنها البكر سيغموند بعد سبعة اشهر فقط من اعلان الزواج وهذا يطرح العديد من الاسئلة التي لم يتجرأ احد على طرحها كما تشير المؤلفة وخاصة فيما يتعلق بمعرفة هوية أب ذلك الطفل الذي اصبح فيما بعد مؤسس التحليل النفساني».
على قاعدة مثل هذه التساؤلات تذهب مؤلفة الكتاب في تحقيقاتها وكأن الامر يتعلق برواية بوليسية حقيقية انها تثير الشكوك حول الاسباب الحقيقية لزواج جاكوب والد سيغموند وأماليا امه وعما اذا لم يكن ذلك الزواج نفسه بمثابة حل لـ «مشكلة» كانت أماليا واهلها يواجهونها ولذلك قبلوا بل اندفعوا بصفقة زواج غير متكافيء بكل الحالات وأمام التساؤلات المطروحة تجد المؤلفة تفسيرين أساسيين.. فإما ان تكون اماليا قد عاشت مغامرة مع رجل آخر كان اهلها لا يريدون ان تتزوج منه بأي شكل من الاشكال ولذلك جاء الزواج من اجل فصلها عنه نهائيا وإما وهذا هو التفسير الثاني انها كانت قد حملت سفاحا من رجل لا تستطيع ان تتزوجه فلربما انه كان متزوجا أو كان من عقيدة دينية اخرى.. وذلك في الوقت الذي كان فيه حمل المرأة قبل الزواج بمثابة اسوأ ما يمكن ان يقع لفتاة كما تشير المؤلفة.
وتجد غابرييلا روبان مادة لتحقيقها حول القصة العائلية لفرويد في عالم الاحلام الذي كان قد اثار اهتماما كبيرا لدى المحلل النفساني الكبير نفسه والذي كان قد لجأ كثيرا الى تفسير الاحلام وما تمثله في عالم اللاوعي لدى البشر كي يبني على اساسها تفسير سلوكياتهم. وكان جاكوب والد سيغموند رسميا قد توفي في اواخر شهر اكتوبر من عام 1896 وبعد دفنه بفترة بسيطة رأى الابن سيغموند حلما اطلق عليه تسمية الرجاء ان تغلقوا عيونكم، وقد اصبح هذا الحلم مشهورا في عالم التحليل النفسي اذ رواه صاحبه برسالة كتبها بتاريخ 2 نوفمبر 1896 الى احد اصدقائه وقال فيها بأن تفسير هذا الحلم وربطه بوفاة الأب قد حرره كثيرا ليعرف بعده ولأشهر طويلة حالة من الفرح والتوازن النفسي والصحة البدنية الممتازة وخاصة النشاط الفكري المزدهر. وقد اعتبر فرويد ابان تحليله لمشاعره حيال ابيه الذي اغمض عينيه قد كان له اثر تحرري بالنسبة له.
لكن مؤلفة هذا الكتاب تقدم تفسيرا آخر لـ «الحلم الشهير» اذ ترى بأن حالة الحبور والتفتح التي عاشها سيغموند فرويد لأشهر طويلة بعد هذا الحلم انما تعود في الواقع الى قرار واع كان قد اتخذه وكان له في الواقع اثر تحرري بالنسبة له اذ انه قد قرر ان يغمض عينيه هو شخصيا على الشكوك التي كانت تحوم باستمرار في رأسه وتسمم ايامه وحياته كلها والمتعلقة بمسألة ابوة والده الحقيقية له. وترى المؤلفة وهي محللة نفسانية ايضا بأن شكوك فرويد حيال قصته العائلية «وجدت صداها ايضا في كتاباته وخاصة عندما تحدث عن القصة العائلية للمأزوم نفسيا وربط مثل هذه الازمة بواقع ان هدية الاب تقبل دائما التشكك حيالها بينما ان هدية الام ثابتة يقينا ومجرد ان يتم طرح مثل هذه المقولة في رأس اي طفل او بالغ يبدأ الشك في حقيقة ابوة الاب وضمن هذا الاطار ايضا اكد سيغموند فرويد في ابحاثه على ما اسماه بـ «عقدة اوديب» الموجودة لدى الاطفال وانما التي يتم كبتها بقوة في الاسر الكلاسيكية وتشير المؤلفة هنا الى ان اسرة سيغموند فرويد كانت وبحكم طبيعة تركيبها بعيدة كل البعد عن الصيغة الكلاسيكية.
وتؤكد المؤلفة في تحليلاتها بأن القصة العائلية ليسغموند فرويد كانت احد الاسباب الرئيسية في توجيه حياته المهنية نفسها اذ هي التي حولته عن السعي لتحقيق حلمه بأن يصبح قائدا سياسيا كما ان تلك القصة العائلية قد ادت الى تشوش علاقاته مع ابيه نفسه ومع امه. لقد كان سيغموند يبدي باستمرار احترامه الشديد لابيه جاكوب رغم ان هذا الاب لم يكن ذلك البطل الذي يتمناه رمزا لـ «المجد» كما كان الامر في العصور القديمة لكنه كان يحس دائما بالتعاطف معه في مسألة زواجه من امه اماليا رغم انه ربما كان يدرك ما هو مقدم عليه لكن سيغموند كان بالمقابل قاسيا باستمرار مع والدته التي كان يشك بانها غير مستقيمة كان الشك قائما اما عدم الاستقامة فربما انها كانت قائمة في الواقع او انها مجرد شطحات خيال.. ووصلت قسوة سيغموند فرويد حيال امه انه لم يذهب لحضور دفنها الامر الذي كان يمثل فضيحة في فيينا عام 1930.
كتاب عن القصة العائلية لـ «أب التحليل النفساني» بـ «ابيه»، و«امه» وفي قالب بوليسي قد يثير اهتمام «المفتش كولومبو» نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي