الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما معنى أن تكون مثقا؟

عبيد لبروزيين

2017 / 11 / 25
الادب والفن


ما معنى أن تكون مثقفا؟
المثقف حسب المعاجم العربية مأخوذ من مادة ثقف، والتي تدل في اللغة على الفهم والفطنة والذكاء، ولكن، ماذا يعني أن تكون مثقفا؟ بداية، وإجابة عن هذا السؤال، لا بد من تحديد الخصائص التي تجعلنا نطلق على إنسان ما صفة مثقف، فليس من قرأ ديوانا أو كتابا يستحق هذه الصفة وهذا النسب، أو حتى من كتب مقالة أو كتابا يشفع له بدخول نادي المثقفين، لأن المثقف يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الصفات، نذكر بعضها، إنه من أطلق عليه القدماء بحر زمانه، وهنا نستحضر الشرط الأول وأريد به الموسوعية، إذ على المثقف أن يكون جامعا لعلوم زمانه وماضي الأمم السابقة في شتى المجالات والتخصصات.
أما الشرط الثاني، أن لا يكتب باسمه، بل باسم الجماعة والوطن، أو حس إنسانيّ يجعله ينتقل من المحلي إلى الكوني، هذا الكوني الذي يشمل الإنسان بكل عوالمه، وليس المراد الفكر والأدب الغربي، الذي يترجم بأنه عالمي في الدراسات العربية دون وجود مبرر لذلك، حيث أدى هذا الفهم الخاطئ لدور المثقف إلى ظهور أشباه المثقفين، له حظ وافر من الفكر الغربي ولا شك، ولكن يجهل تراثه ويتنكر لواقع أمته، فلا يستطيع كتابة مقالة أو كتاب يوجه به العامة التي ظلت تائهة ومستهلكة لدرجة التقزز. وهو ما سماه طه عبد الرحمان بالحداثة المقلّدة، إنه استلاب واستعمار جديد، خسر فيه المثقف أول معاركه، لأن المثقف يجب أن ينتصر للعقل الكوني، وأن يتابع النتاج الأدبي والفكري، قديمه وحديثه، وربطهما بالواقع لإيجاد حلول للمشاكل الإنسانية، وهنا أستحضر مصطلح المثقف العضوي الذي نحته كرامشي.
والشرط الثالث، أن لا يضع يده في يد السلطة، بل يقف لها بالمرصاد، ويقوّم اعوجاجها وينتصر للحق على الظلم، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإن أصبح جزءا من السلطة صار لسانها، واقتصر دوره على إيجاد مبررات لقراراتها، مهما كانت ظالمة ومجحفة. المثقف دونكيشوط زمانه، بدون سيف أو تابع أو فرس، يحرر الرقاب من شرنقة الجهل، ويضيء طريق التائهين والضائعين.
مثقف، صفة لا يستحقها أحد في هذا الزمن الرديء، لأن المثقف الحقيقي انهزم عندما أفسدت الأخلاق، وباع روحه للشيطان كما فعل فاوست، غير أنه باعها من أجل المعرفة، أما المثقف فباعها من أجل المال والظهور بربطة عنق أنيقة على شاشة التلفاز، أو ربما يهتم بالشكل فيسدل شعره، ويضع فوقها قبعة صغيرة، ونظارة يختبئ خلفها كي لا تقع عينه في عين أحد. أعتقد أن المثقف الفعلي مات بموت أفلاطون والفلاسفة الإغريق، وفلاسفة عصر النهضة، المثقف يربح معركته بالليل ويحصي عدد هزائمه في النهار.
عبيد لبروزيين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب