الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مئوية ثورة اكتوبر .. إلهامها في العدل الإجتماعي عالمياً ( 2 )

رضي السماك

2017 / 11 / 27
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


ظل حلم العدالة والمساواة الاجتماعية يراود الشعوب والمجتمعات الإنسانية منذ فجر تاريخ البشرية ، ولم تكن الأفكار الاشتراكية التي ظهرت على يد ماركس ورفيقه أنجلز في القرن التاسع عشر إلا الصيغة الاكثر تطوراً لمسار تاريخي طويل من محاولات إقامة مجتمع العدل التي يتساوى الناس ويختفي فيه استغلال الإنسان لأخيه الانسان ، ومع أن أكثر هذه المحاولات التي حالفها النجاح جرت في مجتمعات وعصور سالفة سبقت عصر ثورة اكتوبر وتمت وفق بنى اجتماعية أكثر تخلفاً من المجتمع الروسي الا أنها أقرب إلى الاشتراكية في صيغتها وأهدافها العامة وتلتقي في الجوهر مع الافكار والمبادئ الأكثر تطوراً كما جاء بها ماركس وأنجلز والتي رغم أخطائها القاتلة فإنه لم يظهر مذ عصرهما إلى يومنا هذا ما هو أرقى منها ،سواءً في النظرية أم في التطبيق ، وإن ظهرت صيغ وإسهامات تنظيرية لها سواء بمناحي يمينية متفاوتةالشدة أم بمناحي يسارية متفاوتة الدرجة أيضاً . واستطراداً لهذا المعنى وتأسيساً عليه فإنه لم تظهر أيضاً منذ عصر ماركس وأنجلز تجربة مديدة للعدالة والمساواة الاجتماعية وانتفاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان طبقياً ولو بالحدود الدُنيا الممكنة الا من خلال التجربة الاشتراكية السوفييتية والتي استمرت على مدى ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن ( 1922 - 1991 ) بصرف النظر عما أعتورها من أخطاء جسيمة ظلت تتفاقم حتى أفضت إلى انهيارها المريع مطلع العقد الأخير من القرن العشرين .
على أن تلك الثغرات الكبيرة ما كان لها بأي حال من الأحوال أن تحجب ايجابياتها في المساواة والعدالة الاجتماعية والتي عجزت كل الدول الرأسمالية عن بلوغها ولو في إطار البنى والقوالب التي السياسية والاقتصادية التي شيّدتها باعتبار العدالة الاجتماعية مطلباً عالمياً وقيمة إنسانية عليا مشتركة لا تنفيها كل الانظمة المختلفة ، بل لطالما اعترف الباحثون والمفكرون الرأسماليون ، وبخاصة بعد انهيارالتجربة السوفييتية ، بالاوضاع المتدهورة للمجتمعات الرأسمالية على مختلف الصُعد الاقتصادية والصحية والبيئية والتعليمية والاجتماعية و بما وصلت إليه من طور متوحش متعولم في الاستغلال واهدار آدمية الإنسان على نحو خطير لم يسبق له مثيل في التاريخ منذ الثورة الصناعية . وحتى المكاسب الاجتماعية التي أقرتها الأنظمة الرأسمالية المتقدمة ، وعلى رأسها الضمانات الصحية والاجتماعية ، إنما تمت تحت التأثير الهائل الجذّاب الافكار الاشتراكية التي جاء بها ماركس وأنجلز ونضالات الطبقة العاملة وأحزابها ومن ضمنها أحزاب الاشتراكية الديمقراطية الاصلاحية سواء أثناء استلامها السلطة انتخابياً أم من خلال نضالاتها خارج الحكم وخاصة تلك التي تتم بالتنسيق مع القوى اليسارية والشيوعية . ولو لم يستطع الاتحاد السوفييتي أن يحرز شيئاً من تلك المنجزات في العدالة والمساواة الاجتماعية لما كان مصدر إلهام البتة لكثير من شعوب العالم حتى مع ما شاب تجربته من ثغرات وأخطاء كبيرة . يكفي أن ثلاث معضلات اجتماعية ما برحت تتفاقم وتعاني منها المجتمعات الرأسمالية لم تعرفها مجتمعات الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية السابقة وهي كفالة حق العمل وغياب البطالة والجوع والتسول ، وحق التعليم المجاني التام بمختلف مراحله ، وتوفير السكن بأسعار زهيدة ، وحق العلاج والتأمين الصحي . وعلى سبيل المثال فإذا كانت الرأسمالية اليوم ترفع لواء مكافحة الاتجار في البشر في العمل واستغلال المرأة والأطفال في تجارة الجنس فإن حتى أعداء الاشتراكية يعترفون بإنعدام وجود هذه الآفات الخطيرة المهينة لكرامة الإنسان في المجتمعات الاشتراكية السابقة .
لكن الشيوعيين واليسار عامةً والروس بخاصة - بصفتهم معنيين بهذه التجربة التي ألهمت يسار وشعوب العالم بأسرها - بدرجات متفاوتة- كم هم بحاجة اليوم في مئوية الثورة لإعادة التذكير بأخطائها الجسيمة التي أدت إلى انهيار نظامها السياسي رغم صموده ما يقرب من قرن بغية الاتعاظ واستلهام العِبر منها ورسم أقرب وأنجع الطرق الممكنة للوصول إلى السلطة وإعادة بناء الااشتراكية على اُسس وطيدة ديمقراطياً بالاستفادة من رصيد وخبرة التجربة السوفييتية المديدة بمثالبها ومنجزاتها فضلا عن خبرات قوى اليسار في شتى أرجاء العالم بمنجزاتها واخفاقاتها سواء أكانت خبرات نضالية للقوى التي لم تستلم السلطة قط أم تلك التي استلمتها في أي فترة . ‫








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا