الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رُهَابُ المَطَرُ

يحيى غازي الأميري

2017 / 11 / 20
الادب والفن


اِنتَصَفَ اللَّيْلُ
جَدَدتُ كأساً مِنْ النبيذِ الأحمَرِ
أَجْلِسُ وَحِيداً فِي صَالَةِ شَقَّتِنَا
عَيْنَايَ مُتَسَمِّرَتَانِ
لِلنَّافِذَةِ الْوَاسِعَةِ
تَرْنُو بِوَجَلٍ لمَنظَرِ
إِنْهِمَار المَطَرِ
خَلفَ لَّوْحُها الزُجاجِي الشَفّافْ
وأَنا مُنهَمكٌ أستمعُ إلى أغنيّةٍ
شَجيّةٍ :
(بَيّنْ عليه الكبر... والحَيل راح الحَيل
بالغربة ضاع العمر... وامساهر أويه الليل)
يُخَالِطَها صَوْتُ زَمجَرة المَطَر
وهَزِيْزُ الرِّيحِ
يُطيحُ بأوراقِ الشَجَرِ
ويَعْصِفُ بشباكِ نافذتِي
ويُخفِي ضَوْءُ القَمَر.
سُحُبٌ رمادِيةٌ غامقةٌ
تَجرِي مُسرعةً
محملةً بمياهِ البَحَر.
يَومٌ مَطِر
ها قَدْ
مَضَتْ ثمانيّة ساعاتٍ متتاليةٍ
وَلَمْ يَنْقَطِعْ صَوْتُ الرَّعْدِ
وَوَمِيضَ الْبَرْقِ
وَخَرِيرِ الْمَطَرِ
أَيَّتُهَا السَّحْبُ الْغَاضِبَةُ
مُهِمّا تُبْرِقِينَ وَ تَسْكُبِينَ مِنْ الأمَطارِ
لَنْ أَخَافَكْ
إِنَّ الْبَيْتَ هُنا حَصِينْ،
والطُرقاتُ والشَوَارِعُ
والحَدائِقُ
فِرْدَوْسٌ أَمينْ.
رَحلتُ بَعيداً..بعيداً
بِذاكرَتِي
أَستذكرُ أشياءً مِنْ لَيالِي الخَوفِ
الحَزينةِ.
رُعْبٌ مُزْمِنٌ
مُسْتَقٌر
فِي أعماقِ صَدرِي
مِنْ أَشْيَاءٍ عَدِيدَةٍ
أَوْرَثَتْنِي الْخَوْف وَالْهَلَع
مِنْهَا هُطُولِ
المَطَر
تَذَكَّرَت القَلَقَ الّذِي يُرَافِقُ
أُمِّي
وهيَّ تُغَالِبُ الحُزْنَ وَالدُّمُوعَ
الَّتي تَكَورَتْ خَلفَ رمُوش
عَينَيها
وَهِيَ تَرتَعِدُ
تَوجساً
أنْ ينهارَ الجِدَارُ أو سقَّف الدَّار
أو يَتَهاوَى التَنُورُ
أو قُنُّ الدَّجاج
المُسْتَكِين فِي أَخَّرِ المَمَرّ
أو أنْ تغمرَ
المِياه
مَوضَعَ حَرز غلة الحُبوب
مِنْ كثرةِ تَساقُطِ المَطَرِ.
وكُلَّما اِشْتَدَّ المَطَر
ونَحْنُ نَجلسُ القُرْفُصاءَ
عَلَى ضَوءِ سِّراجٍ خافتٍ
حَولَ مَوْقِدُ الجَمرِ
تَتَحَدثُ أُمِّي
بِصَوتٍ خَفيضٍ
عَنْ مأساةِ
بِرَكِ الماءِ
فِي شَوارعِ المَدِينَةِ
وتَخَبط ِ
الأطفالِ فِي الأَوحالِ
الَّتي سَوفَ يخلفها المَطَر.
خَلَّفَ بَابُ غُرْفَتِنَا الْمُغْلَقِ
وَشُبَّاكِهَا الْمُوصَدِ
ظَلَامٌ دَامِسٌ
وَرِيَاحٌ عَاصِفَةٌ تَزْأرُ
وكِلابٌ تَعْوي
مَعَ كُلٍّ
وَمْضَة بَرْقٍ
وَصَوتِ رَعدٍ
أَبي يَبتَسِمُ ضاحكاً
وَهوَ يُدَاعِبُ خَرَزَاتِ مَسبَحَتِهِ
وَ يُرَدِّدُ
بِصَوْتِهِ الوَقُورِ
- إِنَّ أَفْضَلَ أنْوَاعِ الخَيَرِ
هوَ خَيْرُ المَطَر.
أَيُّهَا الْمَطَرُ، أَيُّهَا الْقَادِمُ مِنْ السَّمَاءِ
كَمْ أَرْعَبَتْنِي فِي لَيَالِي الصِّغَرِ
وَأنتَ تَحجِّبُ عَنْ عينيَّ
لَمَعانِ تَلألؤِ النجُومِ
ووَجهِ القَمَر.
يَا أيُّهَا المَطَر
يَا مانح المياهَ
للحَياةِ
ومُدِيمِ عُنْفُوانِ الشَجَر
كمْ أحُبّكَ
رَغمَ الذُعْر
المُستَتَر.
هَذَيَانٌ مَعَ الْفَجْرِ ، مالمو فِي 20-11-2017
الرُهَابُ: وهوَ الخَوفُ مِنْ مُسَبِّباتِ الهَلَعِ المُختلفة
بَيّنْ عليه الكبر: أغنية عراقية غناها المطرب حسين نعمة من كلمات الشاعر الشعبي فاضل لفته ، والحان الفنان عباس ضاري
هَزِيْزُ : صَوْت حادّ يُشبه الصَّفير، هَزِيْزُ الرِّيحِ: دَويُّهُا
عٌنْفُوان: زهْوه وغَطْرَسَته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_