الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة فتح ...والحراك التنظيمي المطلوب!!!

محمد بسام جودة

2006 / 2 / 23
القضية الفلسطينية


إن دخول حركة المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في عامها الواحد والاربعين ودخولها بأطرها وكوادرها السياسية والجماهيرية والميدانية ، مع باقي التنظيمات الفلسطينية الأخرى وجماهير شعبنا الفلسطيني في السنة الخامسة من الانتفاضة الفلسطينية الباسلة وما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية بصعود حماس للمجلس التشريعي بأغلبية أصبح من الضروري إيجاد جو من التأمل والتفكير والمراجعة والتقييم لمسار الحركة ومدي انسجام وتحقيق أهدافها في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات وتشابكت فيه السواعد السمراء مطالبة بالتغيير داخل صفوف الحركة وضخ دماء جديدة في الجسد المتحجر ، والذي من شأنه أن يحدث تغيير ديناميكي وفعال ومؤثر يعكس بظلاله علي الواقع السياسي الفلسطيني بشكل خاص و المتغيرات السياسية التي تعيشها المنطقة بشكل عام .
إن هذه الحركة التي تعتمد على المركزية المطلقة في تحديد سياساتها والسيطرة على مواردها وإدارة أوضاعها، في حين أنها تنتهج ديمقراطية، تكاد تكون مطلقة، في مجالات الرأي وتشكيل المنابر أو الجماعات وفي إدارة أوضاعها وشؤونها اليومية، باتت تعيش أزمة حقيقية في هذه المرحلة بسبب التحجر والتيبس التنظيمي في المواقع والهيئات المختلفة لاسيما العليا منها داخل صفوف الحركة والذي أدي إلى امتعاض الكثيرين من قياداتها وأعضائها وعناصرها وعدم رضاهم عن هذا الوضع الذي أصبح وكأنه ورث تاريخي لايمكن التخلي عنه أو تجديده واستحداثه فهذه خطوط حمراء علي السادة أعضاء وعناصر الحركة عدم الاقتراب من هذه الخطوط ، بالرغم من أن حركة فتح لديها الكثير من الأعضاء الذين يمكنهم أن يتقدموا في مواقع تنظيمية عليا و يقودوا مشوار الحركة بشكل أكثر نهوضاً وتفعيل وتأثير لدور الحركة التنظيمي والجماهيري والميداني ،ولكن ما يجري علي الساحة التنظيمية للحركة حالياً.
وإذا تسائلنا هل للتجديد والتغيير في حركة فتح من مناصر !!!؟
للإجابة علي هذا السؤال سوف نتوقف عند أحداث 7/2/2004م التي قدم فيها نحو أربعمائة من كوادر الحركة وأعضائها استقالة جماعية لعدم اتخاذ قيادة فتح موقفا في وجه العدوان الإسرائيلي وأيضا في وجه الفاسدين، أو الذين قصروا فى تحمل واجباتهم. وأعاد المستقيلون تجاهل قيادة "فتح" اتخاذ موقف هنا وهنالك إلى قوة الفاسدين. "فالقاضى القاتل ما زال قاضيا، والمدعى العام تاجر السلاح ما زال على رأس عمله: والوكيل.. والمحافظ..". وألقى المستقيلون حزمة من الأضواء على "تهميش المناضلين والكفاءات"، في الوقت الذي أصبح فيه منهج الشخصانية سائداً بشكل لم يعد يحتمل في الساحة الفلسطينية والذي عززه استئثار شخص واحد بالقرار السياسي الفلسطيني، لذا رأيناهم يحملون مسئولية تآكل حركة "فتح" وشعبيتها لمفوضية التعبئة والتنظيم و اللجنة المركزية فى "فتح". بينما الأزمة أعمق من ذلك وهى الأزمة الضاربة بجذورها عميقا فى التاريخ الفلسطيني المعاصر عموما، وفى تاريخ "فتح" خصوصا هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية تقف الحركة الآن أمام مفترق طرق جديد لمجموعة التغيرات التي حصلت خلال هذه الفترة والتي كان من أبرزها استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات ومن بعده ما جري من انتخابات محلية للبلديات ومن تم الانتخابات التشريعية التي أفرزت نتائج لم تكن فتح او حماس التي حازت علي أغلبية في البرلمان ان تتوقع تلك النتائج ، يأتي هذا في الوقت الذي ينادي فيه بعض رموز الحركة بتشكيل حزب كاديما فلسطيني علي غرار حزب شارون الجديد، وأيضا بضرورة عقد المؤتمر العام السادس للحركة الذي لم يعقد منذ حوالي ستة عشر عاماً .
إن أزمة فتح تتجلى، أيضا، في مجالات السياسة والبنية التنظيمية وأشكال العمل.
فعلى الصعيد السياسي لم تستطع فتح تمثل التحولات السياسية، المرتبطة بالانتقال إلى مرحلة التسوية والمتعلقة بإقامة دولتين لشعبين، كما لم تستطع تمثل التحولات السياسية الدولية والإقليمية في تفكيرها السياسي، فهذه الحركة عموما تتسم بالعفوية والبرغماتية؛ وهذا ما يفسر تضارب المواقف السياسية لقيادييها؛ ولا شك بأن هذا الأمر انعكس سلبا على قيادة فتح للانتفاضة، وساهم في إشاعة نوع من الاضطراب، لدى الرأي العام، في تفهم مرامي الانتفاضة وتوضيح أهدافها.
وعلى الصعيد التنظيمي تواجه فتح معضلات التناقض بين حفاظها على طابعها كحركة تحرر وتحولها إلى حزب للسلطة، فلكل أمر استحقاقاته ومتطلباته، ومن الصعب في حال حركة مثل فتح على هذا القدر من الانفلاش تحقيق المواءمة بين هذين الاستحقاقين، وهو ما يتطلب وقفة جادة لإيجاد معادلة تمكن الحركة من إيجاد التناسب بين كلا الاستحقاقين.
وعلى الصعيد العملي فإن فتح، التي طالما اعتمدت التجريبية والبرغماتية والعفوية، باتت أحوج ما تكون إلى وضع استراتيجية كفاحية واضحة ومحددة تتكامل مع استراتيجيتها السياسية ولا تتعارض معها أو تكون عبئا عليها. المعنى أن سياسة الازدواجية في العمل والمواقف واللعب على التناقضات، التي انتهجتها قيادة فتح، لم تعد تتلاءم مع الظروف الحالية، بل إنها أضرت وقوضت مكانتها وصدقيتها، وأدت في ما أدت إليه نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية.
لذا اعتقد انه آن الأوان لحركة فتح المطالبة بتطوير بناها التنظيمية وتأطير هياكلها وتكريس الديمقراطية في علاقاتها الداخلية، إذ بات من الصعب استمرار الحركة بالشكل الهلامي الذي كانت عليه، لا سيما بعد الانتقال إلى الداخل، وتعرضها لمنافسة حقيقية من قبل بعض الحركات الفلسطينية الأخرى التي باتت تشكل إلى حد ما ندا لها، خصوصا مع تآكل دور الفصائل الوطنية والعلمانية الأخرى.
أخيراً لا شك أنه ثمة تحديات وتعقيدات كبيرة تواجه العمل الفلسطيني في هذه المرحلة، ولعل فتح بتاريخها ودورها وإمكانياتها مسؤولة أكثر من غيرها عن نفض التكلس والجمود والترهل في أوضاعها، للتمكن من قيادة الشعب الفلسطيني وتحويل تضحياته وبطولاته إلى مكاسب وإنجازات، بدلا من إبقائه أسير الشعارات والمزايدات والتوهمات، وأنها بحاجة لمراجعة نقدية شاملة وبحاجة لحراك دائم وبحاجة لفهم الصراع ووضعه في نصابه وبحاجة لتجديد الأولويات وبحاجة لتجديد الأهداف الصغرى وتجديد القيادات والوقوف علي مجريات الأوضاع التنظيمية للحركة في الوقت الذي تقود فيه هذه الحركة مع رفيقاتها من الحركات الوطنية والإسلامية الموجودة في الساحة الفلسطينية معركة الكفاح والتحرر الوطني الفلسطيني لنيل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس الشريف ، وقفة صريحة وواضحة ومعتدلة تعيد ترتيب أوضاع الحركة الداخلية بشكل ديمقراطي يتسنى من خلاله لكل أعضاء وقيادات وعناصر الحركة من المشاركة في هذه العملية التي من شأنها أن تحدث تغييرات جذرية علي المستويين الوطني والإقليمي في المنطقة .
ويبقي السؤال مفتوحاً أما آن الأوان للتغيير الحقيقي في حركة فتح!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب