الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أصول النضال ..إهداءً لمجتمعاتنا المنفصمة نخبا وعواما

أيوب بن حكيم

2017 / 11 / 20
كتابات ساخرة


أنا ضابط شرطة سري، مهمتي متابعةُ الحركاتِ الاحتجاجية، والإيقاع بشرفائها وقادتها؛
أتابع من بعيد عددا من المناضلين في ساحة "الثورة" كما يسمونها، يظهر الشرف والحماس والإباء جليا على سحنات صفراء لونها، سوداء هالاتها، زرقاء عروقها، وسرعان ما تبدو رمادية مع تصاعد دخان جراء التهامهم لأنواع تبغ رديئة تدور بينهم دورانا كدوران تداول السلطة الذي يحلمون به، وهذه أسماؤهم نقدمها تقريرا للمخابرات:
1 ـ جاهل : شاب عاطل تافه جاهل يريد الظهور، تأبط كتيبا لماركس لم يفتحه من قبل .
2 ـ أبو بكر المطرود اللينيني: شاب سلفي فقير، انبهر بمفاهيم أمير الجماعة الجهادية حول العدل والتشريع في الإسلام، فكلفه بمهام خطرة، وحين أراد الزواج بابنته طرده وفتك به رمزيا، فأضحى منبوذا من الجماعة لكونه طلب "الحلال" الذي هو الحرام عندهم، فتحول إلى اللادين .
3 ـ شيزان [اختصار لعبارة "شيخ زان"] : شيخ طاعن في السن وتحته زوج كفت وظيفتها البيولوجية، وعوض أن يذهب للمقهى وقضاء وقته بين أقرانه، أراد أن يعرف ماهية جاذبيته إزاء الفتيات الصغيرات الماركسيات.
4 ـ خباب : شاب "رث" الثياب معدم، يندمج مع رثاث الملابس من أنصاف المثقفين وأرباعهم ليبدوَ منهم، دون أن ينتبه أحد أن أصله رث تاريخيا واقتصاديا.
5 ـ أبو كبت : شاب يريد ممارسة الجنس وشرعنة شيوعيته، فذهب للنضال الماركسي الذي حرره من الدين من جهة، وقدم له فتيات تحملن الفكر نفسه من جهة أخرى .
6 ـ نافق : رجل يدافع عن حقوق المرأة بشراسة، ويعامل زوجه على أنها أم أولاده لا غير.
7 أبو غطاء : مدافع آخر عن حقوق المرأة بشراسة، ولا يستحي من الممارسة مع أول قاصر منبهرة بأفكاره التنويرية العادلة ؟
8 ـــ فاشل : رجل يلفي في منزله خواءً عاطفيا وفراغا روحيا جراء عدم كفايته في إقناع زوجه كونه رجلا، تكدّ زوجه في العمل، ويكدّ هو في خيانتها .
9 ــ عاجز : رجل يخشى الدين، فلا يستطيع القيام بالتكليف من العبادات فاخترع لنفسه حجة الماركسية للهروب من نفسه.
10 ـ ساخطة : فتاة تم اغتصابها من أعوام، فاختارت الخط النضالي التقدمي، لعل أحدا من التقدميين يتزوجها دون أن يستحضر رمزية البكارة ، ومازال البحث جاريا...
ـ 11 : طافحة، ملفها غامض، أنثى كالرجل، ورائحة العرق "طافحة" منها على مدار اليوم، حتى أن المخبرين يتحاشونها لرائحتها.
12 ـ ذائدة : أستاذة جامعية في مادة الاقتصاد السياسي، أم ناجحة، وزوجة أمينة، غير محبة الظهورَ.
13 ـ لائق : شاب يحمل همّ الكون، مثقف، يجيد لغات عدة، تم طرده من الجامعة قبل سنة لعدم انتظامه في التحصيل، كثير الانزواء، قليل الكلام فصيحه .
14 ـ سابق : كاتب كهل يكتب في إحدى الصحف الماوية، أعوام المراجعة الفكرية والسجون القهرية قامت بفرمه فرما قبل أن يختار النهج الماوي الهادئ.
15 ـ لاحق : مراهق سيقتله الحماس يوما، الأول على دفعته في الشهادة المتوسطة، يشكل الخط التروتسكي في التنظيم .
اجتمع هؤلاء وغيرهم فبدأ الكلامَ "جاهل" وحث الجموعَ على الثبات في وجه النظام القمعي الرأسمالي البرجوازي المتعفن، فأطال الكلام وأسهب، ثم مفسِحًـ[خـً]ـا المجال لأبي بكر اللينيني الذي انتقد الرجعيةَ والتخلف الذي تمثله السلفية قاصدا الدينَ، وتوالت التدخلات الحماسية من أجهل الأعضاء إلى أن وصلت إلى "طافحة" فاتسعت الحلقية لقوة حجتها / رائحتها، في حين أن أجلهم انزوى بعيدا، وحين تدخلت قوى الأمن في حقهم، التفت الأجلاء والجليلات وراءهم فلم يجدوا جاهلا، ولا أبا بكر اللينيني، ولا فاشلا ولا عاجزا ولا نافقا ولا ساخطة ولا طافحة (التي اختفت أيضا رائحتها) ...فتم اعتقال ذائدة وسابق ولائق ولاحق...، وحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة .
بعد مرور أيام اجتمع أبو بكر اللينيني برفاقه في حانة، وحثهم على تنظيم مظاهرة صاخبة أمام السجن المحلي بالمدينة على الساعة العاشرة صباحا فوافقوه بالإجماع بحماس كبير مرددين شعارات قوية، وما غن افترقوا حتى اتصل كل واحد منهم برجال الأمن ليخبرهم بالموعد النضالي.
في الساعة العاشرة صباحا لم يحضر سوى رجال الأمن، وطفقوا ينتظرون المناضلين حتى ساعات متاخرة من الليل ....
تم حل التنظيم تلقائيا، و أسس كل واحد من الجهلاء تنظيما خاصا به على أساس أن كل واحد منهم انتقد الآخرين على جبنه، فأسس جاهل تنظيم "اللينينيين الأميين وشعاره : ماذا فعل المثقفون ؟" وأسست طافحة حزب العمال الكادحين وشعاره "الكدح والعرق لبناء دولة العدالة" وأسست ساخطة حزب "لا" وشعاره أيضا "لا" .....
قدمتُ تقريري إلى رئيسي في العمل، وبعد مرور أيام، جاءتني ترقية، مع ملحوظة خلف ورقة الترقية " يا بني، ذلك التقرير الذي قدمته لجهاز المخابرات، الأوْلى أن تقدمه لطبيب نفسي ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل