الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امكنة

صالح جبار خلفاوي

2017 / 11 / 26
الادب والفن


المكان /1

يأتي الصوت مشوشاً .. النبرات الحادة تصل غير مفهومة .. عبر المسافة الممتدة بين تقاطع الشوارع المكتظة و الاشارات التي تحرك السير .. ترابط أمكنة تتنافس على مواقع مرغوبة ومرات أخرى تحمل وميضاً لا يتكرر بستان النخل يسير مع الطريق المبلل من المطر ..

يوقظ رغبة تداري رغيف خبز حار وقدح شاي ساخن .. تصرخ : ألم أقل لك حين يحّل المساء تتكوم عند نبتة العنب ذرات التمني لتكشف عالماً يتفاوض من أجل البقاء يبقون ساهرين حتى مطلع الفجر ..

تتزود الماكنة الهادرة .. من ينبوع يحوي خصلات ليل بهيم وحكاية لا يمكن أن تتناسل الا عندما يهطل بصيص الامل على حافة الصبر ليوقظ قارورة الانحسار ..

أتذكرين كم بقينا نحلم بالوصل .. لكن الليلة اختمار الوصية .. لذا سنوقد قناديل المحبة حيث جذع النخلة حين يتعبه الكرب ..تحركت صوب الباب حاولت أن توصل صوتها لا بعد مكان ممكن .. غير أنه ضاع في الاثير بلا صدى ..

المكان /2

بائع الخضراوات وضع مسدسه تحت قفص الطماطة .. المنادي على الأثاث المستهلك تحسس حزامه ليعدل وضع السكين

.. سائق عربة قناني الغاز لوح بعصاه الغليظة ..تحسست النقود في جيبي وقفلت راجعا الى البيت .. دون أن امر على صاحب المقهى الذي احتال على ولدي واخذ منه مبلغا كبيرا بحجة تعيينه شرطيا .بقي جارنا وحده من يحث ابنه على معرفة نتيجته في امتحانات نصف السنة ..

فيما جارتنا تشاجرت مع كنتها متوعدة إياها بان يهجرها زوجها .. كل شيء متوقف .. الكهرباء مقطوعة من الرابعة فجرا ..

صوت طائرة مدنية تحلق في السماء الصافية الزرقة فكرت .. حتما انهم سعداء لانهم في طريقهم الى عالم أخر ..

المكان /3

البناية التي تقع في يمين الزقاق ما زالت تحمل بصمات الليلة الفائتة حيث انهمار الرؤى على حجر البناء .. عند انحناء الشباك الموارب تستيقظ اراجيح ذكرياتنا .. لا شيء يوقف انفعالات بلاط الارصفة فهي ما زلت تحتفظ بكل تفاصيل خطواتنا .. حينما كنا نخوض في العاب الطفولة التي لم تغادرنا الى الان .. ضفيرتيك المعلقتين بين الجري بابتهاج والركون الى الراحة .. تبث داخلي متعة اللقاء ..

المكان /4

تحسست مفاصلها .. شعرت بِحكة تسري في بدنها .. ربما عامل الغيرة يترك بصماته على سلوكها .. بدت متشنجة وغاضبة .. أرادت أن تعبر عن رأيها الصريح .. لكنه مُنهمك في عمله .. خلف الزجاج تبدو الصور مشوهة .. الغبار المتكدس يمُد خطوطه العبثية .. بقايا عصفور مّر من فوقها .. اهتزازات تحدثها الاصوات القوية ..تعطي انطباعاً بالخوف والترقب ..

المكان /5

وقفنّ جميعاً يتطلعن نحوه .. راوده نفس الشعور بأن يهرش معصميه ..أراد أن يقول شيئاً معبراً عن انزعاجه .. تتألف النظرات عبر ممرات التجاوب .. المشاهد التي بدت غير مرتبة .. صارت تحمل أثار الانسجام فقد رضيت بمقالته وأكتفى بالابتسام .. لأنه يحسبها طفلته المدللة .. بقيت ألأخريات يضحكن بخفوت .. ثم سُمع صفق الابواب فقد انتهى اللقاء .. تشبثت المودة في الاعماق .. لكن نبضُ ظل يسري مع انحسار الضوء المنسحب نحو هدوء الحديقة في الفناء الخلفي للبناية ..

المكان /6

الأثاث المركون في الزاوية البعيدة من الغرفة الرطبة .. كنا نتشاجر لأجل الاستحواذ عليه ..البارحة حضر بائع المواد العتيقة .. لم يعطني سعرا جيدا لبيعها ..

كنت أحسب أن قيمتها كبيرة .. أجابني متشنجا:

عمي هاي راح وقتها .. لا يدري كم اتفقنا من وقتنا في الصراع والتخاصم لأجلها .. الآن أصبحت بلا سعر يذكر.. بقيت في نفوسنا غصة لم نتجرعها بسهولة .. مازال الأثاث ذكرى ترتبط بكل ما مررنا به من أحزان وافراح قليلة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا