الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاخر بعثية: قمع وإستبداد وتفقير عام!

طارق حمو

2006 / 2 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قرأنا هذا التصريح( سيريا نيوز 16/2/2005)، والذي إنطلق من وزير الإعلام السوري الجديد، الذي أحتل منصبه هذا في التغيير الوزراي( التحديثي والإصلاحي!) الذي، أيضاً، قيل لنا أن الرئيس السوري الشاب بشار الأسد أشرفّ عليه شخصياً. "وزير الاعلام : الرئيس الاسد وضع المواطن السوري أولوية أمام عينيه إنها لمفخرة كبيرة ان يكون الانسان عربياً سورياً: أكد الدكتور محسن بلال وزير الاعلام ان الرئيس بشار الاسد وضع المواطن السوري أمام عينيه كأولوية لعمل الحكومة الجديدة وإعتبره الأساس في ذلك . وقال د. بلال في أول تصريح له عقب أدائه اليمين الدستورية اليوم ""ان الرئيس حدد أولويات الحكومة بسعيها جاهدة لتحقيق أكبر قسط ممكن من آمال المواطن حيث ركز على المواطن في سورية وكيف نعمل على إسعاده وكيف نخفف عنه أعباء الحياة وكيف نساهم بأن يكون مواطناً مرتاحاً بأسرته بصحته بتعليمه وبتأمين عمله(...)وقال وزيرالاعلام، مطلوب منا أن نقدم بلدنا كماهي سورية فعلى المستوى السياسي في العالم ينظر اليها كبلد مهم إن لم اقل الأهم في المنطقة وحجر الزاوية في المنطقة وان نركز على مدى أهمية بلادنا وعلى مدى الموقف السياسي السوري المستقل الذي يقرر في دمشق وليس خارجها ..تصنع قراراتها هنا بيدها ومن عقلها وضميرها ووجدانها وبحسب مصالحها الوطنية والقومية،(...) واكد وزير الاعلام في بانها مفخرة كبيرة ان يكون الانسان عربيا سوريا ينتمي الى بلد قراره نابع وناتج منه وليس من الخارج"!!.

وليتمعن المرء في هذا الخطاب الخشبي المتخلف الغارق في الإيديولوجية البعثية الشعاراتية، كطريقة لمخاطبة العالم و مواجهة التحديات أو الظروف الصعبة والغير مسبوقة التي يٌعاني منها النظام السوري،الذي أدخل سوريا البلد في متاهة خطرة حقاً، جراء سياساته ومغامراته ونهبه الفظيع والغير مسبوق. وذلك بعد تورطه في ملفات فساد وجرائم دولية في كل من العراق ولبنان، ومحاولته تصدرّ المشهد الصاعد في الحقبة الغوغائية التي تمر بالمنطقة العربية: حيث المزايدات والعنتريات في التسابق على "الأسبقية" و"الصدارة" في "الدفاع عن الأمة والذود عن حياضها"، في وجه مايسمونها "بالهجمة العالمية"( الصهيونية والأمبريالية طبعاً) التي "تستهدف قيم وحضارة وتراث وشخصية الأمة"!، وما شاهدناه في كل من طهران ودمشق( وبيروت تالياً..) من تحريك للرعاع وسقط المتاع في حرق وتخريب لسفارة الدنمارك للإحتجاج على الرسوم الكاريكاتورية التي صورّت نبي الإسلام محمد بن عبدالله خير دليل على هذا القول. وبالعودة لحديث وزير الإعلام السوري الجديد، الدكتور محسن بلال، خريج الجامعات الغربية والرجل ذو الباع الطويل في العمل الدبلوماسي( فن السياسة والتصريحات المتوازانة الدقيقة بالضرورة..) فأن المرء يستطيع إستخلاص عدة نتائج من ملفوظ السيد الوزير، للإرتكاز عليها، لفهم خطاب الإعلام السوري الرسمي في قادم الأيام: ذاك الخطاب الدائر في فلك لغة التعبئة والتحريض والشعار المستهلك والمفلس تماماً منذ أعوام الستينيات:

1ـ الرئيس الأسد وضع الأنسان السوري، كيفية تطويره والإرتقاء به، ضمن أولى أولوياته!.

2ـ تقديم سوريا الوطن كما هي حيث "على المستوى السياسي في العالم ينظر اليها كبلد مهم إن لم اقل الأهم في المنطقة وحجر الزاوية في المنطقة(...) ودمشق "تصنع قراراتها هنا بيدها ومن عقلها وضميرها ووجدانها وبحسب مصالحها الوطنية والقومية"..

3ـ المفخرة في أين يكون الإنسان عربياً سورياً يعيش في ظل دولة البعث و "ينتمي الى بلد قراره نابع وناتج منه وليس من الخارج!!".

فأولاً، لايعلم المرء كيف أن الأسد وضع الأنسان السوري، كيفية تطويره والإرتقاء به، ضمن أولى أولوياته، وهذا الإنسان/ المواطن أعيد إلى مرحلة المشاعية الأولى والإلتقاط من "براميل الزبالة"، وإنحدر نصف السوريين إلى أدنى مستوى تحت خط الفقر، حيث الجهد والكدح و"المرمرطة" في أكثر من وظيفة أو وظيفتين( في حال توفرها) لتأمين الخبز والتدفئة ولباس المدرسة (الموحد!) للأولاد. أي إنسان سعيد هذا الذي صنعه معلم السيد الوزير، هذا الذي يستطيع عنصر مخابرات جاهل "فعس" رأسه بجزمته العسكرية، و"شحطه" بمائة تهمة وتهمة إلى "ماوراء الشمس" ليقضي بقية عمره في فروع "فلسطين" و"العروبة" و..."تدمر"؟!.

ثانياً: كيفية صنع الموقف السوري الوطني، أو مايقول السيد الوزير بأنه فن صنع القرار في دمشق وليس قبوله مفروضاً من الخارج، فسوريا"..تصنع قراراتها هنا بيدها ومن عقلها وضميرها ووجدانها وبحسب مصالحها الوطنية والقومية". على حد دعايته، وهو نموذج آخر وبائس من خطاب الشعار الذي حشر سوريا في عنق الزجاجة ووضعها، بمعيّة الجهلاء والنهابين، في وجه المجتمع الدولي، وتحت مرمى النيران الأميركية التغييرية الناهضة في المنطقة. وهو تهرب فاضح ومفضوح من الواقع المحبط للشعار البراق ودنيا الكلام المعسول والمحشو بمنطلقات البعث الفكرية والنظرية!. فالمعروف أن النظام السوري عرض كل مالديه من بضاعة على القوى الكبرى، وكشف عن كل أوراقه مسخراً إياهاً لخدمتها وخدمة مشاريعها( ولاسيما الأمنية والإستخباراتية منها)، لكنه فشل. فقرر بعد ذلك ـ ولانعرف عملاً برأي أي مستشار جهبذ ـ التصعيد والتلويح "بالفوضى الخلاقة" وعلى أكثر من جبهة حساسة في المنطقة كبديل له، أملاً في ردع القوى الدولية من محاسبته ومحاكمة رموزه على رؤوس الأشهاد...

ثالثاً: لايتوانى وزير الإعلام عن إمتداح المواطن الذي يفخر بكونه سورياً عربياً وظل دولة البعث الرشيدة: ذلك "البعث" الذي هربّ رجالاته، من الرفاق المناضلين، أكثر من مائة وخمسين ملياراً من ثروة الشعب( بإعتراف وزير التخطيط السابق د.عصام الزعيم) لتكديسها في البنوك الغربية. على السوري أن يفخر كذلك بنظام "البعث" الذي جعل حياته جحيماً من الفساد والرشاوي والمحسوبيات و نظريات" الحلوان" و" شو جايبلنا معك" و"حك لي لأحك لك" وكوارث التقارير الأمنية المودية لدروب الهلاك والضياع...

والحال، أن قاموس الإعلام البعثي الغوبلزي لايتوانى عن التركيز على "التاريخ" و"التراث" و"العزة الوطنية والقومية" و"الحضارة" و"قيم الأمة" و"الهجمة الصيهيونية والإمبريالية" و"المخطط الدولي" و"محاولات إركاع سوريا" و"القوى المتربصة" و"المؤامرات/المخططات التي تحاك في الخفاء" و"قلعة الصمود والتصدي" و"التوازن الإستراتيجي مع العدو الصهيوني" ومئات المصطلحات الأخرى لشحن المواطن الجائع والمنهك ضد فزاعات هوائية توطد من ظلمه وإستبداده. بينما يقوم الرفاق بنهب البلد في عز الظهيرة وتسجيله عقاراً ملكاً خالصاً، تأميناً لمستقبل الذرية المباركة من أولاد وأحفاد واقارب حتى من الدرجة المائة!. وبعد كل هذا يطلب سيادة الوزير الجديد من السوري أن ينشرح ويفرح بكونه سورياً وعربياً( والتشديد هنا على صفة العربي، لمزيد من إكتساب النبرة القومية العروبية)، ولعل السوري يغني بعد ذلك، أي بعد أن ينشرح ويفرح، مع الفنان عبدالرحمن آل رشي في أسكيتش( أنا سوري) حينما قال وهو يحمل البارودة: لالي... لالي.. لالي أنا سوري يانيالي، أنا عربي آه يانيالي)، مع الملاحظة هنا أن آل رشي ليس بعربي، رغم سوريته التي لايشق لها غبار، بل هو كردي من أبناء القومية الثانية التي جردها البعث من كل الحقوق القومية والإنسانية، ومنحها كل "الحقوق" التي وهبها للمواطن العربي من ظلم وفقر وإستبداد: فالكل، كما يجب أن نتذكر، في دولة البعث ودولة السيد الرئيس سواسية كأسنان المشط....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم