الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطلوب.. موقف اخلاقي من العولمة..!

وديع العبيدي

2017 / 11 / 12
العولمة وتطورات العالم المعاصر



دينمو الحياة الانسانية هو الحوار. والحوار لا يكون الا عقليا. ولا يكون الحوار عقليا الا بالمنهجية الفكرية والخطاب الثقافي. ولا مناص للحوار والخطاب من المنطق الجدلي: جدلية عقلية او تاريخية. ومن اجل اشتغال الجدل لا بد من وجود طرفين. فالجدل/ الحوار في هاته الحالة هو طرف ثالث، وليس تابعا او خاضعا او مرائيا احد الطرفين او كلاهما.
ومن ازمات عصر النت او العولمة او الدكتاتورية الامبراطورية الامريكية، هو غياب الحوار وانعدام فرصه وارضيته ومستلزماته التقنية. فحيث يسود مزاعم الحوار كون حوار طرشان، وحيث زاد الحديث عن الدمقراطية والشفافية، صارت الدمقراطية والكلمات مضغة بلا طعم او طائل.
وليست ثمة اكثر خيبة وخطورة مما ينسب لانقلاب الشيء الى ضده عند بلوغ ذروته. فالواقع ان (الثقافة) لم تصل ذروتها، لتبرير انقلابها الى ضدها. ولا بلغغت (الحداثة) ذروتها حتى تبرر انقلابها لما يضادها. ومثل ذلك ينطبق على الحوار والدمقراطية والتنمية والتطور، بله الانسان. والواقع ان مشروع النهضة والتنوير والتحديث، لم تكد تكتهل في الغرب الاوربي، حتى وصول الراسمالية مضيق ازمتها، ودنو الهيمنة الامبريابية من زوالها، حتى هرع العقل التسلطي العالمي -وريث روما وبيزنطه الامبراطورية-، الى شل عملياتية مشروع النهضة التنوير والتحديث الاوربي، واعادة عجلة التطور البشري القهقرى، لتقنين التطرطر والفساد والطلامية السلفية والاصولية ومحاصرة التطلع الانساني لمستقبل زاهر ونبيل.
عولمة اليوم حصرت البشرية داخل مثلث جامد ومتخلف، لا مجال لها غير التحرك بين زواياه الميتة [سلطة- مال- دين]!. ان امل الانسان الكاذب هو تملق احدها، طريقا لمراوغة البقية. ومعارضة احدها يقود الى معارضة سواها. الانسجام والتكيف والشفافية والدمقراطية وما اليها من افكار، هي البراغماتية الانتهازية والقبول والتماهي في مشروع العولمة/ الامركة السائد. اما معارضة ورفض او عدم فهم الصول العبة، فينتهي الى فتح ابواب جحيم العولمة على الرافض.
فالدمقراطية المعولمة هي قبول السائد، وبالتعبير المستهلك الانصياع الامر الواقع. في موجة متأخرة من ادب القرن الماضي، تتحول شخصيات السياسيين، الثوريين والمناضلين الى شخصيات تجارية، تتولى التوسط في صفقات، محافظة على صورتها الكارزماتية الخارجية، ولكن بمحتوى تجاري مستهلك. هذا هول حال المناضلين الثوريين واليساريين السابقين هذا اليوم. افكار الثورة والتحرير والقومية والتنمية وبناء الاوطان رطانة لا يحتملها صدر الامركة. فاين هو النضال القومي اليوم؟.. اين هو العمل اليساري والنضال الطبقي اليوم؟.. اين هو الفكر اللانساني والخطاب الثقافي المستنير اليوم؟.. اين هو الامل الثوري والتطلع الانساني الشريف؟.. كل ذلك انتهى اليوم في خبر كان، لتقاطعه مع مشروع الراسمالية الامبريالية الذي تزعمته الولايات المتحدة في ربع القرن الاخير، وجعلته عنوانا للقرن الجديد وما بعد احداث نيويورك!.. بضربات مباشرة مكشوفة تم ازاحة الحكومات الوطنية من الخريطة الدولية، عقب ازاحة المعسكر الاشتراكي السوفيتي من الوجود.
العولمة هي العالم المزور، المنقلب على رأسه. وكل ما في العولمة، مقلوب على رأسه، بما فيه الانسان والافكار والمنظومات.
الحوار والدمقراطية وحقوق الانسان، كانت المضغة الاميركية التي تم التلويح بها لاتهام البلدان والثقافات غير المنضوية تحت العلم الانكلوميركي. وبقية العقل الثقافي العربي وغير العربي، لم يجب عن سبب ازاحة انظمة علمانية تنموية بقرار دولي، والتغافل عن انظمة سلفية غير علمانية، لا تقل وحشية وجورا عن سواها؟.. وما حصل اليوم، بقيادة الجيل الثالث من مدراس الاستشراق وما بعدها، اعادة البشرية الى انفاق العصور الوسطى التي سادتها الاقطاعيات/ الراسمالية الدينية المناوئة للعقل والعلمنة والتطلعات التقدمية والانسانية، وبدل العمل بالتنوير المعارفي، جرى تحويل المال الى (اله معبود)، والمادة والتسليع ديانة وطقوس يومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ