الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.الأرق.......( سرد تعبيري )

جميلة بلطي عطوي

2017 / 12 / 3
الادب والفن


.الأرق.......
في نهاية يوم غائم شمّر اللّيل عن ساعديه وقد أتيحت له الفرصة وهو يرى القمر والنّجوم مدثّرة بضباب كثيف ...تهادى في جلبابه الأسود ...على مشارف حيرتي نصب مأدبته الباذخة ...ظلّ يتردّد بين العقل والقلب ، يزرع الفتنة هنا وهناك ...جمّع كلّ جهوده لإدراك المبتغى ...لابدّ أن يحبك الخطّة ويشعلها حربا ضروسا...نظر العقل للقلب شزرا وأشاح بوجهه ...أنت سبب المآسي أيّها السّاذج المتهالك، لقد أرهقتني وكدت تودي بي إلى التهلكة ...عقد القلب ما بين حاجبيه ، تمتم : يا للعقول القاصرة لا تدرك كنه الوجود...فرك اللّيل يدا بيد ، يا للسعادة متى تحضر يا صاحبي كي يكتمل الهناء...ظلّ يراقب...يطلّ على القلب حينا ويسترق النّظر للعقل آخر وهو يستعجل الزّمن انتظارا للضّيف المميّز.
بين أهدابي نشر جواسيسه ...يبحث ، يتقصّى فتدمع عيناي من صهيل الرّكبان ورفسها...فجأة انفتحت عيناي على مصراعيهما ...يا للضّجيج يملأ أذنيّ...طنين مفزع يزيد العينين تقرّحا...ركض الليّل ، هللّ... هلّت الأنوار يا صاحبي ، تلك العيون لكَ ، اِمرحْ كما تشتهي...تقلّبتُ يمينا تمّ شمالا وإذا النّوم يلملم أشياءه فلا تثاؤب ولا استرخاء فقط نشاط غير عاديّ يملأ النّفس ، يُرهقها في آن.قرأت الفاتحة والمعوّذتين أستمطر اطمئنانا قد يقودني إلى مبتغاي لكنّ الهرج اشتدّ على حدود الذّهن ثمّ انساب فوضى تكتسح كامل الجسد...لم يكن لي مفرّ من النهوض هروبا من الوخز الذي أستشعره رغم أنّ فراشي وثير.
أمام نافذتي وقفت مرهقة حدّ الثّمالة...أمنية وحيدة تجتاح أناي الموهنة ...ليتني أغمض جفنيّ المتعبين...متى يهدأ الرّكض في مسامّ جسدي فما عاد في القوّة ما يحتمل هذه المعركة ...كلّ النّصال تكسّرت على قارعة اللّهفة والنّقْعُ يعمّي بقايا وضوح مهدر...اِهدأْ...اِهدأْ أيّها الأرق...أما آن زمان الهدنة؟ هي ذي رايتي البيضاء أرفعها...أستسلم.
بيد مرتجفة فتحت النّافذة أستشرف أنوار صباح مأمول ...مددت يدي إلى الياسمينة الغافية ، رويدا سحبت زهرة شاردة ...علّك مثلي تعيشين ويلات السّهاد، تعالي يا صديقتي معا نكوّن جبهة ، نسقي بعضنا البعض بقايا رجاء.على الأريكة المجاورة تهالكتُ، قرّبتُ الزُّهَيْرة من أنفي فانساب عبيرها لطيفا ، يدغدغني، ينثر الطّيب بين الحنايا ...يمتدّ ، يمتدّ أفعوان ريّا تعانق الدّورة الدّمويّة فينفتح الصّمّام يضخّها بكلّ الشّوق إلى الرّاحة المفقودة ...ريّا ظلّت تطارد فلول الأرق ، تدحر الكوابيس المتربّصة.
الخلايا تقيم احتفالا كل ّ على طريقتها ...استرخاء يعم الجسد والذهن يهدأ ...على الوجه تمرّ صَبًا خفيفة تطهّر ساحة المعركة ...لابدّ أن يُحكم غلق الأبواب تحسّبا من أيّ هجوم مباغت ...يا للارتخاء يغزو مفاصلي ونسيم البواكير طبطبة تعاضد طيب الياسمين المنثور في صدري....بداية رحلة جديدة أمتطي فيها براق المعجزة ...ما أروعك يا أناي وأنت تتلوّن , كما الحرباء تتحوّل...تدندن مع الزّمن قصّتي...أنا الطّين الممزّق بين الثّنائيّات ، ترسمني اللّيلة صراعا شفيفا ، توجعني لكنّك في النّهاية تنصفني...تنصرني ، تسقيني الحلم سلسبيلا...عنّي تسقط الأحمال ليتجدّد زادي...تملأ وطابي بما يشدّ عزمي لإكمال المسيرة.
أنا بين الأرق والغفوة قصّة الصّراع الأبدي ...ثبات كما الجبال الرّواسي ، لا يحجبني اللّيل ولا يحرقني النّهار...أنا طين تبعثره الأحداث فيتناثر على ركح الأيّام غير أنّي هناك عند السّدرة صمود لا تفلّ فيه الضّربات.
جميلة بلطي عطوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة