الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعلان دمشق-:هل هذا توضيح أم خط جديد؟-

محمد سيد رصاص

2006 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


صدر في يوم 3112006بيان ,من اللجنة المؤقتة لمايسمى ب"اعلان دمشق",اعتبر من قبل صانعيه بأنه "بيان توضيحي",يعلن بأنه يحاول تقديم الايضاح للروحية"التي كنا نفكر بها والتدقيق في المعاني التي ساهمت فيها أيضاً الملاحظات التي قدمت والحوارات التي دارت حول الاعلان".
يوحي "البيان التوضيحي"بأنه يقدم تدقيقات في معاني بيان استغلق على الآخرين,إلاأن المدقق المقارن بين "الاعلان"16-10-2005و"التوضيح"يدرك بسهولةأن هناك فرقاً شاسعاً بينهما,ليس في المعاني أوالتفاصيل,وإنما من ناحية أن كل واحد منهما يمثل خطاً متناقضاً مع الآخر:فمن السكوت في الأول عن مايجري في العراق وفلسطين وعدم الاتيان على أي ذكر للخارج الأميركي الذي اصبح عند الحدود مع اعتبار الأخطار التي تتعرض لها سوريةكلها "نتيجة السياسات التي سلكها النظام"- فإننا نجد في الثاني أن الأخطار"التي تتعرض لها سورية متعددة ومتنوعة.إنها تواجه مخاطر وتحديات خارجية تتمثل أساساً في مشاريع الهيمنة والسيطرة الأميركية والصهيونية على المنطقة,وهي مشاريع شديدة الخطورة,تخلق الاضطرابات والحروب,التي تتجلى في استمرار العدوان الصهيوني...وفي الاحتلال الأميركي للعراق",فيما نجد القفزة الكبرى,في موضوع انتماء سورية العربي,من"التأكيد على انتماء سورية إلى المنظومة العربية" إلى عبارة"إن سوريا جزء عضوي من الأمة العربية",بينما نجد في الثاني تأكيداً على ديموقراطية تقوم على مفهوم "المواطنة والحقوق والواجبات المتساوية والدولة المدنية" بدلاً من ديموقراطية "الاعلان" التي تقوم على "جميع مكونات الشعب السوري",لنصل إلى تخلٍ صريح عن مفهوم (الأكثرية الاسلامية) الوارد في "الآعلان" لصالح التأكيد على قيم"الاسلام التحررية والانسانية التي تشارك معه فيها كل الأديان والثقافات الأخرى".
يصعب القول على أي شخص مستقيم الرأي,ويعتمد الشفافية,بأن الثاني هو توضيح للأول,أوهو شروح على متنه,أو"ايضاح"لروحيته,وإنما يجب البحث عن شيء آخر يسوغ أمراً يدفع سياسيين,بعضهم يتمتع بخبرة عقود في العمل السياسي,إلى اعتماد خط مناقض بعد مئة يوم من تبنيهم لخط آخر,كان واضحا ,من صياغته عبر نص "الاعلان", بأنه يحوي مراهنات سياسية كبرى,على الخارج الأميركي في أثناء ذروة صراعه مع النظام, وعلى صراعات داخلية في السلطة السورية(أعطت مؤشرات عنها عملية ابعاد نائب الرئيس خدام في الصيف الماضي)وهو ماوضح من "الاعلان" عبر مد اليد إلى من يقبل به من "أهل النظام"؟......
بعيداً عن مايقال من صانعي "الاعلان"مؤخراً,من أنه كان مسودة تظل عرضة لإعادة النظر,وكأنه هايدبارك, فإن مايعرفه الجميع عن الشخصيتين الرئيسيتين وراءه, أي السيدين رياض الترك وعلي البيانوني,لايوحي بأنهما يضعان نصاً لمئة يوم فقط,وخاصة إذا تذكر الجميع كم أقصيامن قوى وشخصيات عن المشاركة في نقاشه وصياغته,وكم تفردَا وراهنا على قضايا,ووضعا خطوطاًحمراً أمام قضايا أخرى, وكيف حدَدا "المسكوت عنه"و"المنطوق".
هذا يعني أنه يجب الذهاب إلى ناحية أخرى لتفسير "البيان التوضيحي":من الواضح أن الاعتراضات القوية التي واجهت "الاعلان" في الوسط السوري المعارض ليست هي السبب, ,أيضاًلايمكن القول بأن معارضة بعض"أهل الاعلان"لهمثل حزب الاتحاد الاشتراكي العربيهي ذلك السبب- وإنما يجب تفسير ذلك في"انفراج" المواجهات الأميركية مع النظام عن توافقات في العراق,تمَت ترجمتها في الانتخابات العراقية وفي الاجراءات الحدودية مقابل التوقف عن استخدام "التحقيق" من قبل الأميركان ضد النظام( وهو ماتم تحقيقه منذ ذهاب المستجوبين السوريين إلى فيينا),فيما بان بأن موضوع السيد خدام لم يكن أكثر من زوبعة في فنجان,على صعيد النظام,وعلى صعيد القوى الدولية والاقليمية,وكذلك ضمن الشارع السوري,وبالذات ضمن سنة سوريةالعرب66% من السكان وليس 45% كما يحاول بعض مفبركي الأرقام الايحاء به الذين حاول السيد خدام اللعب على بعض أوتارهم في مقابلته التلفزيونية.
كان من الجلي أن السيد رياض الترك مدركُ لواقع العلاقات الأميركية السورية الجديد منذ مقابلته مع "الحرة" في أواسط كانون الأول الماضي,لما هاجم الأميركان واضعاً وراءه سياسة مناقضة لذلك بدأت عنده عقب سقوط بغداد,بينما نجد التعاكس في موقفي السيدين البيانوني والترك بعد لقاء الأول مع السيد خدام في بروكسل مؤخراً.
ولكن إذا تركنا الأسباب وعالجنا الأمور بنتائجها,فإنه يمكن القول بأن "البيان التوضيحي"هو انتصار لخط على خط في المعارضة السورية,وهو هزيمة للخط الذي يراهن على الخارج الدولي لاحداث التغيير الداخلي في البلد والذي كان يسود ويغلب على وسط المعارضة السورية خلال الزمن الذي يفصلنا عن سقوط بغداد,وهو شيء غير مسبوق بعد في أي بلد عربي آخر,حيث مازال "الخط الأميركاني"هو الأكثر قوة في العراق ولبنان ضمن الوسط السياسي,ولم يحصل للآن أن تمًت هزيمته المعنوية والفكرية كما حصل الآن في سورية من خلال مآلات ومصائر "اعلان دمشق",وهو مااجتمع مع مجموعة الظروف المشار إليها لتحصل هزيمة سياسيةوتنظيمية-مؤسساتية له عبر"البيان التوضيحي".
الآن,هل تحتمل المعارضة السورية تجارب ومراهنات أخرى؟..........لقد كان نفس الأشخاص والرموز وراء تجربة فاشلة أخرى,استمرت من عام2000 إلى سقوط بغداد,لما راهنوا على صراعات النظام بين "الخط الاصلاحي"و"الخط المحافظ",وكانوا يضعون-هم أنفسهم- السيد خدام على رأس المحافظين,ليراهنوا-بعد أن فشلت مراهنتهم تلك- على "الرياح الغربية الآتية لتقتلع الأنظمة,على حد تعبير الرمز الأبرز للمعارضة السورية داخل احدى الغرف المغلقة في الشهر الأخير من عام 2003, والتي "يجب أن نلاقيها ببرنامج وخط آخر "على حد قوله أيضاً في تلك الجلسة.
في السياسة ,هناك حلاًن يقفان أمام من يفشل في مراهناته وخطوطه السياسية:إما أن يخضع للمؤسسة(سواء كانت حزباً أوتجمعاً للقوى) بعد تخليه عن فرديته وتفرده واستئثاره بالقرار, أوأن يذهب إلى البيت .
ماذا سيختار المعارضون السوريون:التحول إلى عمل مؤسساتي,أم الاستمرار على طريقة العمل السابقة, والتي قادت الجميع من فشل إلى فشل؟..............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف