الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سامراء.. الرهان.. والتداعيات

سعد الشديدي

2006 / 2 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


مرة أخرى تمتد يد الأرهاب لتطال احد رموز الوحدة العراقية. هذه المرة كان الهدف مرقد الأمامين العسكريين (ع) في مدينة سامراء شمالي بغداد. لم يكن الحدث غريباً ولا حتى الهدف الذي تمّ انتقاءه بمهارة وحرفيةٍ عاليتين. فالأعتداء الآثم هو حلقة من سلسلة من الأعتداءات على رموز تجذرت عبر الزمن لتشكل سدى ولـُحمة التناغم المذهبي الشيعي- السنيّ في عراق الرافدين. وكانت مجزرة جسر الأئمة مابين الكاظمية والأعظمية احدى اكثر تلك الأحداث التي دعت العراقيين من ذوي العقول والضمائر الى استقراء الواقع السياسي بشكل جديد. حاول مدبروا المجزرة ومنفذوها، من التكفيريين وحلفائهم، الى استغلال مشاعر الصدمة لدى العراقيين ووضعها في خدمة مخططهم لضرب الوحدة الوطنية العراقية. وخلق حالة من الأستنفار والتخندق الطائفيين بين عرب العراق سنةً وشيعة وتهيئة الأجواء لأشعال شرارة الحرب الطائفية إلا انهم فشلوا في ذلك. ونجح العراقيون في كسر ظهر الحصان الذي راهن عليه اعداء الحرية والديمقراطية في بلدنا.
الآن نحن أمام حدثٍ استثنائي. فلم يحدث في تاريخ العراق ان تمّ الأعتداء على اماكن مقدسة وبهذا الشكل الذي تفوح منه رائحة النزق الحيواني إلا مرة واحدة في التاريخ. حين اقدم المتوكل العباسيّ سنة 236 هـ على هدم قبر الأمام الحسين (ع) وما حوله من عمران ومنعَ الناس من زيارته. ولم يعدّ أحد من خلفاء بني العباس ولا غيرهم الى فعل ذلك مرة أخرى. فما فعله المتوّكل كان بدافع التعصّب السياسيّ – الطائفي ولم يحظَ بثناءٍ او اعجابٍ ممن تلاه من الخلفاء والملوك والسلاطين الذي تتابعوا على حكم بلادنا.
فلماذا مرقد العسكريين؟ ولماذا سامراء؟
تشكل مدينة سامراء حالة خاصة جداً من حالات التوائم والتلاقح الثقافي في تاريخ العراق. ويؤكد بعض الباحثين ان اسم المدينة سامراء ما هو تعريبٌ لأسمها الآرامي شامرا وانها كانت مركزاً مهماً من مراكز المسيحية الآرامية في العراق قبل الأسلام وكانت تضم كنائس وأديرة وصوامع اضفت عليها طابعاً مقدساً، استمر وبنسقٍ جديد في العهد الأسلامي.
أما ألآن فهي المدينة اللغز. الشاهد الحيّ على التسامح العراقيّ. ففيها تعيش الطوائف والمذاهب الأسلامية في حالة من التوافق الذي لا يمكن لغير العراقيين فهمه أو استيعابه. فالمراقد الدينية فيها لأئمة الشيعة ولكنها تحت حماية وادارة أهل المدينة من السُنة. وسدنة مرقدي الأمامين العسكريين هم من العرب العراقيين السُنة.
هذا هو العراق الذي لا يروق للتكفيريين والطائفيين. هذا هو العراق المحكوم واجياله بنبض التاريخ المتسامح. وهذا هو العراق الذي يريد له الشرفاء من ابناءه وبناته ان يستمر في ضرب أمثلة التعايش الخلاّق ومد الجسور بين مجموعاته الأثنية والعرقية والدينية.
من الواضح جداً بعد كل هذا معرفة لماذا اختارت يد الظلاميين مرقد الأماميين العسكريين هدفاً لفعلتها الأجرامية. ليقولوا لنا: كونوا طوائف وشيعاً وقوميات متحاربة. ليصرخوا في اذاننا: لا نريد لكم ان تعودوا لما كنتم عليه من التسامح. وليرسلوا لنا برسائل الوعيد التي تنزّ كلماتها بالكراهية: سندمر وحدتكم الوطنية ولن تكونوا قادرين على الوقوف بوجه سلاحنا الذي تصوبّه مشاعر العداوة والبغضاء نحوكم جميعاً.
الجواب على تلك الترهات المرعبة بسيط جداً. لنتوحد من اجل عراق يتسع للجميع. لنتوحد من أجل ايقاف شلالات الدم العراقي المهدور. لنتوحد كي نكون امة مثل جميع امم الدنيا ونحضى كغيرنا بالأمن والأمان وربما بقليل من الكرامة والخبز. لنتوحد ولنلقي برايات وطبول الحرب الأهلية بين الأخ وأخيه في مستنقع التخلف الآسن.
ولنتوحد كي نعيش مع العراق ونموت على ترابه ومن أجله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ عقود.. -إسرائيل- تخرج من قائمة أفضل عشر وجهات ل


.. ما مصير صفقة تبادل الرهائن؟.. وهل يتجه نتنياهو للعمليات الع




.. الذكاء الاصطناعي يقتحم سباق الرئاسة الأميركية .. فما تأثير ذ


.. نتنياهو يطالب بمزيد من الأسلحة.. وبلينكن: نحاول تضييف الفجوا




.. منع إسرائيل المشاركة بمعرض يوروساتوري للأسلحة بفرنسا بقرار ق