الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناديق عتيقة / قصة قصيرة

امنة الذهبي

2006 / 2 / 23
الادب والفن


بدأت اشعة الشمس تغزو المكان بحذر ، كان الخيط الفاصل بين الليل والنهار قد اختفى لتوه ، بقايا غيوم انتشرت في السماء كانها قطن اهمله النداف في نهاية يوم مضني .. وهناك على الطرف البعيد تبدوا غرفة جدتي عالم كامل من السحر والخيال .. لكل شيء فيها حكاية كحكايا الساحرات في ليالي الشتاء الطويلة .ولجدتي ، مثل كل النساء القرويات عباءة سوداء ونعل كلما احالته المشاوير الى التقاعد غيرته ،كان منظر النسوة في السوق يشبه فصيلا عسكريا بقيافة واحدة ، حتى نكاد نحن الصغار الذين نرافق جداتنا في رحلة السوق اليومية لا نميز احداهن عن الاخرى الا عن قرب 0.
تنشغل الجدات في جولة السوق والاسعار بالقشب والاحاديث اللاتنتهي ، هذا بائع جيد وذاك لا يطاق ،اما نحن الصغار فيسرقنا الازدحام ومشاهد البضائع الملونة من حلوى ودمى – لحظات وتسافر عيناي الى شاطيء ترسوا فيه دمية على شكل قارب ،قد يحملها الشراع الى جزيرة امنة وربما تنكسر الصارية ، صوت البائع المنادي عن بضاعته مزق الحلم.. انتبه بعدها فاجد يدي خالية من طرف عباءة الجدة ، كانما ثوابت الارض تتغير تلك اللحظة ليس سوى الدموع الغزيرة ،من تمسك يدي ؟؟؟ فعباءة جدتي هي الحد الفاصل بين الخوف والامان ، الضياع ودفء البيت ،كبرنا وعقود مرت لم يعد الباعة يفترشون الارض ، لم تعد الاسواق هي الاسواق ، وحتى النسوة ، لم تعد لهن عباءات يتشبث بها الصغار الان بعد شتاءات وشموس ، اتسال .. اين اختفت عباءة جدتي ؟؟؟؟
قادتني خطواتي الى الغرفة القديمة حيث ينام صندوق هو الاخر اقدم من ذكرياتي ومثلما يفتش البخيل عن قطعة نقد اضاعها رحت ابحث عن لحظة حلم كنا فيها نشعر بالامان .. ذلك الاحساس الضائع كدفء جدتي ، اصابعي كانت تبحث بين العباءات وربما تفتحت في ذاك الصباح الندي صناديق كثيرة في غرف اقفلت منذ دهور وراحت اصابع اترابي تبحث هي الاخرى عن عباءات صادقت ايديهم في سنوات الامان ….
الشمس اوشكت على الغروب ونتف القطن غابت حيث لا ادري ، مثلما غابت عباءات جداتنا وغابت معها اجمل لحظات العمر واكثرها حنانا ….








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال