الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن أمة تجيد الإمتعاض و لا تجيد الإتعاض

محمد عنوز

2006 / 2 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يعجز الإنسان عن الوصف في مثل هذه الأحوال جراء تكرار الأهوال، فماذا نقول ؟!!! فهذه الجريمة تشير إلى بصمات فاعليها ممن يتجاوزون على حياة الإنسان ومقدساته بدم بارد، إنهم الإرهابيون من دون شك والصداميون بالتأكيد الذي لا يعرفون فعلاً سوى القتل والتدمير وهذا ديدنهم، ومما يؤكد بصماتهم، إعتدائهم الشنيع على مراقد الأئمة الأطهار (ع) أيام نظام الطاغية المنهار خلال إنتفاضة شعبنا في آذار 1991.
ونحن أمام هذه الأفعال التي تدلل على فقدان أصحابها لكل وازع بشري، لابد أن نشير إلى ما نحن فاعلون، فبالأمس حدثت إنفجارات إستهدفت المدنيين في أماكن مختلفة ومناسبات متنوعة، واليوم إنفجار وسط ضريحي الإمامين الهمامين الهادي والعسكري (ع)، وغداً سيكون إنفجار وسط .... ، وسنقوم بإحصاء الضحايا ومنحهم المال وإعلان الحداد بالتساوق مع ممارسة طقوس البرقيات الحاملة للإدانة والأستنكار وتنظيم المظاهرات للقول لا للإرهاب ولا لكذا ونعم لكذا ... ونعلن كما أعلنا سابقاً عن إلقاء القبض على المجموعة الفلانية وعدد من المتسللين ومحاصرة الزرقاوي وإعتقال مساعده في تلك المنطقة والوضع تحت السيطرة في المنطقة الأخرى ... وهذا لا يكفي على الإطلاق، نعم على الإطلاق، ويتطلب عمل حكومي وشعبي جاد .
فمتى نتعض ونقطع يد الإرهاب ونحد من إرادة المحتل،؟! فقبل مجيء نظام الطغاة المأزوم والذي أصبح اليوم نظام البغاة المهزوم، وخلال حقب تاريخية معروفة، القديم منها والحديث حصلت محارق ووقعت مقاتل على هذه الأرض، وتعرض أبناء شعبنا العراقي إلى كوارث عدة، عبرنا عن إمتعاضنا منها بأساليب متعددة، ولكن للأسف الشديد لم نلمس كما نرى حالة الإتعاض من تلك الوقائع المؤلمة بسبب من تكرارها إلى درجة توحي بأن ثقافة الشكوى هي السائدة، كما أن بعض التصريحات تحمل في طياتها خطأ فادح في تحديد المنفذين والمستفيدين من هذه الجرائم إلى درجة التهديد والوعيد من بعض الأطراف وكأن الصراع شيعي سني، في حين المطلوب في هذه الظروف حلول من أصحاب البصيرة وإلتزام بتوصيات المراجع الإسلامية بالإجراءات الحكومية ومواقف الأحزاب السياسية .
إن الأوضاع في بلادنا تتطلب بكل وضوح الإستفادة من دورس الحياة لا الركون إلى لغة تزيد من التدمير ولا ترتقي إلى لغة التدبير، وهذا يعني وبعد الجريمة النكراء في مدينة سامراء أن نعقد العزم على عزل الإرهابين والتكفيرين والصدامين والمحتلين في العراق ودحرهم من خلال إجراءات ردعية حازمة وقضائية سريعة وتجنيد قوى جديدة على أسس تعزز قدرات القوات الوطنية المسلحة ( الجيش الوطني ـ قوى الأمن الداخلي ـ والشرطة ) وكذلك تزيد الشعور بالمسؤولية من خلال المشاركة وتقوم على قاعدة وحدة الصف الوطني، هذه الوحدة الغائبة قبل إنهيار نظام البغاة ولاتزال غائبة رغم تكرار وشمولية المأساة .
وبهذا الصدد نجد أن وحدتتنا تتجلى بين الشهداء ولا نجدها بين الأحياء، فضحايا الإستعمار والطغاة في مختلف المراحل كانوا عراقيين من مختلف القوميات والأديان والأحزاب، والشهداء لا يقبلون القسمة على قومية أو طائفة دينية أو حركة سياسية، إنما يقبلون القسمة على العراق فقط ، فهم يتوحدون به ولأجله، فهل ندرك هذه الحقيقة الساطعة، ونعمل بكل صدق على إستخدام الأدوات والآليات التي تأخذنا إلى عراق الخير والأمان أم يستمر الحال كما هو ويصبح الخير والأمان حكاية من حكايات الزمان؟!!!!!!!
إن أحداث اليوم وتداعياتها تدعونا إلى ضرورة نبذ ثقافة معالجة الجريمة بجريمة أخرى، فتدمير المراقد لا يدعونا إلى تدمير المساجد، لأن عملاً بهذا الشكل يعني أن الأرهابين وأعداء شعبنا قد حققوا أغراضهم الدنيئة والمكشوفة، فنحن نستد في ذلك إلى أن الإجراءات أي إجراءات ما هي إلا نتاج ثقافات، ولذلك يستلزم الأمر أن يتم الإقتصاص من الفاعلين والداعمين لنهج تدمير العراق وسلب إرادة أبنائه لا الوقوع في شركهم .
فإذا كان لنا شأن في بلادنا ونريد التعبير عن حرصنا عليه، لابد أن نعمل على كشف الجناة وهم أقلية بكل المقاييس، خصوصاً نسبتهم إلى قوى الخير التي تشكل الأكثرية الساحقة، بدليل مشاركة الملايين في العملية الإنتخابية كتعبير حقيقي لنبذ العنف وإعتماد الحوار والوسائل السلمية في إدارة البلاد وإعادة الإعمار، ولكن غياب وحدة الأكثرية وضعف وسائل عملها وخطل أراء بعضها، جعل إرادة الإرهاب والإحتلال هي المؤثرة، إلى جانب ذلك وحسب زعمنا إن هذه التداعيات هي من إفرازات الشرنقة التي وقعنا بها منذ الأيام الأولى لإنهيار نظام صدام الذي أراده شعبنا خلاصاً حقيقياً من الدكتاتورية وليس تغييراً لمشاكله فقد كان لنا مقال في تموز عام 2003 بعنوان ( مجلس بريمر شرنقة والمؤتمر الوطني العام هو البوصلة )، أكدنا فيه على ضرورة وحدة العمل بعيداً عن المحتل، ونؤكد ذات الموقف الآن حتى لو كان الإبتعاد شبراً واحداً كي نضع بإرادتنا الوطنية العامة البرنامج الوطني الذي يخفف آلام شعبنا ولا نقول إنهائها، فتلك مهمة كبيرة وطويلة، كما إن تجربة السنوات الثلاث أكدت بكل وضوح، إن جوهر الأزمة التاريخية للحكم في العراق تكمن في غياب الإرادة الوطنية العامة، بسبب الإحتلال القديم والجديد أو جراء تسلط الدكتاتورية الصدامية، ولا حل لهذه الأزمة إذا لم تتوحد إرادة العراقيين وتتعزز الثقة فيما بينهم وهذا درس أساسي نتعض به ونتجاوز حالة الإمتعاض الذي لا يجدي نفعاً في مثل هذه الأحوال.
لنكن أمة تجيد الأتعاض وتبتعد جدياً عن إجترار الإمتعاض، وإلقاء التهم ورشق بعضنا البعض، فالإرهاب قائم وليس قادم والإحتلال جاثم بسبب الإختلال في العلاقة بين القوى السياسية العراقية، وسوف يستمر الإحتلال وينتعش الإرهاب طالما إستمر الإختلال.
22 شباط / فراير 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل