الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الأسري في الخطاب السياسي الفلسطيني وتحديات المرحلة المقبلة!!!

محمد بسام جودة

2006 / 2 / 24
القضية الفلسطينية


إن قضية الأسري لم يعد يتناولها الخطاب السياسي الفلسطيني الرسمي بشكل واضح ، لاسيما وأن الحكومة الإسرائيلية زادت من تنفيذ حملات الاعتقال في صفوف الفلسطينيين بشكل ملاحظ خلال فترة الانتفاضة ، باعتبار أن مواصلة هذه العملية قد تقلل من وهج الانتفاضة ، وكمحاولة إسرائيلية للقضاء علي القيادات الميدانية والسياسية للانتفاضة من خلال سجنهم واعتقالهم ، لكن المشكلة لم تكمن في ذلك قط، إن حقيقة هذه المشكلة تكمن في تحويل قضية الأسرى إلى قضية تفاوضية لفرض تنازلات سياسية علي الفلسطينيين مقابل حل هذه القضية ، إلا أن القيادة السياسية الفلسطينية أخذت تتراجع بموقفها وخطابها السياسي والإعلامي تجاه هذه القضية ، إذا ما تغيب فعلاً هذا الخطاب عن تناول هذه القضية بشكل أقل ظهوراً وتأثيراً مما كان عليه في الانتفاضة الأولى عام 1987م.
فمن مؤشرات افتقاد الموضوعية في الخطاب السياسي والإعلامي الفلسطيني عدم استشارة الفلسطينيين أصحاب الشأن في كل قضية يتم تناولها أو التعبير عنها ، حيث أصبح التعبير والتصريح عن شئون الفلسطينيين بعيداً عن معرفة رأي أصحاب القضية برأيهم أو موقفهم و إنما اتخاذ القرار بشأنهم من وراء ظهورهم.
لاسيما وأن هناك قادة في السجون الإسرائيلية لهم دورهم السياسي والنضالي وذوي الخبرة كالمناضل مروان البرغوثي وحسام خضر وعبد الرحيم ملوح وغيرهم ، إذ تفرد بتقرير مصيرهم الذين التقوا في فندق سياحي بخمسة نجوم على شاطئ البحر الميت في جانبه الأردني.
وحين قراءة بعض التصريحات والمواقف لبعض المسؤولين في خطاباتهم الإعلامية حول قضية الأسرى أو القضايا المصيرية الأخرى ، نجد أن خطاباتهم ليس لها مثيل في كل تجارب حركات التحرر الوطني في العصر الحديث، كما أن لها دلالتها الغير منسجمة مع تطلعات و رأي المجتمع الفلسطيني .
وفي قراءة الخطاب السياسي الفلسطيني في ضوء التجارب الإنسانية لن نغوص في صفحات التاريخ، وحسبنا الإشارة إلى حالتين الأولي قريبة العهد والثانية معاصرة. فعندما فشل بطل فرنسا التاريخي الجنرال ديجول في قمع ثورة الجزائر، واضطر إلى الدخول في “سلام الشجعان” الذي يحلو لقيادتنا السياسية تسميته بكنيته وهو اتفاق أوسلو البائس أصرت قيادة الثورة في الخارج أن يكون الحوار مع أحمد بن بيلا ورفاقه المعتقلين في فرنسا، وان ينقل المعتقلون للحدود السويسرية كي يتم التواصل الحر معهم. وعندما وقع الاتفاق لم يتبق في السجون الفرنسية أسير واحد، إذ لم يخضع موضوع الأسرى لمنطق المساومة أو يتأثر بالنزاعات المحتدمة بين قادة الثورة.
واليوم يضرب حسن نصر الله، وقيادة حزب الله، مثالا للالتزام الأخلاقي والوفاء الوطني، بالإصرار على أن يكون المناضل سمير قنطار في مقدمة المفرج عنهم من الأسرى العرب. علما بأنه حين وقع سمير قنطار في الأسر كان عضوا في منظمة يسارية فلسطينية، ولم يكن حزب الله قد برز للوجود، ولا عرف عن سمير قنطار ولاؤه لحسن نصر الله وإخوانه في قيادة حزب الله.
وبالتالي يجب النظر بضرورة التمييز بين "مشكلة " الأسري لأن عبارة "مشكلة" توحي بأن حلها يأتي عبر احتساء قدح من القهوة لكننا نؤكد على عبارة قضية الأسرى فهناك فرق كبير .
إنني أعتقد أن قضية الأسري تعد القضية المركزية الأهم ضمن تلك القضايا التي تشكل في مجملها جوهر الصراع مع الكيان الإسرائيلي ، والتي هي بحاجة ملحة لأن تأخذ قيادتنا السياسية موقف موحد وواضح تجاه هذه القضية ووضعها ضمن أجندتها الأهم في المسيرة الوطنية والكفاحية للشعب الفلسطيني ، سيما وان التغيرات التي طرأت علي واقعنا السياسي وفوز حركة حماس بعدد كبير في مقاعد المجلس التشريعي ، ومن ثم وجودها مع باقي الأطر الاخري في هذا المجلس وربما الحكومة يساهم في بلورة خطاب سياسي فلسطيني معلن وواضح قادر علي التكيف والتوافق مع مفهومي التفاوض والمقاومة ،و يلائم طبيعة الصراع في المرحلة المقبلة ، في ظل التعقيدات والمتغيرات التي تعيشها القضية الفلسطينية من جهة والمواقف السياسية الدولية تجاه القضية الفلسطينية من جهة ثانية .
أعتقد أن التأكيد على الخطاب السياسي الفلسطيني المتضمن للثوابت الفلسطينية والتي أجمع عليها شعبنا الفلسطيني وفصائله والتي فجر انتفاضة الأقصى المباركة لأجلها والعمل الجاد والمدروس في نفس الوقت لتطوير وسائل الأداء الفلسطينية سواء على مستوى السلطة ومؤسساتها الإدارية والأمنية والدبلوماسية والتشريعية والقضائية والتنموية ، وعلى مستوى فصائل المقاومة والعمل السياسي الفلسطيني ووسائلها في المقاومة والدفاع عن مكتسبات شعبها وثوابته ، يحتاج منا إلي مراجعة شاملة ودقيقة لصياغة خطاب موحد تجمع عليه كل الفصائل والفعاليات والأطر الرسمية والشعبية ، لأن الهجمة الإسرائيلية العنصرية الاستيطانية رغم ما لحق بها من ضربات موجعة على يد المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها والتي تمثلت أخيراً في انكسار حركة الاستيطان وجلائه عن قطاع غزة إلا أن هجمتها وعدوانها على حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته مستمرة سواء في الضفة الغربية والقدس والأغوار من خلال جدار الفصل العنصري وتوسيع حركة الاستيطان وكذلك في قطاع غزة والذي أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن عدم رغبتها في تخليها عن سيطرتها الأمنية عليه وخصوصاً فيما يتعلق بمعابره البرية والبحرية والجوية وبالتالي تقييد حرية وحركة الشعب الفلسطيني من والى القطاع في كافة المجالات ، أي تحويله إلى سجن كبير يأوي 1.4 مليون فلسطيني !!
وما العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني في شتى مناطق الضفة الغربية والمتمثل في ممارسة سياسة القتل والاغتيال والاعتقالات والحواجز إلا تأكيد واضح من جانب الحكومة الإسرائيلية بزعامة شارون ومن بعده أيهود اولمرت أنه لا يوجد لديها أي أفق سياسي للتقدم نحو المفاوضات مع الجانب الفلسطيني والتي يتم من خلالها إنهاء الاستيطان في بقية الأراضي الفلسطينية والتوصل إلى تسوية نهائية تنهي الاحتلال الإسرائيلي لها والذي بدأ في 5 حزيران 1967 م وتؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة بل إن ما يكشف عنه تفكيرهما السياسي وممارسات مستوطنيهم وجيشهم المحتل في الأغوار و القدس والضفة عموماً هو ابتلاع ومصادرة الأرض الفلسطينية وخلق الحقائق والوقائع على الأرض التي تؤدي إلى تفتيت الوحدة الجغرافية والإقليمية للأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تتنافى وإنهاء الاحتلال والاستيطان والتوصل إلى تسوية نهائية ، إنها تخطط لحل أمني مرحلي طويل الأجل !!!

أخيرا أعتقد أننا نقف الآن أمام عتبة مرحلة أكثر ضبابية وتعقيداً تجاه مستقبل القضية الفلسطينية بجميع محاورها وتفصيلاتها ، مرحلة باتت أكثر إلحاحا لإيجاد وبلورة خطاب سياسي وإعلامي فلسطيني قادر علي مواجهة كل التطورات الحاصلة إقليميا ودولياً ويعطي صورة ورؤية صريحة وثابتة للموقف السياسي الفلسطيني تجاه العملية السياسية في المنطقة ، تكون فيه قضية الإفراج عن الأسري القضية المركزية كشرط أساسي قبل الدخول في أي مرحلة تفاوضية لاحقة!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام