الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصوات حكيمة واصوات المراهقة السياسية

جاسم هداد

2006 / 2 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


المتابع لما يترشح من اللقاءات الجارية الآن بين القوى السياسية العراقية ، وما تتناقله الصحف ووكالات الأنباء من اخبار مقابلاتها مع هذا السياسي أو ذاك ، يمكنه ملاحظة ان هناك اصواتا تنطق بالحكمة والتعقل ، وتضع نصب اعينها مصلحة الوطن والشعب ، مراعية للظروف التي يمر بها وطننا وهو لازال يأن من احتلال قوات اجنبية ، ولا زال لم يستطع لغاية الآن من تضميد جراحه النازفة التي خلفها نظام البعث الفاشي المقبور ، والتي تزيد من آلامها العمليات الأرهابية التي تقوم بها القوى التكفيرية وازلام النظام البائد والميلشيات الحزبية .

فيؤكد سياسي عراقي على ان ضرورة تشكيل " حكومة الوحدة الوطنية " تفرضها متطلبات الظروف الحالية التي يعيشها عراقنا الحبيب ، مؤكدا على ضرورة مشاركة القيادات السياسية في صنع وصياغة القرار السياسي الأستراتيجي ، وهذا الصوت العاقل الحكيم ينطلق من قراءة موضوعية واقعية للظروف الآنية التي يمر بها وطننا .

و صوت عقل وحكمة آخر يؤكد على ان هذه الظروف الآنية لا تسمح " للحزب الفائز بالأنتخابات ان يحكم العراق " على غرار الدول الديمقراطية ، والتي نتمنى ونناضل من اجل بلوغ هذه المرحلة ، ويؤكد هذا الصوت العاقل الحكيم على ان العراق في ظل هذه الظروف لا يمكن ان تحكمه " طائفة واحدة ولا جبهة واحدة ولا قائمة واحدة ويجب ان يكون هناك تحالف وطني "

ويصرح عاقل وحكيم آخر بأنه " لابد من برنامج وطني وآلية يتفق عليها الجميع " ، وهذا البرنامج الوطني اصبح مطلوبا وضروريا لأنقاذ البلاد من الفوضى التي تعيشها ، والتدهور الحاصل في كافة المجالات الأمنية والخدمية والأدارية .

وصوت حكمة وعقل يرتفع عاليا قائلا ومحذرا ان الذي " يصر على وضع خطوط حمراء يضع نفسه هو خارج هذه الخطوط " ، ومنطلقا من الحرص على مصلحة الوطن فيؤكد على ان " الأستحقاق الوطني هو السائد في رسم السياسة وتقرير المصير وادارة وقيادة البلاد " .

وتؤكد اصوات الحكمة والعقل ، والتي تضع مصلحة العراق فوق مصالحها الحزبية الضيقة والشخصيةعلى " اعتماد الوحدة الوطنية خيارا لصنع القرار السياسي " ، واعتماد مبدأ " الشراكة السياسية " ، وبنفس الوقت فأن هذه الأصوات العاقلة الحكيمة لا تلغي نتائج الأنتخابات او ما يسمى بالأستحقاق الأنتخابي ،فتؤكد على احترامه وتشير الى انه يمكن اعتماد ذلك في " توزيع المناصب والوزارات " ، أي اخذه بنظر الأعتبار .

بينما في الجانب الآخر نسمع اصوات من يضع المصالح الحزبية الفئوية الضيقة ومصالحه الشخصية فوق مصلحة الوطن ، غير مقدر للظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها الوطن ، وغير آبه لمعاناة ابناء الشعب العراقي والتي اخذت بالتزايد شهرا بعد شهر ، هذه الأصوات تردد معزوفة " الأستحقاق الأنتخابي " ، وكأن العراق يعيش في ظروف طبيعية ، وبذلك يحق للحزب الفائز بأكثرية الأصوات تشكيل الحكومة ، وكما يحصل في البلدان المستقرة ، وتتناسى هذه الأصوات انها لا تستطيع السير لعشر خطوات لوحدها وبدون حراسها في أي شارع من شوارع بغداد ، وهي تقبع في المنطقة الخضراء المحمية من قبل قوات الأحتلال ، وتطلق تصريحاتها النارية .

بعض أصوات المراهقة السياسية ، والدخيلة على السياسة ، تضع خطوطا حمراء على مشاركة قوى سياسية ، وبعض هذه الأصوات النشاز تقدم النصيحة لقوى سياسية بـ " اتخاذ جانب المعارضة لكي تستطيع الأطلاع على ما تقوم به الحكومة ومحاسبتها على الأخطاء التي تقوم بها " ، وهذه النصيحة تقطر دجلا ونفاقا ، وهي حقا " كلمة حق يراد بها باطل " .

صوت آخر وهو عضو في مجلس النواب الجديد ، يدعي بأن " تشكيل حكومة تضم جميع القوائم الفائزة في البرلمان من شأنه اضعاف الحكومة ، اذ لن تكون هناك معارضة تراقب عمل الحكومة " ، وهذا النائب صاحب التحليل العبقري ، يستخدم مفردة البرلمان ، ويبدو انه لا يعرف ان التسمية الجديدة هي " مجلس النواب " ، ويبدو انه يجهل ايضا مهمة النائب وهي دور مراقبة السلطة التنفيذية ، أي مراقبة عمل الحكومة .

صوت من هذه الأصوات يؤكد على " تشكيل حكومة مشاركة تقوم على اساس الأنتخابات " ويشترط عدم تجاوز " الأستحقاق الأنتخابي " ، ونسأل صاحب هذا الصوت ، ان بلد يمر بظروف لا تستطيع ان تحمي فيه نفسك ، هل تكون الأسبقية لـ " الأستحقاق الوطني أم الأنتخابي "؟ .

ويصر صوت آخر على تمسك قائمته الأنتخابية بحقيبة وزارة الداخلية ، وان قائمته هيأت عشرة مرشحين لشغل هذه الوزارة ، وان قائمته لن تتنازل عنها ، وان قائمته متمسكة ايضا بوزارات النفط والمالية والتربية والنقل والسياحة والآثار والصحة ، ويضيف ان قائمته " تسعى للحصول على وزارة الخارجية بدلا من المالية " .

وصوت آخر يرى ان يكون تشكيل الحكومة من المكونات الرئيسية للشعب العراقي ، ويفهم هذه المكونات بـ " شيعة سنة كرد " ، ويرى هذا الصوت ان القائمة العراقية " لا تمثل قومية معينة او طائفة معينة " وصاحب هذا الصوت نائب في مجلس النواب الجديد ، وكما يقال " حمل جمال من هذا المال " .

وهذه الأصوات تروج لمبدأ " المشاركة السياسية " أي اتفاق ثنائي لكتلتين انتخابيتين يشكلان الأغلبية البسيطة التي يتطلبها تمرير التشكيلة الحكومية ، ودعوة من يريدون للمشاركة في الحكومة ، أي بوضوح شديد ، العودة لمبدأ " المحاصصة الطائفية " سيئة الصيت ، أي يريدونها حكومة " شيعة سنة كرد " ، ولا يريدونها حكومة لكل العراقيين .

كل مخلص لهذا الوطن وتهمه مصلحته ، وكل صاحب ضمير حي ، لم يفسده المال السياسي ، وكل صاحب عقل لم تصدأه ثقافة البعث الفاشي ، عليه التمعن مليا بين هذه الأصوات والتمييز بينها ، ولنرفع الأصوات عاليا بالتأييد لمن نراه يريد خير هذا الوطن الذي آن الأوان لجراحه ان تلتئم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار