الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رابع وزير للداخلية بعد إدريس البصري ووزارة الداخلية تغير واجهتها

مصطفى عنترة

2006 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


وما هو الهدف المتوخى من هذا التعيين على اعتبار أن التغيير الذي عرفته الداخلية كان يأتي في كل مرة متوازيا مع التغيير في الرؤية، فمرة كان هاجس الانفتاح هو السائد، ومرة أخرى تحكم الهاجس الاقتصادي، ومرة ثالثة عاد الهاجس الأمني..؟ وهل مرد هذا التغيير الذي حضي به قطاع الإدارة الترابية أكثر من غيره إلى عدم وضوح الرؤية مع العلم بأن قطاع الداخلية في البدايات الأولى من حكم الراحل الحسن الثاني عرف سلسلة من التغييرات قبل أن يقع الاختيار على الرجل المناسب في تصور الراحل؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكل محاور الورقة التالية.

في ظرف أقل من خمس سنوات ونصف تربع على كرسي وزارة الداخلية أربعة أسماء بعد إدريس البصري وهم: أحمد الميداوي، إدريس جطو، مصطفى الساهل وشكيب بن موسى، أي بمعدل وسطي سنة وأربعة أشهر لكل وزير على رأس أهم وزارة يدخل في دائرتها الأمن، الجماعات المحلية...
هذا التعاقب على كرسي "أم الوزارات" طرح لدى المهتمين والمراقبين لشأن الإدارة الترابية مجموعة من الأسئلة صبت جميعها في اتجاه البحث عن أسباب مرور أربعة وزراء في ظرف وجيز في وقت عرفت فيه هذه الوزارة بالاستقرار، وهل الأمر يتعلق ببحث الملك محمد السادس عن وزير داخلية على مقاسه كما كان عليه الشأن مع والده؟ وما هو الهدف المتوخى من هذا التعيين على اعتبار أن التغيير الذي عرفته الداخلية كان يأتي في كل مرة متوازيا مع التغيير في الرؤية، فمرة كان هاجس الانفتاح هو السائد، ومرة أخرى تحكم الهاجس الاقتصادي، ومرة ثالثة الهاجس الأمني..؟ وهل مرد هذا التغيير الذي حضي به قطاع الإدارة الترابية أكثر من غيره إلى عدم وضوح الرؤية مع العلم بأن الداخلية في البدايات الأولى من حكم الراحل الحسن الثاني عرف سلسلة من التغييرات قبل أن يقع الاختيار على الرجل المناسب في تصور الراحل؟

بداية قبل عرض بعض من هذه الأسئلة والبحث عن ملامسة الجواب عنها ـ ولو أن الأمر يبقى صعبا جدا لانعدام المعطيات الدقيقة المرتبطة بأسباب اختيار الوزير والحاجة من وراء ذلك ـ فضلا عن الانغلاقية التي تميز النسق السياسي على اعتبار أن مثل قرار تعيين وزير الداخلية يدخل ضمن ما يسمى بالقرارات المغلقة، فقبل عرض بعض من هذه الأسئلة يستحسن أن نقف أولا عند المسار المهني للمتربع الجديد على هرم "أم الوزارات" لكونه سيساعدنا على فهم دلالات هذا التعيين وثانيا عند مؤسسة الداخلية في ظل التطورات السياسية الأخيرة.

الشـــــخص:
قدم شكيب بن موسى إلى كرسي وزارة الداخلية من داخل كتابتها العامة، إذ تولى منصب الكاتب العام لنفس الوزارة زمن مصطفى الساهل، كما سبق أن تولى منصب الكاتب العام للوزارة الأولى ما بين 1995 و1998.
لقد تميز المسار المهني لوزير الداخلية الجديد بتقلبه في عدة مسؤوليات، حيث عمل في وزارة التجهيز كمدير للتخطيط والطرق والسير الطرقي، كما عين رئيسا منتدبا لشركة "صوناميد" ورئيسا للمنطقة الحرة بطنجة. أيضا تولى مسؤولية إدارة "براسري دي ماروك" عندما كانت تابعة لمجموعة "أونا".
ابن بلدة فاس (48سنة) حاصل على دبلوم الهندسة، ينتمي إلى الفئة التي تلتقي في التكوين عند دراسة الهندسة والتكنولوجيا والتدبير المالي والاقتصادي، أي "حـزب التكنوقراط" الممثل في العديد من القطاعات الحساسة، ويتميز بكونه يتوفر على مواصفات النخبة الجديدة التي تقفز بشكل تدريجي إلى بعض مواقع القرار السياسي ببلادنا.
ومن المنتظر أن يشرف بن موسى عن التدبير الإداري اليومي لوزارة الداخلية، فيما يبقى التدبير الأمني الاستراتيجي بيد فؤاد عالي الهمة، رفيق الملك في الدراسة، وذلك ضمن الازدواجية التي تميز هذه الوزارة.
وقد أظهرت بعض الأحداث هذا النوع من التقسيم بين الوزير المنتدب الذي يفصل الاشتغال على الملفات الحساسة التي تلزم رأي الملك وفي الظل، ووزير الداخلية الذي يظهر كرجل ثان داخل هذه الوزارة، مع الإشارة في هذا الباب إلى أن البصري سبق أن نعث الساهل بوزير الواجهة المفتقد لسلطة القرار.

المؤسسة:
تحضى وزارة الداخلية بمكانة متقدمة داخل النسق السياسي، إذ شكلت آلية من الآليات التي استعملتها المؤسسة الملكية للدفاع عن سياستها إلى جانب الجيش والعدل.
فقد برزت هذه الوزارة تاريخيا كأداة فعالة لمراقبة المجتمع وآلية هدفها خدمة تطور واستمرار النظام والحفاظ على شرعيته الدينية وسلطته الدنيوية، بالاعتماد في ذلك على الموارد الطبيعية والاقتصادية وعلى توظيف أحسن للاعتبارات السوسيولوجية والثقافية للمجتمع المغربي.
ويمكن القول إن هذه الوزارة أصبحت ضمن ما يسمى بوزارات السيادة بعد تجربة الاستقلالي إدريس المحمدي على رأس وزارة الداخلية، ذلك أن النظام السياسي أبعدها عن دائرة الأحزاب خوفا من توظيفها في أي صراع سياسي بين مختلف الفرقاء السياسيين ولو أن المحمدي كان ولاءه للملك أكثر من حزب الاستقلال.
لقد أنيطت بهذه الوزارة عدة وظائف، حيث بسطت مراقبتها على كل القطاعات العمومية بدءا من الأرصاد الجوية إلى الثقافة، أكثر من ذلك شكلت مدرسة لتكوين الأطر، إذ تولى أطرها مسؤوليات عدة في قطاعات مختلفة.
وقد لعب البصري دورا هاما في إعادة هيكلتها، إذ ساعده قربه من الراحل الحسن الثاني من إدارة شؤون مجموعة من الملفات الحساسة المرتبطة بأمن الدولة كمشكل النزاع حول الصحراء المغربية، شبكات المخدرات والتهريب، أو تلك المرتبطة بالحوار مع الأحزاب السياسية والنقابات العمالية… الشيء الذي جعل هذه الوزارة بمثابة "غـول" وصفتها "المعارضة الكتلوية" ( نسبة إلى الكتلة الديمقراطية) بـ"أم الوزارات" و"الحزب السري" وغير ذلك من الأوصاف التي أغنت القاموس السياسي ببلادنا.
وهكذا تعالت الأصوات مطالبة بتقليص حجم هذه الوزارة لجعلها كباقي الوزارات من جهة، وإبعاد المتربع على رأسها خاصة وأن البصري كان يتحكم في كل الأجهزة الأمنية المدنية من جهة أخرى، لدرجة أن التناوب الذي كان يسعى الراحل الحسن الثاني إلى إقامته في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي تعثر بسبب تصلب امحمد بوستة، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، بموقفه الرافض لضم "ابن الشاوية" في الحكومة التي كان من المقرر قيادتها.
لقد مرت وزارة الداخلية من عدة محطات. فـ "الداخلية الحزبية"عرفت إثر تولي الاستقلالي إدريس المحمدي مهام هذه الوزارة، ثم "الداخلية العسكرية" بعد تسليم مهامها إلى الجنرال محمد أوفقير، أما "الداخلية الأمنية" فقد عرفت مع إدريس البصري، في حين عرفت "الداخلية المدنية" مع إدريس جطو.

*التعييـــــن:
الملاحظ أن تعيين شكيب بن موسى خلفا لمصطفى السـاهل لم يشكل الحدث من حيث الاهتمام الذي كان يجده كل تغيير يمس وزارة الداخلية، مما يفيد بأن النظام السياسي قد استطاع أن يجعل من استبدال وزير للداخلية أمرا عاديا في أفق أن تتحول الوزارة إلى "أخت الوزارات" بدل "أم الوزارات" كما كانت عليه في السابق.
لكن قد تكون "البرودة" من حيث الاهتمام بالتعيين مرده إلى شخصية الوزير الجديد المتواضعة، وأيضا إلى كون وزير الداخلية الفعلي في نظر الرأي العام هو فؤاد عالي الهمة الذي ظل في مكانه منذ إبعاد البصري عن الداخلية، حيث ارتقى في ظل حكومة إدريس جطـــو من كاتب في الداخلية إلى وزير منتدب في نفس الوزارة. ومن هذا المنطلق فالتغيير الذي طرأ على الداخلية ليس بالمهم لكون الأمر اقتصر على تعيين بن موسى مكان السـاهل وأن التغيير شمل فقط الواجهة وليس الجوهر.
من المؤكد أن وزارة الداخلية لا زالت تحضى بالمكانة المتقدمة داخل النسق السياسي اعتبارا لطبيعة الأدوار والمهام الحساسة الموكولة إليها خاصة في "نظام باترمونيالي" كنظامنا المخزني الفريد من نوعه. فتغيير صورة الوزارة مرتبط بالأساس بإرساء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-