الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأشهر العشرة الأخيرة من حساب المائة عام!! (ج3) مفاتيح المنطقة العربية

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عـــقـــد الـــتــاريــــخ والــجــغــرافـــيـــا!!
وإذا قلنا في نهاية الــ (ج2) :
((وما كان الحريري إلا (كومبارس) صغير في مشهد كبير، يؤدي فيه دور (الصاعق) الذي يفَجَرُ فيه المنطقة بكاملها.. لكن تفجير هذا الصاعق أجل الآن لأسباب مجهولة، لكنه على الأغلب أجل لأسباب (فنيه)..))

وإذا أمكن تأجيل تفجير المنطقة الآن، فإن استحقاقات التاريخ والجغرافية لا يمكن تأجيلها ولا يمكن التلاعب بها، فلهذه المنطقة العربية وعلى مدى التاريخ [مفاتيح ومغاليق] تشكلها أقطار عربية بعينها.. بها تفتح هذه المنطقة على كل مصاريعها لكل من هب ودب، وبها تغلق وتصان وتصبح عصية على أقوى قوى العالم الفاعلة والمهيمنة فيه!!
وقد آن لهذه الأقطار العربية التي هي مفاتيح هذه المنطقة، أن تستعيد ـ وحسب جميع المعطيات الأخيرة ـ دورها التاريخي ذك من جديد في هذه المنطقة الحيوية!!

وقد لا يستوعب البعض مفهوم الدولة أو (المنطقة المفتاح) :
الذي وضحنا بعض جوانبه كمفهوم سابقاً، ونعيد القول عنه هنا ثانية .. فنقول:
أن هناك دائماً، وعلى طول التاريخ المعروف للإنسان، توجد مدن ومناطق في بلدان معينه تلعب أدواراً حيوية في البلاد لا تلعبها المناطق الأخرى فيها، وهي لهذا السبب بالذات تلعب في التاريخ دور المفتاح أو (المفاتيح) للبلد نفسه، وتصبح في الوقت لهذا السبب عواصم ورموز تاريخية لتلك البلدان!.
وهناك أيضاً بلدان معينه في محيط اجتماعي أو جغرافي أو قاري معين، تصلح أيضاً أن تكون (مفاتيح) لذلك المحيط الاجتماعي والجغرافي أو لتلك القارة، فتلعب هذه المناطق هي الأخرى لهذا السبب دوراً محورياً في ذلك المحيط الاجتماعي وتلك الجغرافيا!!

وللمنطقة العربية ـ كما أثبتتها وقائع التاريخ الحي ـ (ثلاث مفاتيح) أساسيه..هي :
كل من مصر والعراق وبلاد الشام على التوالي، وهي البلدان التي تشكل وشكلت على مدى التاريخ المعروف، روح هذه المنطقة العربية ومصدر إلهامها ومحور تاريخها الممتد، وجوهر حضارتها المتعاقبة والغائرة في عمق الزمان وصيرورة الإنسان في كل مكان على سطح هذه الكره الأرضية.. وليس في هذه المنطقة وحدها من العالم!.
وهذه الأقطار العربية الثلاث، هي التي تشكل ((نواة العالم)) القديم أو ((العالم النيلي الرافديني)) كما أسماها المؤرخ والعالم الفرنسي الكبير (بيير روسيي) في كتابه المعجز: ((إيزيس: تاريخ العرب الحقيقي))!!
ولهذا أصبحت هذه الأقطار العربية الثلاث :
هي الأقطار المحورية لهذه المنطقة وهي مفاتيحها الأساسيه، التي تفتحها ـ سلباً أو إيجاباً ـ للآخرين أو بوجه الآخرين، سواء كانوا غزاه فاتحين أو أصدقاء صادقين أو تلاميذ لحضارة وادي النيل ووادي الرافدين ـ يضم من سوريه والعراق معاً ـ منذ فجر التاريخ وإلى الآن!!
ففي حين شكلت ولا زالت تشكل، كل من مصر وبلاد الشام بوابه العرب الحضارية والعسكرية والبشرية من وإلى أوربا والبحر الأبيض المتوسط وبحار العالم الأخرى، كان العراق يشكل، وبنفس المستوى، بوابه العرب من وإلى عالم الشرق في ربوع آسيا حتى بلاد الصين!!
ومن هاتين البوابتين العظيمتين كانت ـ وعلى طول التاريخ أيضاً ـ تخرج إلى العالم الخارجي أنوار الحضارات القديمة والإسلامية، ومعها قيم الأديان وفتوحات الدعاة والمبشرين الحضاريين إلى كل العالم، ومن نفس فتحات هاتين البوابتين تدخل ـ لأسباب أخرىـ جحافل الغزاة الفاتحين: من تتار ومغول وصليبيين وصهاينة ومستعمرين والإمبرياليين أجمعين!!
ويبقى ـ وإلى الأبد ـ على كل من يريد أن يهيمن على العرب وعلى ثرواتهم ومنطقتهم، أو يريد أن يغزوهم أو يحتلهم أو يحكمهم ويتحكم بهم، عليه أن يدخل من أحدى هاتين البوابتين أو منهما معاً!.
وبدون كسر أو خلع أو تدمير هاتين البوابتين، لن يستطيع الغزاة والصهاينة والإمبرياليون الدخول إلى هذه المنطقة العربية مطلقاً.. وهذا وحده يفسر لنا بصوره واضحة جداً ما الذي يجري حالياً في هذه المنطقة بصورة عامة، وما الذي يجري في كل من سوريا والعراق ومصر بصوره خاصة، بوضوح تام لا لبس ولا غموض فيه!!
وستبقى هاتان البوابتان الكبيرتان :
محتفظتان بأهميتهما القصوى، وكحقيقتين إستراتيجيتين أبديتين متحكمتين بمصير ومستقبل وسلام ورفاه واضطراب هذه المنطقة المهمة من العالم.. منهما يبدأ الاستقرار ويسود السلام في هذه المنطقة، ومنهما تبدأ القلاقل والاضطرابات والحروب والمشاكل التي لا تعد ولا تحصى للمنطقة وللعالم أجمع.. وشواهد التاريخ على هذه الحقائق كثيرة قديماً وحديثاً ولا يمكن إحصاء أعدادها:
وأول الشواهد على هذه الحقائق التاريخية: أولى الحضارات القديمة والحضارات المتتالية، والتي قامت وازدهرت في ربوع هذه الأقطار العربية الثلاث، وصولاً إلى الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسيطة، وما قدمته إلى البشرية!!
وثاني هذه الشواهد: ما نعيشه اليوم من دمار وخراب وضياع وهيمنه استعماريه مطلقه، مقارنه بما عشناه مثلاً في الحقبة الناصرية على الأقل، وما مثلته لنا من دور تحرري لأغلب الأقطار العربية والأفريقية، مترافقة مع ازدهار ثقافي واقتصادي ونضوج سياسي وحضاري لهذه المنطقة!!
فمن هاتين البوابتين العظيمتين يبدأ كل شيء في هذه المنطقة وبهما ينتهي، لأنهما المفاتيح الأساسية والوحيدة لهذه المنطقة من العالم. ولا بديل عنهما لقياده المنطقة إلا الخراب والدمار وضياع الطريق والبوصلة، وكما هو حاصل الآن!!

فالسعودية مثلاً التي تقود العرب الآن :
هي نفسها التي تسببت لهم بكل هذا الدمار والخراب والضياع الذي يعيشونه اليوم.. ولن تثمر استمرارية قيادتها للمنطقة العربية إلا إلى المزيد من الدمار والخراب والضياع الكامل.. لأن السعودية غير مؤهله، لا بشرياً ولا تاريخياً ولا جغرافياً لقياده هذه المنطقة المهمة من العالم!.
وتذكروا أن الجزيرة العربية وعلى طول التاريخ المعروف ـ قديماً وحديثاً ـ لم تضطلع بقياده المنطقة ومعها الأمة العربية على مدى التاريخ المعروف، إلا في الحقبة الإسلامية ـ ولمرة واحده قصيرة جداً ـ في حياه الرسول (ص) وخلفائه الثلاثة من بعده، ولم تستغرق قيادتها للمنطقة إلا مده قصيرة، لا تزيد على (أربعين عاماً) وبعدها انتقلت منها.. وإلى الأبد!!
فقد انتقلت عاصمة الأمة وقيادتها إلى مكانها الطبيعي الأزلي.. انتقلت إلى العراق ثم إلى دمشق زمن الأمويين، ثم رجوعها إلى بغداد مرة ثانية في عصر العباسيين ولمده زادت على خمسمائة عام، ثم انتقلت من بعد سقوط بغداد عام 1258 إلى مصر، ثم غادرتها بعد ما يقارب الثلاثمائة عام إلى اسطنبول، واستقرت فيها حتى سقوط الدولة العثمانية في الربع الأول من القرن العشريين!.
ولم ترجع العاصمة الإسلامية إلى الجزيرة العربية مره أخرى أبداً، رغم أن الجزيرة العربية هي مهبط الوحي وموطن رسول الإسلام ومدينته (المدينة المنورة) التي هي مدينه رسول الله (ص) وعاصمته المباركة!.
وهذا لا يرجع لأسباب سياسيه أو إستراتيجيه أو لخلافات الصحابة فيما بينهم، إنما هي لأسباب جيوبولوتيكيه وموضوعيه!!
فعواصم البلدان والإمبراطوريات :
كالرأس بالنسبة للإنسان، والبلدان التي تشكل (مفاتيح) لمجتمعات وأقاليم وقارات هي كالرأس المفكر، هبه إلهيه وطبيعيه اختلطت فيها عبقرية المكان بعبقرية الإنسان بمعجزات الجغرافية وعطائاتها، ومنحت للمكان المعني (قوه ناعمة) لها تأثير قوي ومباشر على وفي محيطها المباشر وربما تتعداه إلى أبعد منه، وتسندها ـ عند اللزوم ـ في هذا (قوه خشنه) تحقق ما تعجز عنه قوتها الناعمة لوحدها!!
*****
ولهذا بدأ الغزو الجديد للمنطقة العربية :
ـ في الربع الأخير من القرن العشرين ـ بمصر أولاً ـ كغزوة نابليون نهاية القرن 18تماماً ـ باعتبار أن مصر أهم مفاتيح وبوابات الوطن العربي.. فعزلوها ومنذ البداية لأهميتها الإستراتيجية هذه، ـ باتفاقيات كامب ديفيد ـ عن محيطها الطبيعي أولاً، ثم حجموها داخل حدودها السياسية المعروفة.. فأفقدوها بهذا دورها الريادي والقيادي المركزي في المنطقة، والذي بدونه لا تساوي مصر شيئاً لنفسها ولا لغيرها!!
وبعد مصر التفتوا إلى العراق ـ في مطلع القرن الواحد والعشرين ـ واحتلوه باعتباره أهم بوابات الشرق العربية، ووضعت سوريه البوابة العربية الثالثة بين المطرقتين، وحوصرت بين البوابتين ـ مصر والعراق المحتلتين ـ لتدميرها وإنهاء دورها العربي المحوري هي الأخرى.. لكنها، ورغم دمارها وخرابها لا زالت صامدة وعصيه على الغزاة لحد الآن!!
وهذا الصورة ـ رغم الغبار الكثيف المحيط بكل شيء ـ هي صوره (طبق الأصل) لما يحدث الآن في ولكل من، سوريه والعراق وحتى في مصر!!
ومع هذا ورغم هذا :
تبقى لمصر أهميه إستراتيجيه خاصة، تجعلها دائماً هي البداية الأصوب لأي لاعب أو محتل خارجي، يريد أن يدخل أو يتدخل أو يغير الموازين الإستراتيجية في هذه المنطقة العربية!!

فمنذ فجر الخليقة وعبر التاريخ الممتد منها إلى اليوم :
وقبل أن يصبح العرب عرباً والأوربيون أوربيين، شكل البحر الأبيض المتوسط فاصلاً وحاجزاً طبيعياً بين الطرفين.. بين الطرف الذي يستوطن الضفة الغربية، والآخر الذي يستوطن الضفة الشرقية الجنوبية للبحر المتوسط.. ومن ثم تكوّن على ضفتي هذا البحر الحضاري الكبير: عالمين وحضارتين ونوعين من البشر.. مجهولين لبعضهما في البداية!.
وبحكم قوانين التاريخ والجغرافية والاجتماع البشري، خلقت على ضفتي المتوسط معادلة تاريخية تتحكم بأحداث التاريخ بين الطرفين وبأحداث العالم من خلالهما، لأن الأبيض المتوسط شكل منطقة القلب للعالم القديم والحديث معاً!!
ونحن وإن كنا نجهل ما نسبته %99,999 بالمائة من أحداث التاريخ الممتدة منذ فجر الخليقة إلى اليوم، لكننا نستطيع بما توفر لدينا اليوم من كشوفات علمية جيولوجية وأنثروبولوجية وآثارية وتاريخية، أن نصوغ تصوراً عن تلك الحقب التاريخية التي تشمل التاريخ بأكمله تقريباً!!
ونحن لا نريد أن ندخل متاهات التاريخ بنسبه المَعْرِفة البسيطة تلك التي نمتلكها عنه، إنما نريد أن نضع أقدامنا فقط على الأرض الصلبة منه، والتي شكلت نقاط ارتكاز صاغت تاريخ هذين العالمين ـ العربي الأوربي ـ المختلفين في كل شيء...
[يــــــــــتــــــــــــــــــــبـــــع]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي