الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة جيوستراتيجية في قرار ترامب نقل السفارة المريكية الى القدس

خالد الصلعي

2017 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة جيوستراتجية لقرار ترامب نقل سفارته الى القدس
**********************************************
كيف يمكن قراءة قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية الى القدس كعاصمة للكيان الصهيوني قراءة مغايرة ، قراءة تستند الى مرتكزات جيوستراتيجية ، ولعب شطرنجي ورياضي معقد . خاصة في ظل هذا الجدل الجيوستراتيجي الذي تخضع له منظومة الصراع الدولي ، بين أكثر من قطب ؟ .
فبعد الرفض الجماعي لقرار ترامب بمجلس الأمن الذي التأم من أجل مناقشة هذا القرار ، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية معزولة تماما عن المجتمع الدولي ، في حالة لا سابق لها في التاريخ . وقد رفضت بريطانيا نقل سفارتها الى القدس ، كما عبرت فرنسا عن عدم اعترافها بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ، وهما الموقفان اللذان تقاسمهما المجتمع الدولي . ما عكس عزلة ترامب وتهافت كثير من الحكام العرب . وهي الفرصة التي فوتها العرب لاكتساب نوع من الاستقلالية عن الولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة في عهد رئيس ضعيف كدونالد ترامب الذي تضيق به دائرة الرفض من الداخل والخارج .
وقد ابان قرار ترامب نقل سفارة بلاده الى القدس كعاصمة للكيان الصهيوني عن أفول شمس الولايات المتحدة الأمركية . وكلنا يتذكر ذلك الكتاب الذي حمله الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في يده وهو يهم بالصعود الى الطائرة ، وقد كان يحمل عنوان " عالم ما بعد أمريكا" . وهاهو الرئيس الأمريكي الحالي يدشن هذا العهد بعنوان عريض . فعكس كل قرارات الولايات المتحدة الأمريكية السابقة التي كانت تقسم المجتمع الدولي بين مؤيد ورافض ، استطاع دونالد ترامب بغبائه ، وافتقاده للثقافة الساسية أن يدفع العالم للاجماع على رفض قراره . وهو موقف لم يسبقه اليه أغبى رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الابن ، رغم قراره الانفرادي بغزو العراق . فقد وجد بريطانيا معه ، واسبانيا وجل الدول العربية ودول أخرى . لكنه اليوم ، وحتى وان وافقته بعض الدول العربية سرا ، فانها أعلنت جهرا معارضتها لقراره . ما يثبت بالملموس ان موضوع القدس موضوع شائك وخطير ، وتداعياته أكبر وأخطر . وهذا ما لم يقرأ حسابه أضعف رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية .
والآن انتقل الثقل الاسلامي الى تنازع بين الفرس وبين الأتراك ، وانكفأت المملكة السعودية عن وضعها السابق كممثلة للعالم الاسلامي السني بخاصة . ولم يبق لها الا بعض الحكام الذين يبتزونها ، بينما مشاعر الشعوب الاسلامية انتقلت الى ايران وتركيا .
ولأول مرة تمتنع السلطة الفلسطينية في عهد محمود عباس عن التقاء مسؤول أمريكي كبير من حجم نائب الرئيس الأمريكي ، لا لشيئ الا لأن الضغوط الجماهيرية والالتفاف الدولي حول قضية القدس تمنعها من عقد أي لقاء مع أي مسؤول أمريكي . وهي ضربة ديبلوماسية وسياسية جعلت البيت الأبيض يهدد السلطة الفلسطينية بحجب المساعدات المالية عن السلطة الفسطينية . كما أنه ليس من السهل ان يقول محمود عباس ان الولايات المتحدة الأمريكية لم يبق لها دور في الشرق الأوسط ، وهي أبعدت نفسها عن لعب أي دور في المنطقة . وهو وصف دقيق ، فالمنطقة تعج بصراعات جيوستراتيجية دقيقة ، وما صنعه ترامب يبين أن الادارة الأمريكية الحالية أصابها العمى السياسي وابتعدت كثيرا عن مرامي واهداف الدولة الراعية لأي مشاورات او قضايا حساسة مثل قضية القدس .
ومن خلال هذه الحقائق والمؤشرا يمكن الجزم في ظل الصراع الجيوستراتيجي أن ترامب قدم هدية مجانية لأعداء امريكا التاريخيين والوجوديين . العرب حقا ، والفلسطينيين على رأسهم ، لن يخسروا اكثر مما ستخسر امريكا نفسها من قرار ترامب . ان ترامب يعاكس في الحقيقة الادارة الأمريكية ، ويعمل على تفجيرها من الداخل . كيف ذلك . هذا القرار ستستثمره روسيا الى أبعد حد لتركيز تواجدها بالشرق الأوسط الذي يعتبر قلب العالم ، كما ان اوروبا سيزداد تأكدها من غباء هذا الرئيس ، ولن تذعن له ، ان لم تسخر منه، وقد بدأت فعلا بعد ترأس ترامب الابتعاد عن أمريكا والاستقلال بقراراتها . وأكبر مستفيد من قرار ترامب هو ايران ومحور الممانعة والمقاومة . لأنه سيعمل على استقطاب مجموعة من المسلمين والعرب المترددين في مشايعة تيار الممانعة والمقاومة . وهذا ما صنعه السيد حسن نصر الله الذي ظهر في خطاب أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه كان درسا قويا ونفيسا في تكتيكات مواجهة مثل هذه الاشكالات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة