الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضلاع التجاره البينيه وصماصرة السياسه والدين

سالم المرزوقي

2017 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لا أدري إن كان نجاح مجلس النواب التونسي في الحد من حرية تدفق السلع التركيه على تونس، كان قرارا واعيا ومدروسا له بعد وطني أم هو رد فعل أملته الضروره الاقتصاديه دون دراية بتداعياته،ما نعتقده أن حتى المعارضه اليساريه المترأسه للجنة الماليه والتي قادت حملة التصدي لاتفاقية التجاره الحره مع تركيا تدرك بشكل شامل خارطة اشتباكها والأطراف التي ستواجهها، وفي كل الأحوال فالنجاح محمود والجهد مشكور، لكن دعونا نتتبع خيوط هذه المواجهه بدءا من انفعال حزب الاخوان ورد فعل نوابهم وانسحابهم من الجلسات وتهديدهم بالتصعيد وهذا في ظاهره غيرة وذودا عن فرعهم التركي، كذلك أوروبا الغربيه التي لعبت دورا مشبوها في التعامل مع الحدث رغم أنها تعتبر تونس حديقتها الخلفيه المفروض حمايتها ودعمها فقد حركت أوروبا بانتهازيها الممزوجه بابتسامات مسؤوليها الصفراء قضية إدراج تونس في القائمه السوداء لدول الجنه الضريبيه، رغم مآخذها على تركيا الاخوانيه في عديد المحطات السياسيه ومنها مماطلتها لانخراط تركيا في المنظومه الأوروبيه.

تونس في اللائحه السوداء

مع اشتداد حمله الضغط الشعبي في الاعلام والفضاءات الافتراضيه للمطالبه بإلغاء اتفاقية التجاره الحره مع تركيا واستفحال الأزمه الاقتصاديه واختلال الميزان التجاري بدأت الحكومه ودوائر السلطه في تونس تبعث بإشارات للتملص من هذه الاتفاقيه المجحفه كان آخرها طرح الفصل 36 من قانون الماليه لسنة 2018 والقاضي بالترفيع بـ 90% في المعاليم القمرقيه عن بعض السلع التركيه وعوض أن تساند أوروبا محميتها الاقتصاديه ومصالحها في تونس وجدناها تخرج من أدراجها لائحة دول الجنه الضريبيه السوداء وتدرج تونس ضمنها تزامنا مع التململ التونسي كورقة حمراء في وجه الحكومه والبرلمان والحال أن المنطق الاقتصادي والسياسي يحتم أن تكون أوروبا محرضا وداعما لهذه الخطوه وليس معرقلا لها، ثم أن أوروبا هي من صنعت جنة تونس الضريبيه ومنظومتها الحاكمه خدمة لمصالحها ومصالح عملاءها وخربت الاقتصاد التونسي وأغرقت الدوله بالقروض المجحفه،ما يكشف النفاق الأوروبي وخفايا نواياه و تبرير مسؤوليهم واستهزاءهم بالعقل التونسي مثل تصريح المفوض بيار موسكوفيسي بلغة التاجر الخبيث:"آمل في أن تتمكن تونس من الخروج سريعا من هذه اللائحه" وكأن منظومه استعماريه فاسده عمرها فاق القرن يمكن تجاوزها بهذه السهوله، هنا يلوح طيف الضلع الثالث الخفي للعبة الصمصره أي إسرائيل، بعبارة أوضح أوروبا تريد بقاء اتفاقية التجاره الحره مع تركيا مفعله ومحميه لضمان تمرير السلع الاسرائيليه بأغلفه تركيه وعلامات إخوانيه وغير هذا من تنميق سياسي وابتسامات صفراء هو ضحك على الذقون.

تونس في قلب المعركه

بعد قرار الفاشي ترامب نقل السفاره الامريكيه الى القدس هب الشعب التونسي من شماله الى جنوبه بمدنه وقراه بشيبه وشبابه وانتفض نصرة للحق الفلسطيني، وإن كانت الهبة احتجاجا لا قيمه فعليه له من الناحيه السياسيه وإن كنا ندرك أن اسرائيل جاثمه على كل فلسطين من النهر الى البحر بقدسها وحيفاها ويافاها فإن انتفاضة التونسيين والتونسيات هي رسالة "العين الحمراء" للداخل التونسي ولمن تسول له نفسه التجارة بالقضيه وتمكين الكيان الصهيوني من بلادنا تونس وهي رسالة للخارج أن الشعوب ليست مسؤولة عن هزائم العرب وتضييع الحقوق.
قد يظن بعض الكسالى والمشبوهين أن ما يجري ضوضاء بعيدة عن الواقع وأن مقاومة العدو الصهيوني بعيدة جغرافيا وسياسيا عن تونس، لكن إذا تفحصنا معركة إلغاء اتفاقية التجاره الحره مع تركيا سندرك أنها هي معركة فلسطين بوجهها الاقتصادي داخل تونس، فاسرائيل ليست دولة سليمه التكوين كباقي دول العالم هي كيان عسكري سياسي يعاني عجزا هيكليا في بنيته الاجتماعيه والاقتصاديه ولم يفلح ولن يفلح في الاندماج والتطبيع مع الشعوب المحيطه به ولهذا يلجأ للتخفي والتمكن عبر الأنظمه والعملاء لفك هذه العزله وإنعاش اقتصاده وقد أوجد بوابتين رئيسيتين للاختراق، الأردن نحو الخليج والعراق ومصر، وتركيا نحو بلدان المغرب العربي فالسلع والمنتوجات الاسرائيليه تخرج من الأراضي المحتله وتغلف بعلامات تركيه أو أردنيه لتتغلغل في الاسواق العربيه، وفي هذا السياق مرّر إخوان تونس وتركيا اتفاقية التجاره الحره بينهما لدعم منافستها للبضائع الأوروبيه مقابل بقاءهم في السلطه وغض النظر عن جرائمهم وبؤس إدارتهم للشأن السياسي في المنطقه ومن هنا جاء الدور الخبيث للأوروبيين المحرجين من محاصرة المجتمع المدني الغربي للمنتوجات الاسرائيليه في أسواقهم، فهل أدرك الأغبياء أن تونس في قلب المعركه وفي قلب المقاومه دفاعا عن ذاتها وعن فلسطين في معركه واحده من أجل التحرر والانعتاق؟

الخلاصه

الاخوان في تونس استماتوا في الدفاع عن اتفاقية التجاره الحره وهددوا حتى بنسف وفاقهم مع نداء تونس بدعوى الانتصار لاخوانهم في تركيا لكنهم في الحقيقه يرسلون الرسالة لاسرائيل وأ مريكا مفادها" أننا لازلنا رهانكم في تونس" ووجدوا في انتهازية أوروبا وتبعيتها لامريكا سندا بإخراج أوراق الضغط من أدراجه في الوقت المناسب.
لاندري هل ستصمد حكومة يوسف الشاهد أم ستتنازل أو تسقط أمام الرياح القادمه وهل ستدرك المعارضه وخاصة اليساريه منها أن المعركه أبعد من ربح جوله سياسيه صغيره وأشمل من تحالفات ظرفيه داخل مجلس النواب؟ الجواب ستكشفه الأيام القليله القادمه.
سالم المرزوقي ـ تونس ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟