الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر تفشل في التعامل مع التمرد في سيناء

عمار عكاش

2017 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


النيويورك تايمز- منى الطحاوي
ترجمة: عمار عكاش
أدى الهجوم الذي وقع يوم الجمعة على مسجدٍ يؤمّه الصوفيّون في شمالي شبه جزيرة سيناء في مصر إلى مقتل 235 شخصاً. كانت هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها المقاتلون الإسلاميون- الذين بات لهم يهاجمون قوات الأمن والكنائس المسيحية عدة سنوات- المتعبّدين المسلمين.
جاءت المجزرة والجرأة في تنفيذها مروّعتين. فحسب شهود عيان، قصف عشراتٌ من المسلّحين على متن سيّارات رباعيّة الدفع المسجد الذي كان مكتظاً بالمصلين أثناء صلاة الجمعة. ثم فتح المهاجمون النار على الناس الذين حاولوا الهرب، وأضرموا النار في السيّارات المركونة ليغلقوا الطرق المؤدية إلى المسجد.
ليس من الواضح بعد من هي الجهة التي نفّذت الهجوم، رغم أنه من المعروف أن مجموعاتٍ مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية تنشط في المنطقة.
جاء هذا الهجوم الذي مثّل أسوأ هجومٍ منفرد ينفّذ ضدّ المدنيّين من قبل مقاتلين مسلّحين في مصر ليذكرنا بالفشل المأساوي للحكومات المتعاقبة في إنهاء التمرّد العنيد رغم المحاولات الوحشية القمعية.
وكما كان حال الرؤساء السابقين عليه – محمد مرسي وحسني مبارك – فإن الرئيس السيسي نادراً ما يشير إلى شبه جزيرة سيناء إلا بغرض الاحتفال بتحريرها من الاحتلال الإسرائيلي عام 1982. كما أنّ قوات الأمن المصرية التي تجهل بدرجة كبيرة تضاريسها وتترّفع على القبائل المحلية، تعامِلُ سكان سيناء بعين الريبة والشك وبعدوانيّة.
ففي أعقاب الهجوم الذي وقع جنوبي سيناء عام 2004، اعتقلت حكومة مبارك ما يقارب 300 شخصاً، وعذّبت العديد منهم، واحتجزت النساء والأطفال من أقارب المشبته بهم كرهائن.
هذا النمط – الاعتقال، التعذيب، السَجْن- تكرّر كثيراً بعد الهجماتِ في سيناء، وتعرّضت منطقة شمال سيناء إلى تعتيم إعلامي طيلة سنين وفُرِضت حالة الطوارئ منذ أكتوبر 2014. ومع ذلك لم تنجح هذه الوسائل.
فقُتِل على الأقلّ 1000 عنصر من قوات الأمن في الهجمات التي وقعت في شبه جزيرة سيناء منذ تموز 2013 ، وتعرض 200 عنصر للذبح عام 2017، وذلك وفقاً لمعهد تحرير المختص بسياسات الشرق الأوسط، والذي يقول أيضاً بإنه تم توثيق وقوع أكثر من 130 هجوماً في شمال سيناء في الربع الأول من عام 2017.
وكان الرئيس السيسي، الجنرال السابق في الجيش والذي قاد المخابرات العسكرية المصرية قد بنى تفويضه الرئاسي على أساس الأمن، ومع ذلك لم يتم إرساؤه.
وقال الرئيس ترامب في تغريدة له حول الهجوم على المسجد في مصر “إن المذبحة جاءت لتذكرنا بأن هؤلاء الذين يقفون وراء الهجوم يجب أن تتمّ هزيمتهم عسكرياً”. وهذا بالضبط الحل الذي رعاه السيد السيسي وأسلافه.
في عام 1993 كنت أعمل كمراسلة مع رويترز في مكتب القاهرة. وكان المقاتلون المسلّحون في العام السابق قد شنّوا حملة دموية للإطاحة بحكومة مبارك عبر هجماتٍ على الوزراء، وقوى الأمن، والمسيحيين والسيّاح. فكنا ندوّن سجلاً مروعاً للهجمات الأسبوعية على لوح المعلومات.
ولم تحتوِ السياسات الحكومية المقاتلين عديمي الرحمة، ولم تخفّف من هجماتهم. بل على العكس، رأينا عدداً كبيراً من الاعتقالات، وأوامراً بإطلاق النار بغرض القتل، وشهدنا تعذيباً واتباعاً لسياسة الأرض المحروقة من خلال حرْق حقول قصب السكر التي كان المقاتلون يختبئون بينها. دمّرت هذه الإجراءات مصدر رزق المزراعين وعائلاتهم، وأصبحوا نتيجةً لذلك فريسةً للتجنيد من قبل ذات الجماعات التي كانت الحكومة تحاول إلحاق الهزيمة بها.
ناشد المحلّلون الحكومة أن تحاول التخفيف من حدّة العصا وأن تزيد من الجَزَر في حربها ضد الإرهاب من خلال تنمية المناطق المهملة في مصر العليا، والتي أصبحت أرضاً خصبة للتجنيد ولتنفيذ الهجمات.
يبدو الوضع مشابهاً اليوم، فهؤلاء الذين يتعاملون بجديّة مع مسألة أمن مصر ناشدوا طويلاً لتنمية شمالي سيناء المهملة والمهمشة. ومع ذلك فإن خطة التنمية الموعودة توقّفت طيلة عقود، مما جعل السكان المقيمين هناك يستشيطون غضباً ويمتلئون ضغينةً طيلة عقود.
يجب على السيد السيسي أن يتذكر ما يبدو أن السيد مبارك والسيد مرسي قد نسياه ألا وهو أن سكان شمالي سيناء يمكن أن يكونوا حلفاء له.
كما تحتاج الحكومة المصرية إلى مساعدة القبائل البدوية في سيناء، هذه القبائل التي تعرف تضاريس المنطقة أكثر من قوات الأمن، والتي لها تأثير حاسم وكبير في مقاومة أيديولوجيا الدولة الإسلامية.

اعتقل السيد السيسي مؤخراً مدوّناً ساخراً وكانت تهتمته الانتماء إلى مجموعة إرهابيّة. لا يمكن للسيد السيسي أن يسمي كل من يعارضه إرهابياً وأن يلغي من الوجود كل من يتهمه بأنه إرهابي. عوضاً عن ذلك يجب عليه أن يلتزم جديّاً بإيجاد العلاج الشافي للإرهاب: فرص العمل، الكرامة وحياة جديرة بأن تعاش وهو ما فشل تماماً في تقديمه للناس في كافة أرجاء مصر وخاصة في شمالي سيناء.
نص المقال الأصلي على الرابط التالي
https://www.nytimes.com/2017/11/24/opinion/egypt-mosque-attack-sinai.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص