الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمشق عودت حليمة على عادتها القديمة

علي الحاج حسين

2006 / 2 / 24
كتابات ساخرة



إبان الجلاء الفرنسي، تحسنت أحوال الريف السوري، ولم تعد الأفراح مقصورة على نهاية موسم الحصاد، وكثرت الزيجات وأقيمت الأعراس بكل أيام السنة إلى أن جاء الحكم التقدمي وصار العرس يتطلب موافقة أمنية ويدفع العريس ضريبة رفاهية، والزواج لمن استطاع إليه سبيلا. فندرت الأفراح وزادت الأتراح وعادت حليمة لعادتها القديمة. وبالمناسبة من هي حليمة وما عاداتها يا ترى؟
كانت الصغيرة حليمة طفلة لعوب، لم تبلغ الحلم، وككل الصغار عندها عادة تبليل الفراش كل ليلة. إلا أنها شبت وخُمن أنها تركت عادتها القديمة، وصارت من أجمل الفتيات يتمناها ابن الأمير والأجير، إلا أنها أحبت وسيما معوزا، وعملا بالقاعدة المعروفة أسرّت ذات يوم لأمها أن نضج البلح، وكان لها ما أرادت. ولما حضر موكب الزفاف لم تخرج حليمة من حجرتها، استبطأها العريس وأهله فلاذوا بأمها عسى ألا تكون قد غيرت رأيها بابنهم المملق، فهمست الأم :"يا ناس لا تفضحونا.. رجعت حليمة لعادتها القديمة".
تلك هي حال المعارضة السورية، صنعت أصناما من تمر يلتهمونها في قحطهم، وسجدوا لعجولا نسجوا قدسيتها في أذهانهم وتوهموا أبديتها، كتبوا مواثيقا وإعلانات ومبادرات، علكوا ورقها قبل أن يجف مدادها، وتناطحوا على صلاحيتها، وحرموا إصلاحها وجعلوا منها مصاحفا وأناجيلا مقدسة، لكنها سرعان ما تنقبر ويتحلقون من جديد لتأليه عجل وليد، ويصوغون إعلان جديد، يجعلونه محجا يذرون رماده تبركا، ومثل حليمة ما فارقوا عاداتهم القديمة.
مرت أربعين سنة ولم تنجب الأبقار المقدسة عجولها الموعودة. ضجر السوريون وملوا الانتظار وخوفا من استمرار العقم عمد شيوخ ومخاتير المعارضين السوريين بتعليق خرزة زرقاء في رقاب كل عجائزها وزخرفوها بتعاويذ وطلاسم وتمائم بخرها شيوخها ومشائخها، فرحوا واستفرحنا معهم بها، وخمناهم تجاوزوا محنتهم القديمة، لكنهم مجددا يتناطحون أمام كراسي يسيل لعابهم لمجرد فكرة تسلقها، فتنابزوا بالألقاب وتناطحوا متبادلين السباب، يقصون هذا ويفصلون ذاك ويحلقون على الناشف لكل من أشار لظل الأكتع والأعرج فيهم، وتكسرت مناقيرهم وقرونهم متسابقين لنيل رضى سد الكرسي. ملهم السوريون كردا وعربا مسيحيين ومسلمين مقيمين وقاعدين، فقدنا بهم الأمل وما فقدوا الأمل بنيل المنصب، وهاهم اليوم يتدافعون متنادين لعقد مؤتمر "الدلعونا والميجانا المعارضجية" برعاية كبير الطواشيه، يمتشقون عكاظياتهم متسابقين على مدح الفلافل والبطيخ وكبار رؤوس البصل والفجل. وكلما قلنا كبروا وتثبت عليهم العقل، ككل مرة يخيب أملنا بهم ويعودون مثل حليمة لعاداتهم القديمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات