الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفي كلّ يومٍ هديّة

رنا حمودة

2017 / 11 / 29
الادب والفن


طفلةٌ شقيّة ..
تسير في البريّة ..
في وجهها السرور .. تلاعب الطيور ، بسيطةٌ عفويّة ..
لكن للأسف لا يكتمل الحُسن في أيّما شخصية ..
جميلةٌ بريئةٌ ، لطيفةٌ ذكيّة ..
لكنّها أكثرُ من اللازم فضوليّة ..
تعثّرت قدمها بشيء..
نظرت إلى أسفل .. ما تلك ؟!.. أظنّها عصاً سحرية !..
انحنت والتقطتها عن الأرض ، فإذا بصوتٍ يتحدّث بعصبيّة ..
اتركي عصاي السحرية ..
التفتت وراءها فإذا هي جِنيّة ..
طفلةٌ لا تعرف الخوف ، ابتسمت للجنيّة ..
وقالت : أُعطيكِ عصاكِ لكن شرط أن تحققي لي رغبتي الملحّة القوية ..
آه يا شقيّة ، ما شيء أضحكني كشرّ البليّة ، احترت أ أنا أم أنتِ هي الجنيّة؟!..
أخبريني ما رغبتكِ ؟.. لكن هاتِ أولاً عصايَ السحريّة ..
قالت : أريد أن أرى مستقبلي ، سعيدةٌ أم شقيّة ..
تَرين المستقبل !!..
أخافُ أن تندمي ، تطلبين شيئاً يعاكس سنّةً جرت على البشريّة ..
يا جنيّة ، لا يؤرّق نومي شيءٌ مثل نفسي الفضوليّة ، تبقى تفكر وتتوقع وتنتظر ، حققي لي رغبتي وأنا أتحمّل كامل المسؤوليّة ..
أ هذا رأيكِ الأخير ؟ .. تذكري ، هي رغبةٌ واحدةٌ فقط ولكِ في القرار مُطلق الحريّة ..
حسناّ ، موافقة ، واتخذت قراري وأنا بكامل قواي العقليّة ..
إذاً سأوجه إليكِ عصاي السحريّة .. استعدّي .. ارفعي يديكِ للسماء .. أغمضي عينيكِ ودوري حول نفسكِ ثلاث دوراتٍ بسرعةٍ قويّة ..
افتحي عينيكِ الآن أيتها الفضولية ..
ما هذا المكان ؟!..
إنّه مسرح الزمان .. لقد تركنا البريّة والآن الزمن يسيرُ بطريقةٍ غير اعتيادية .. انظري أمامكِ وشاهدي المسرحيّة .. ما فات من عمركِ تعرفينه وهذه البقيّة ..
يا جنيّة ، من تلك الجميلة الجالسةُ على الأريكة المخمليّة ؟..
هذه أنتِ لكن وأنتِ صبيّة ..
ومن هذا الطفل وتلك الشقراء في الحديقة البهيّة ..
انه حفيدكِ ومعه المربيةُ الأجنبية .. ستكونين سيّدةً جميلةً ثريّة .. وسيمنّ الله عليكِ بصالحِ الذريّة ، وبراحةِ البال وستطوفين الكرةَ الأرضيّة .. لا أعداء ولا حسّاد .. عند الناس ستكونين رضيّةً مرضيّة ..
أ هذه دُنيتي ؟ .. أم جنّة الخلد حيث الحياةُ الأبديّة !! .. أظنني محظوظةً حظّاً ما ورد على البشرية !..
أظنّك كذلك .. والآن ستعود ساعة الزمن لوقت لقائنا في البريّة .. استعدّي .. ارفعي يديكِ للسماء و اغمضي عينيكِ ودوري حول نفسكِ ثلاث دوراتٍ بسرعةٍ قويّة ..
مهلاً يا جنيّة !.. وكيف سأعيش كمن يشاهد إعادةَ المسرحيّة ؟!.. أين لذّة المفاجآت الجميلةِ بعد انتظار ؟!.. وأين الأمل بعد كلّ انكسار ؟!.. أرجوك يا جنيّة ، أما من شيءٍ لديكِ ينسيني ما رأيت حتى أستطيع العودة لحياتي الطبيعيّة ؟.. إن بقيت على حالي أخشى أن تصيبني علّةٌ نفسيّة ..
ما باليدِ حيلة ، لن تطيعني عصاي السحريّة ..يا طفلةُ سامحيني لم أقصد لكِ الأذيّة .
يا صغيرتي ، كفاكِ نوماً ، استيقظي وجهّزي حقيبتكِ المدرسيّة ..
حسناً يا جنيّة ..
أيّ جنيّة ؟!.. اسم الله يحميكِ أنا أمّك يا بنيّه !!..
أمي !! .. أنا في سريري !!.. لستُ في البرّيّة !!.. الحمدلله كان مناماً .. الحمدلله لم أعرف حياتي المستقبليّة ..
ومن منّا يا بنيّتي يستطيعُ أن يعرف الأمور الغيبيّة ؟!.. إنّه منام .. سأزيح الستائر علّ الضياء يعيد لوجهك الحيوية .. انظري ما أجمل الشمس حين ترخي خيوطها الذهبيّة ، تغلّف به يومنا الجديد كالهديّة .. هيا يا صغيرتي نبدأ النهار هيا نفكّ معاً غلاف الهديّة .

رنا حمودة / كاتبة قاصة فلسطينية .

من مجموعتي القصصية ( السيدة حقيقة و السيد خيال ) الصادرة عن دار عكاظ / السعودية عام 2016 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي