الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مئوية ثورة اكتوبر .. تأثيرها الحاسم في تاريخ القرن العشرين ( 1 )

رضي السماك

2017 / 11 / 25
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


من المفهوم في ظل انحسار اليسار العالمي وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ألا تكون احتفالاته بذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية رغم مرور قرن عليها هذا العام كاحتفالاته الضخمة على مختلف الأصعدة الفكرية والثقافية والاعلامية و الفنية وحتى الكرنفالية في زمن الاتحاد السوفييتي وصعود اليسار فإنه من غير المفهوم تماماً ان تغيب ذكرى هذا الحدث التاريخي العالمي الفائق الأهمية عن تحليلات المؤرخين والمحللين العالميين ومراكز الابحاث والدراسات وألا تُعقد ندوات عالمية فكرية تُعقد لهذا الغرض ولو من خلال تقييمات غير يسارية محايدة أو حتى معادية للثورة اللهم استثناءات محدودة .
فلم تكن ثورة اكتوبر 1917 في روسيا مجرد واحدة من الأحداث الهامة الاعتيادية للقرن العشرين بل كانت واحدة من أكبر الانفجارات السياسية والفكرية التي هزت العالم إن لم تكن الانفجار الأعظم وطبع تأثيره بعد قيام الدولة السوفييتية التي أثمرت عنها الثورة على امتداد القرن بأكمله تقريباً ، ولا يكاد أي حدث عالمي من أحداث العالم منذ قيام الاتحاد السوفييتي ه إلا وبصماته جلية واضحة بهذا القدر أو ذاك تركت بصماتها بدءاً من التأثير في نتائج الحرب العالمية الاولى ( 1914 - 1918 ) عشية تأسيس الدولة السوفييتية ، ومروراً من الدور الحاسم الذي لعبه خلال الحرب العالمية الثانية ( 1939 - 1945 ) لانهائها بالانتصار الحاسم على المانيا النازية وما ترتب على هذا الانتصار من مكتسبات حوّلت الاتحاد السوفييتي الى دولة عظمى مُهابة على الساحة الدولية وفي المنظمة الدولية كواحدة من الدول الكبرى الخمس المتمتعة بحق الڤيتو وما تبع ذلك من نشوء نظام عالمي جديد عٰرف بنظام القطبية الثنائية الذي تُهيمن عليه الدولتان العظميان في العالم ، هي وغريمتها الولايات المتحدة ، ثم ما تبع أيضاً ذلك من اكتشافها سر القنبلة النووية وتحولها- الدولة السوفييتية - الى إحدى الدول التي تمتلك ترسانة جبّارة من الاسلحة النووية تضاهي الولايات المتحدة ، وليس انتهاءً بالدور المحوري الكبير الذي لعبه الاتحاد السوفييتي في القضاء المُبرم على الامبراطوريات الاستعمارية الغربية في العالم وذلك من خلال تقديمه مختلف أشكال الدعم المالي والعسكري والتعليمي لحركات التحرر العالمية وبخاصة لقواها اليسارية التي كانت في طليعة تلك الحركات في أغلب البلدان المستعمرةَ ولا سيما الاحزاب والتنظيمات الشيوعية التي تأسست بعد ثورة اكتوبر وكان من أهم العوامل الموضوعية لنهوضها وتنامي قوتها ما كانت تحظى به من رعاية ودعم دؤوبين من قِبل الاتحاد السوفييتي فضلاً عن دعم ما عُرف بالأنظمة الوطنية في آسيا وأفريقيا .
ولكي ندرك جيداً التأثير الهائل الذي لعبه الاتحاد السوفييتي في تغيير خريطة العالم السياسية ، ولا سيما في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، وعلى الأخص في تطور حركات التحرر العالمية يكفي أن نشير هنا إلى ان ملياري إنسان كانوا يرزحون تحت نير الاستعمار الكولونيالي الغربي ( الخبرة التاريخية للحزب الشيوعي الاتحاد السوفياتي ، الفارابي 1985 ، ص 144 ) ، علماً بأن البلدان الواقعة تحت الاستعمار الغربي كانت تشكل غداة ثورة اكتوبر 72% من أراضي المعمورة ويشكل مجموع القاطنين فيها نحو 70% من سكان العالم ، وبعد أن أحرزت غالبية هذه البلدان استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت دولها ( أكثر من 70 دولة ) تمثل ما يقرب من ثلثي دول العالم التي أنضمت إلى الامم المتحدة وأنضمت غالبيتها العظمى إلى حركة عدم الانحياز التي تأسست عام 1960 ، وعلى الرغم من إعلان هذه الحركة الحياد بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي إلا أنه كان يغلب عليها الوجه الوطني التحرري في معاداة الاستعمار وفي العلاقات الحميمة والصداقة التي كانت تربط أغلب دولها بالاتحاد السوفييتي ، بل وبرز تأثر عدد كبير من دولها بالاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية في تشييد انظمة ذات توجهات اشتراكية على النمط السوفييتي بعد الاستقلال . ( إنظر تاريخ الحركة الثورية العمالية والديمقراطية ، جماعة من الاساتذة ، الفارابي ، 1985 ، ص 23 ) .
وهكذا فكما نرى من الإستحالة تخيّل شكل خريطة العالم السياسية في القرن العشرين والتي بدأت تتشكل بعد الحرب العالمية الاولى وصولاً إلى شكلها شبه النهائي في أوائل ستينيات ذلك القرن لولا لم تقم ثورة اكتوبر البلشفية في روسيا عام 1917 ولولا قيام دولتها الاتحاد السوفييتي الدولة التي تحولت سياسياً في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى دولة عظمى ولربما لما قامت هذه المنظومة الكبيرة من دول العالم الثالث المستقلة والتي أصبح لها وزن مؤثر بدرجة أو بأخرى على الساحة الدولية وفي مناوئة السياسات والمشاريع والخطط الغربية الهادفة الى الهيمنة وفرض التبعية والاستتباع على الدول المستقلة بأدوات ووسائل متعددة اقتصادية وسياسية وثقافية وإعلامية تحت وفق ما بات يُعرف ب " الاستعمار الجديد " . بيد أن ثورة اكتوبر لم يقتصر تأثريرها الكبير على التحولات السياسية التي شهدها العالم بل ولعبت أفكارها أيضاً دوراً محورياً في التحولات الاجتماعية داخل روسيا وبلدان جمهوريات الاتحاد السوفييتي وداخل عدد كبير من بلدان العالم الثالث الحديثة الاستقلال بل وحتى بدرجات معينة في الدول الرأسمالية ، نفسها وهذا ما سنتطرق له في المبحث القادم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار