الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة واقعية ( الجزء الأول).

يوسف عراض

2017 / 11 / 25
الادب والفن


تشير الساعة إلى السادسة والنصف صباحا، استيقظت بكل حيوية كعادتي على موسيقى هادئة أزحت الستار الملون وفتحت النافذة التي تطل على حديقة شاسعة، يوجد منها الكثير بهذه المدينة التي تختلط فيها أشعة الشروق بألوان الزهور المتنوعة مما يضفي طابعا خلابا على منظر هذه المدينة. اعتدت ارتياد هذه الحديقة كل يوم للعب مع أبنائي الثلاثة يوسف وأحلام وأسماء نعرفها كما نعرف منزلنا ويسعى جل سكان الحي للحفاظ على نظافتها بأنفسهم. أخذت حماما سريعا، وأعددت الفطور في دقائق، استيقظ الأطفال كعادتهم بشكل حماسي على الساعة السابعة و كل يعرف ما يتوجب عليه فعله، اجتمع الكل حول المائدة وبعد تناول وجبة الفطور؛ خرج يوسف أولا والذي كان على موعد مع رحلة علمية إلى المتحف الوطني، مستقلا النقل المدرسي الذي توفره الدولة في مثل هذه الخرجات العلمية التي تنظمها المؤسسات.
أما أحلام وأسماء فأمسكت إحداهما بيد بالأخرى في نشاط وسرور واتجهتا إلى المدرسة التي لا تبعد إلا دقائق معدودة عن المنزل. نفترق كل صباح بنشاط وننتظر بلهفة قدوم المساء لنتلقى مجددا بحكم أن المدارس في مديتنا توفر وجبتين للتلاميذ مع الإيواء طيلة اليوم. كلما سألت أطفالي عن أحوال المدرسة إلا وأجابوا أنهم سعداء بمدرسيهم ومدرستهم وأصدقائهم. يبدو نظامنا التعليمي رائعا في تنظيمه ومناهجه ومدرسيه والمسؤولون عن القطاع بشكل عام ومن أهم انجازاتهم أنه لا توجود مدارس خاصة على الإطلاق، لهذا فمن البديهي أن تجد في القسم الواحد أبناء الوزراء، وكبار الشخصيات، والعاملون في مهن حرة وعامل النظافة والأساتذة والأطباء.
وضعت حقبتي في يدي وخرجت في هدوء، كنت في حيرة من أمري هل أستقل سيارتي للعمل أم المترو الذي يقدم خدامات في المستوى المطلوب للمواطنين فكرت مليا واستقر اختياري على دراجتي العادية، كمساهمة مني في الحفاظ على نظافة هواء المدينة، والتقليل من الازدحام، اذ لاحظت في السنين الأخيرة أن جل المواطنين يسعون في كل تصرفاتهم اليومية لتفادي الازدحام ويعملون جاهدين للحفاظ على منظر المدينة كي يبقى خلابا كما هو عليه الآن، اذ تكاد المبادرات الحكومية والتطوعية تغطي كل المدينة وتختلف في أهدافها وطرق معالجتها، فانعكس ذلك ايجابيا على المنظر العام... وصلت إلى الجامعة قبل عشرة دقائق من طلبتي الذين يحضرون بشكل دائم في الوقت المحدد.
دخلت إلى القاعة، أخرجت إعدادي المسبق لمحاضرة اليوم والتي كان موضوعها حول "تاريخ مدينة طروادة الأسطورية" وألقيت عليها نظرة جديدة. وقفت أمام باب القسم استقبلت الطلبة بابتسامة عريضة، لاحظت كل أنواع الفرح والسرور على محياهم، بعد أن دخل الكل اتجهت إلى مكتبي وأفصحت لهم عن عنوان المحاضرة، إذا بي أسمع أصوات مزعجة، صوت لبائع المتلاشيات، مناديا " ياع ياااع ...يااااع" وآخر لجامع الخبز يصيح بصوت عال "خبييز كارم" وقد اكتشفت للتو أنني أخرست جرس المنبه، وأنني كنت في حلم رائع، فوت علي الوصول إلى الجامعة في الوقت، نظرا لبعد موقف الحافلات التي قد تتوقف أو لن تأتي أصلا بحكم الأعطاب المتكررة وزحمة المواصلات وغياب أي خط لسيارات الأجرة في اتجاه الجامعة التي توجد في أطراف المدينة، فاكتشفت وابتسامة الحسرة بادية على وجهي أنني كنت في حلم جميل.


https://www.facebook.com/youssef.arrad.9








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب