الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم بقرية بالجنوب الشرقي / أريج القهوة ولواعج العذرية

علي أحماد

2017 / 11 / 24
الادب والفن


خرجت من بيت أختي ، من الرضاعة وإبنة العم ، على تلة صخرية تطل على الوادي والطريق الإسفلتية المؤدية إلى إملشيل ، ونزلت عبر أدراج طبيعية نحتتها أرجل المارة فأضحت ملساء ، فالناس اتخذوا التلة لبناء منازلهم بعدما ضاق المنبسط الذي ملأته المنازل القديمة منذ الإستعمار . الشمس حارة في مثل هذا الوقت من شهر أغسطس . ما خرجت إلا لتلبية رغبة ملحة في إحتساء قهوة سوداء لأني لست من الذين يعشقون القيلولة أو يستسلمون لها . حاولت أختي أن تحول دون خروجي في مثل هذا الطقس الحار وتطوعت لتعد لي كأس قهوة . شكرت لها عاطفتها النبيلة وحرصها الشديد على راحتي وثنيتها على عزمها . أعلم أن المقاهي، بهذه القرى في المغرب العميق ، لا تقدم سوى كؤوس قهوة من الماء المغلي والقهوة سريعة التحضير. فزبناء المقهى من الأهالي الرجال يجتمعون، مناسباتيا ، على أباريق الشاي . وكم كنت أعجب لهؤلاء الذين منعوا النساء -قديما - من شرب الشاي ، وجعلوه قسرا على الذكور، كما تحكي أمي وأكدت قولها عدة نسوة من القبيلة ذاتها وهن راضيات بقدرهن، خاضعات لسلطة المجتمع الأبيسي !
ركنت السيارة قرب المقهى وانتقيت مكانا في شرفة المقهى الظليلة والمفتوحة على الشارع العام في مواجهة باب السوق الأسبوعي . أتاني النادل ، أوصاحب المقهى ، فلا أستطيع أن أفرق بينهما في مثل هذا الموقف . ألقيت عليه طلبي باللغة العربية وكأني لست من أبناء هذه الربوع ؟ وأنا أرشف من المشروب ، الذي لا تقاوم غوايته ولذته ، جلس إلى جانبي شيخ في عقده الثامن ، وهو لا يزال يتمتع بصحة جيدة تخفي سنه الحقيقي ، دون إستئذان ولا سابق معرفة بيني وبينه . لم أنهره لكبر سنه وحدست انه جاء يلتمس لدي حاجة . سألني دون مقدمات ( هل تدمن على شرب القهوة السوداء ؟ ) أجبته ( نعم بل أعشقها ) فقال والبسمة تنير وجهه المدور والذي تزينه لحية خفيفة لم تلحقها شفرة الحلاقة منذ مدة ( أنا لم أشرب القهوة قط طول سنوات عمري المديدة ، لذا فالمحرك لدي قوي ، يستجيب بسرعة وتنتفض فيه الحياة عند كل رغبة .. ولم يخذلني أبدا ) . طأطأت رأسي ولمعت في ذهني ذكرى أبي عن مغامراته الدونجوانية بتونفيت مع نساء أيت الحساين الجميلات المفعمات بحب الحياة والإقبال عليها بجنون ونزق . سهرات الهوى ( كؤوس شاي لاذع حلو المذاق مع الجوز واللوز ودجاج بلدي محمر بالسمن البلدي..لا قهوة ولا مشروبات روحية ) . كان أبي – رحمة الله عليه – يقول دائما لصديقي الشريف ( أنتم هذا الجيل تنامون تحت أرجل المومسات ). تركني الشيخ بعدما يئس في قضاء مراده ، فقد كان يعتقد أني ذاهب إلى مدينة الريش مادمت غريبا عن القرية والسيارة مولية وجهها شطر زيز ! جلس إلي شاب من القرية تبدو عليه آثار النعمة كأحد أبناء أعيان القرية ، يميل إلى البدانة مورد الخدود منتفخ الأوداج . سألني والفضول يفتك به ( أنت لست من أبناء القرية ؟ ) . قلت ( نعم ولكن أمي تنحدر من هذه القرية ولي أخت / إبنة عم تسكن هذه القرية ) . عرف أمي وأختي واطمأن إلي وأخذ الحديث بينا مجرى آخر ، خصوصا عندما علم أني أدرس بأيت عياش ، فأسهب في الحديث دون تكلفة ( كان أبي على علاقة صداقة برجل من أيت عياش فأرادا ان يتوجا صداقتهما بالمصاهرة شأن الكثير من المغاربة بالمدن والقرى ... لكن هذا الزواج لم يكتب له الإستمرار. فالدم في تخوم جسد العروسة -كرمز لعفتها وشرفها -لم يلطخ بياض السروال المطرز بالأخضر . لم تكسر زغاريد النساء صمت الليل عربون طهارة . بل على عادة أهل البلد الجمعية والمتوارثة - جيل بعد جيل - أطفئت الأنوار وخمدت النار في المواقد ولم يقدم العشاء ، وطردت العروس من الدار ومن معها من الأهل والأحباب . إنه تقليد ممعن في السيادة ولكنه لازال متبع بهذه الربوع من الجنوب الشرقي .) سكت وبح صوته . عرفت الفتاة وأهلها ، فقد كانت تلميذة لي -ذات زمان-وكنت أطلق عليها إسم مغنية أمازيغية من سوس وهي نسخة مصغرة لها . تذكرت كيف فشلت في إقناع الأب في أن يدع إبنته تنهي دراستها فكان جوابه ( يا أستاذ إبنتي تفيض أنوثة وهي كالفاكهة المشتهاة ، أخشى عليها الغواية والتغرير..خير لها أن تتعلم أشغال المطبخ وتستعد لبيت الزوجية ) .
فقدت المسكينة عذريتها عند أول لقاء غرام مشتعل ودفعت - مفردة - ثمن صمتها وتسترها على الفاعل / هاتك عرضها...والشرف كعود ثقاب صنع ليقدح مرة واحدة.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??