الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ومناشئ الصراع - الحلقة التاسعة

حسين درويش العادلي

2003 / 3 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



      سادساً : المنشأ القُطري ، ونُريد به استيعاب حقيقة واقع دولتنا الحديثة المغايرة للعراق التأريخي ، والعمل وفق استحقاقات هذه الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها بالشعارات والطروحات الحالمة أو المثالية أو الواهمة ، وهو أمر سنتجاوز بإقراره والعمل وفق فروضه العديد من الصراعات المتأتية من تشظي الولاء للعراق جرّاء تشتيت هذا الولاء من خلال ربطه بانتماءاتٍ أُخرى أو تعويمه لحساب ولاءات أُخرى ،.. وهنا فإنَّ شعار العراق أولاً لا يعني الإنغلاق والتقوقع على الذّات وعدم تحري فرص التناغم والتكامل مع المحيط العربي والإسلامي والدولي ، بقدر ما يعني وعي الذّات الوطنية أولاً والولاء لها ثانياً والعمل لرفعتها وتكاملها ثالثاً ، ثم الإنطلاق لتحري فرص التكامل مع الآخرين ،.. فكما لا نُريدُ عراقاً مُستلباً ، كذلك لا نُريدُ عراقاً منغلقاً .
   من جهة أخرى ، فإنَّ التشكيل والتكوين لبلدنا على ما هو عليه الآن جاء قسرياً على يد الإستعمار البريطاني كما هو معلوم ، ولم يُلحظ في إقرار حدود العراق السياسية والجغرافية وحدته العِرقية أو الطائفية أو الثقافية ،.. فبُذِرت هنا بذور الصراعات والتي ساعدت حكومات المستعمر على تأجيجها للبقاء والنفوذ ، ومما زاد في أوارها فشل الحكومات الوطنية في إيجاد منظومة مواطنة حقيقية صالحة ومسؤولة وقادرة على صهر هذا التنوع في بوتقة العراق الواحد وبشكلٍ متجانس ، وأيضاً أنتجت التيارات والمدارس التي امتلكت زمام الدولة والمعارضة بكافة ألوانها ثقافة التعويم للبعد الوطني كإنتماء حقيقي قائم ، لحساب انتماءات عامة وحالمة لا وجود لها على الأرض ، ودون أن تجعل الإنتماء الوطني في تموضع الفكر والتجربة والولاء أساساً جوهرياً في فكرها وبرامجها ، مما أضر بوحدة الوطن وتماسك نسيجه المجتمعي الذي وزّعته الإنتماءات والولاءات العامة المتعارضة في أكثر أنساقها ، الأمر الذي أفرز الإنقسام والتصدع والتصارع الوطني بين مدارس وتيارات الوطن الواحد .
   إنَّ الإعتراف بحقية قيام وثبوت دولتنا ، وترويض الفكر والرؤى والبرامج بما يُلائم وينسجم ويتأطر بالأقيسة العراقية ، وإبداع الفكر والطروحات والمشاريع المُنتجة لثقافة وطنية تجعل المواطنة والمواطن والوطن أساساً وهدفاً من كافة برامجنا ، سيُساعدنا لا محالة في تنحية العديد من أنماط الصراع المُنتج بفعل الفشل في العمل وفق استحقاقات واقعنا الوطني والمجتمعي الجديد ،.. فنحن وعلى اختلاف أعراقنا وطوائفنا قد شاء القدر أن نشترك في العيش بهذا الوطن ونتقاسم فيه الهمَّ والأمل والمصير المشترك ، وليس لأحدنا إلغاء الآخر أو إقصاءه أو نفيه أوتجاوز حقوقه ، وكل محاولات التعنصر والإنغلاق والتصارع لا تُلغي وجود أحدنا ولن تنفيه من ساحة الوطن وربوع المواطنة ،.. فإذا كان تلازمنا قدرياً فلما جدوى الصراع إذاً ، ولمصلحة مَنْ ، وهل له من أفق ؟!! وهنا فإنَّ القبول بحقيقة وجوب تعايشنا وقبول أحدنا للآخر ، سيقضي على العديد من الصراعات الناجمة عن التمييز والحرمان والإستبداد .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ