الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام العربي … الواقع والتحديات؟

جاسم الصغير

2006 / 2 / 23
الصحافة والاعلام


يعد الاعلام احد قنوات الاتصال الهامة جدا في عالمنا المعاصر وعنصر هام من ثورة الاتصالات الكبرى والتي تعد فتحا عظيما للمجتمعات المعاصرة ومن هنا يفترض بالاعلام ان يعكس هذه التطورات الكبيرة في منجزه السياسي والثقافي وغيره وهذا يتطلب ان يكون الاعلام على درجة من التأهيل والفاعلية في استيعاب والتفاعل مع هذه المتغيرات التي تجري او تحصل على مستوى العالم اجمع ان الاعلام العربي السائد الان هو اعلام لايلبي حاجات المجتمع العربي وايضا مسألة التطور التي تحصل عالمياً ووفق سمات العصر لانه بدأً هو اما اعلام حكومي ينقل او يتبنى وجهات نظر الحكومة او الدولة التي ينتمي اليها وهو من هذه الناحية اعلام سلطة او من جهة اخرى اعلام يفترض به ان يكون مستقلا الا انه في الحقيقة يدور في فلك المحددات التي تحددها الدولة او النظام السياسي ومن سؤال مهم جدا يوجهه كل ن تسنى له الاطلاع على تجارب الامم الاخرى التي تمتلك رصيداً كبيراً في ممارسات الاعلام الحر واطلع عن كثب على تجارب المؤسسات الاعلامية هناك اول امر يلفت النظر هو الاستقلالية القانونية والادارية لهذه المؤسسات فوجود صحف او قنوات اعلامية لاتسيطر عليها الدولة او تخضعها للمراقبة لانها كيان اعلامي قائم بذاته وفي ضوء وجدود تشريع قانوني ينظم عملها ويحفظ وجودها القانوني من اي تجاوز او رغبة لشخص ما متنفذ ويصل احيانا حد الاستقلالية لهذ المؤسسات الاعلامية الى حد انتقاد ممار سات
الحكومة وهذا هو اروع الامثلة على الاستقلالية وفاعلية
هذه المؤسسات الاعلامية انني بكلامي هذا لاانطلق من الشعور بالدونية تجاه المنجز الاخر المتقدم بل هو لتوضيح لامور وطبيعتها والاشادة بالمتقدم منها اما بالنسبة لنا في العالم العربي فالامر مختلف جدا ً فالدولة مازالت تحتكر العمل الاعلامي او احتكارها لبث الخبر وعدم السماح لمؤسسات اهلية وخارج اطار الدولة ان ان تنافس الدولة في ذلك وآخر مثال على ذلك ماحصل في مصر قبل فترة بسيطة جدا عندما طالب بعض الاعلاميين هناك في ان يسمح لهم بأنشاء مؤسسةاعلامية تبث الخبر خارج اطرالدولة
ولم يسمح لهم بذلك لان السلطة والدولة كجهاز سياسي واحتكاري يعرفون ابعاد هذا الامر ومدى خطورته على
مكانتها وتحكماتها ان الاعلام العربي الذي يمارس عمله اليوم او ماينتظر منه يرتبط ذلك بمدى سيادة مفاهيم المجتمع المدني والديمقراطية ومدى تغلغلهما في مخيال (وهذا بلغة الفكر المعاصر) المجتمع والمؤسسات القائمة لان الاعلام لايستطيع ان يمارس عمله ويطورها بدون سيادة هذه المفاهيم وهذا ارتباط جدلي ومن جملة هذه الجدلية انه عندما يمارس عمله بأنتقاد الظواهر السلبية في المجتمع للمكاشفة والتخلص منها يجب ان يكون هذا تاماً اي يكمله بأنتقاد الدولة وشخوصها ان استعدت الحاجة
حتى نستطيع ان نقول انها فعلا تمتلك الاهلية لممارسة عملها هذا الم يقولون سابقا ان الاعلام السلطة الرابعة ولكن هل هذا حاصل فعلا في العالم العربي كلنا يتذكر ان محطة الجزيرة الفضائية عندما انتقدت السلطة او الحكومة في الكويت وماذا جرى بعد ذلك حتى كادت الامور ان تصل الى حد اغلاق مكتبها هناك الامر الذي نستشفه من ذلك ان أطر السلطة في العالم العربي مازال قاصراً ولم يدخل العصر بأدواته وسماته ان الاعلام العربي اذا اريد له ان يكون فاعلاً عليه ان يعالج بعض الظواهر التي تعيق فاعليته هذه واول الامور التي تستدعي الانتباه هو السطحية في النهج الطاغي عليه وبالتالي الاستهلاك وهو مرض العصر فكلنا يشاهد وسائل الاعلام بأنواعها يجد ان عبادة اوثان الموضة والطالع وقراءة الفنجان وهي مخدرات ثقافية منتشرة بشكل غريب في الاعلام ويفرد اليها مساحات اعلانية وبرامج كثيرة جدا مقارنة مع البرامج التي تتنتهج خطاً فكرياً جاداً ولا يمكن المقارنة بين الاثنين مع ان ثمةتقليدا رائعا كان موجوداً في السابق في مصر ولبنان يتمثل في افراد مساحات اعلانية في التلفزيون وفي القنوات الرسمية لفترة خمسة عشر دقيقة لاخر اصدار لرواية او مجموعة قصصية او شعرية لمبدعين وكل ذلك بأشراف الدولة واجهزتها الثقافية وكل الكلفة المادية تتحملها المؤسسات الثقافية وليس المبدع كل ذلك من اجل الاهتمتام بآثار المبدعين وتخليدها وخدمة للثقافة الوطنية وكنا نتمنى ان يعمم هذا التقليد الحضاري على كل المؤسسات الاعلامية والثقافية في العالم العربي
وثمة امر اخر ان الاعلام العربي كثيرا مايتسم بأنه اعلام احادي النظرة وهو متأثر من حيث يدري او لايدري بطبيعة الاعلام السلطوي وبالتالي يصنع لنا انساناً مؤطر ببعد واحد حسب( تعبير المفكر الامريكي هربرت ماركوز) لانه بنهجه هذا يستفز غريزة الجسد ولايستفز غريزة ميكانيكية العقل والتفكير وبالتالي الابداع ويجري تسويق نهجه بآليات كثيرة ان المطلوب من الاعلام العربي هو التفنن في ايصال الخبر الى الى القارئ او المشاهد مع ضرورة ترك الحرية الكاملة له لاتخاذ القناعة المناسبة له ان الاعلام وهو اليوم حاجة ضرورية جدا لكل المجتمعات الحية هو مدعو الى الارتباط والتعبير الصادق عن هموم المجتمعات لانه هذه هي مهمته ودرجة نجاحه الحقيقية ومن مثال حي وبارز عن مدى ارتباط الاعلام بهموم المجتمع هو التقليد الذي عملت به او وفقه الصحافة البريطانية في مرحلة سابقة عندما كانت تصدر بمانشيتات عريضة وكبيرة وعلى صدر الصفحة الاولى بعبارة (الأخ الأكبر يراقبكم ) والتي استثمرتها من رواية 1984للكاتب جورج اورويل والتي ينادي بها الطاغية شعبه لاشعارهم بسلطته وسطوته فاستعارتها الصحافة البريطانية هناك للتحذير من اي نزعة للتسلط او الاستبداد عندما تصدر من الحكومة او احد الشخصيات السياسية هناك مطالباً بصلاحيات اضافية لسلطته فتصدر الصحف بعدها بيوم بهذه العبارة لتنبيه المجتمع فأين اعلامنا العربي من هذا التقليد الرائع ان الاعلام العربي مازال قاصراً عن بلوغ المستويات المطلوبة له وهو يناغي الاختيارات الموجودة او التي تسمح بها السلطات مضفي عليها الشرعية كما يقول الدكتور هشام جعيط ان مسألة نهوض الاعلام العربي يحتاج كما يعبر الاستاذ ناجي علوش الى قيام خط ديمقراطي يجمع كل الطاقات التي تؤمن بنهوض الامة عبر سمات العصر من ديمقراطية وحرية رأي وحقوق انسان ومجتمع مدني وان يجري تبنيها فعلاً لا مجرد عقد الندوات والكلام حولها ومن ثم عندما ينفض الاجتماع او الندوة ينسى هذا الكلام تماماً اي الحاجة الى قرن النظريةبالتطبيق وبصورة مستمرة حتى يمكن ان يحصل تغيير ايجابي في كينونة الانتسان العربي وايضاً المؤسسات الاعلامية والثقافية لدينا لانه بدون هذه الممارسة الحية والمستمرة لايكون هناك اي نتيجة او تفاعل جدلي ان الاعلام العربي امامه تحديات كبيرة جدا على مستوى العالم اجمع ففكرة الشرق الاوسط الكبير التي تلقي بظلالها علينا تحتم علينا تغيير كثير من سيميائيتنا كي يتم التعامل مع هذا المتغير الجديد الذي يفرض نفسه بقوة علينا وعليه يجب اعداد الخطط من اجل ذلك وان لانتفاجأ به ولانكون فاعلين به بل منفعلين كما في الماضي ومن اجل ذلك الامر يتطلب تكوين مراكز بحوث جدية تعد الخطط والبرامج الناجحة والعصرية في كيفية التعامل بنجاح مع متغيرات العصر من عولمة وغيرها لان ذلك بات يشكل امراً لايمكن التغافل عنه لان التطورات العالمية باتت تصل الى ادق تفاصيل حياتنا وفي الحقيقة ان ذلك يفرض علينا ان نكون امة حية ولايمكن ان نكون امة حية بدون تغيير افكارنا التي ورثناها من سالف الزمانوننبذ فكرة الهوية المميزة لدينا والتي لايمتلكها غيرنا وكأنها ايقونة مقدسة لايمكن ان ننقدها او نطورها وندرك اننا امة من بين باقي امم تشاركنا الحياة في هذه المعمورة لان الهوية انبناء وتشكيل وليست جوهر ثابت كما يقول المفكر العربي الدكتور علي حرب بل يجب ان نطرح الطالح منها الذي لم يعد يناسب المرحلة وكما يقول المفكر العربي أدونيس (ان الافعى التي لاتغير جلدها تموت) اي ان نغير الاطر الفكرية الجامدة لدينا وان نكتسب الجديد الذي يعطينا مناعة فكرية وثقافية وبالطبع المناعة الاعلامية من ضمنها اذا جاز التعبير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني