الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تتركوا الأطفال فريسة لتعصب و جهل أسرهم

جورج فايق

2006 / 2 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يتعايش المسلمون مع المسيحيون في القرى في هدوء ظاهري ومن يرى هذا التعايش قد يظن أنه مثال رائع للود فبينهم مصالح مشتركة و يجمعهم هدف واحد هو اللهث وراء لقمة العيش الذي أصبح الحصول عليها ليس سهلاً الكل يعمل و يكدح حتى يحصل على فتات قليلة تشبع أولاده و الحياة أصبحت صعبة و الأسعار مرتفعة و الدخول تكاد تكون منعدمة في قرى يحيا الغالبية العظمى فيها تحت خط الفقر لا يجدون فيها مياه نظيفة يشربوها و لا يوجد صرف صحي و الكهرباء ضعيفة فالبنية أساسية ضعيفة وتكاد تكون منعدمة و لا تصلح تلك القرى ليعيش بها بشر و لكنها تعمر القرى بآلاف البشر يتزايدون بكثافة كبيرة ينتشر الجهل و التخلف في ربوع القرى رغم وجود المدارس فيها و لكن إمكانيات التعليم فيها محدودة و لا أقصد هنا الإمكانيات المادية فقط و لكن الإمكانيات البشرية فالمدرسين يستخدمون مناهج عقيمة تعتمد على الحفظ و التلقين و تخلو من الإبداع
و ما أن تحدث أي حادثة حتى تظهر الحقيقة تعصب و كره يصل إلى درجة القتل و الحرق و السرقة و النهب و لا تصلح الحلول الجاهزة بنزول الشرطة بعد خراب كل شيء و مقابلة رجال الدين لبعضهم و القبل أمام الناس لأن اللي في القلب في القلب و هذه التمثيليات أصبحت مملة و لا طائل منها و لا تنفع التصريحات الوردية الكاذبة أن مصر لجميع المصرين و أن الدين لله و الوطن للجميع فالشعار الواقعي هو الدين لله و الوطن للمسلمين
كل هذه الحلول تشبه من يحتاج عملية جراحية ضرورية لإنقاذ حياته و يتعاطى مسكنات هذه المسكنات لن تنقذ حياته لابد من عملية شاملة لبتر التعصب و الجهل من المجتمع و إعلان ثورة على المفاهيم و التقاليد العنصرية وقيام القانون المدني الذي يعطي الجميع حقه بغض النظر عن جنسه و دينه و يقع على التعليم عبء كبير فهو الذي سينير العقول و الضمائر بعد أظلام دام قرون عديدة بالعلم سوف يشق بصيص ضوء في قلوب معتمة بظلمة الكره و التعصب يجب على المدرسين و المعلمين أن يعوا خطورة مهمتهم و لكن المدرسين ينظرون إلى مهنتهم أنها وسيلة للعيش فقط لا يدرون عظمة رسالتهم و يجب أن لا يشاركوا المعلمين الأهالي في تعتيم عقول الأطفال و ملئ قلوبهم بالحقد و الكره فالمدرسين يستطيعون أن يعلموا التلاميذ الرقي و التحضر قبل أن يعلمونهم المعلومات يستطيع أن يحول كل مدرس فصله إلى واحة جميلة وسط مياه عفنة بفضل العلم يمكن أن تصبح المدرسة في القرية بمثابة نقطة ضوء في ظلام دامس مليء بالجهل و التخلف يستطيع المدرس أن يعلم تلاميذه كيف يحترمون الأخر و أنه ليس هناك فرق بين ولد أو بنت أو بين غني و فقير أو بين مسيحي أو مسلم الكل سواسية في هذه الواحة لا يوجد أحد فوق قانون الفصل أن كنا فقدنا الأمل في إصلاح الكبار الذين لا وقت لديهم للتفكير بأحوالهم فهم يشبهون ثيران في ساقية يعملون معظم الوقت و الوقت الذي لا يوجد فيه عمل يستريحون من أجل الاستعداد للف في نفس الدائرة لا يفكرون و أن أرادوا أن يفكروا لن يستطيعوا لأن عقولهم الذين تركوها فريسة للجهل و التعود قد تعطلت عن العمل لأنهم لم يستخدموها و العضو الذي لا يستخدم يضمر و ينقرض و لا يوجد عضو في جسمنا لا يستخدم مثل العقل في بلدنا مثل العقل
أهملنا عقولنا منذ قرون و أصبحنا نعيش على التقاليد و العادات الموروثة سواء كانت صحيحة أما لا سواء أن كانت صالحة لعصرنا أما لا و قدسنا عادتنا و مفاهيمنا وأصبح من الكفر أن نطرحها للنقاش و التحليل أصبحنا عبيد لها و لا نستطيع أن نغيرها
لما لا نبدأ بتعليم أطفالنا و ننقش في عقولهم مبادئ و قيم جميلة لعلها تبدد القبح الذي نعيشه و اعتيادنا عليه
لما لا نعلمهم أسلوب راقي في الحوار بدلاً من السب و اللعن الذي يعاني منه الشارع المصري
لما لا نعلمهم كيفوا يحبوا أنفسهم محبة صحيحة ليس بها نرجسية و من خلال حبهم الصحيح لأنفسهم سوف يحبوا الآخرين لأن من لا يحب نفسه محبة سليمة لا يستطيع أن يحب الآخرين
لما لا نعلمهم قبول النقد من الأخر و الرد عليه بأسلوب متحضر و البعد عن أسلوب الهمجية
لما لا نعلمهم احترام معتقدات و أراء الآخرين و نعلمهم أسلوب الحوار و أن اختلاف الرأي أو العقيدة لا يفسد للود قضية ففي النهاية جميعاً مصريين و يربطنا مصير واحد
لما لا نعلم أطفالنا أن بناء المسيحيين كنيسة لهم في قريتهم و قريتنا شيء لا يعيب القرية و أنما يشرفها لأن من حقهم أن يمارسوا عبادتهم بالطريقة التي يرونها
لما لا تعلم أطفالنا أن هذا الوطن ملك للجميع و ليس حكراً على أحد و أن المسيحيين ليسوا أهل ذمة و أن المسلمين ليسوا محتلين
لما لا نعلم أطفالنا أن بقاء المسيحيين في بلدهم شيء بديهي لأنها بلدهم مثل ما هي بلدنا و أن وجودهم حق لهم لا علاقة له بسماحة الإسلام فالحقوق لا تعطى أحساناً
لما لا نعلمهم أن يصنعوا الخير للجميع بدون تفرقة
لما لا نعلمهم الانتماء للوطن و ليس للجامع أو الكنيسة و يصبح الجميع مصريين همهم هو رفعة و عزة بلادهم
لما لا نعلم أطفالنا كيف يحترمون النساء و كيف لا يحتقرونهم و يتحرشون بهم في الشوارع بالكلام أو بالفعل
لما لا نعلم أطفالنا كيف نحب مصر و نضحي من أجلها و لكن أن يكون الحب متبادل فيجب أن تحب حكومة مصر أولادها و تعمل من أجلهم و تحفظ كرامتهم لأن الظلم و الفساد يقتلوا الانتماء داخل الفرد
لما لا نعلمهم حب جمال الطبيعة و المحافظة على الأشجار بدلاً من اللهو بها و تكسيرها دعونا ننزع طاقة التدمير و حب القبح و التعصب الأعمى الذي زرعته أهالي بجهلها
لا تتركوا الأطفال فريسة لجهل و تخلف الكبار و ألا لن نجني شيئاً من تعليمهم
و لكن هناك مشكلة تعيدنا إلى نقطة البداية كيف نحصل على عدد كافي من معلمين لم يشربوا من ينبوع الجهل و التعصب و ينظرون للتعليم و التربية أنهما رسالة مقدسة و ليس وسيلة لبث سمومهم و تعصبهم في أطفال أبرياء ليصبحوا نسخة من آبائهم و معلميهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت