الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بارانويا ترامب وصلت ذروتها

ميار أبودقة

2017 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


كان الجميع يسخر منه أثناء ترشحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، ولكنه كما الكثيرين مِنَ الجبابرة على مرِّ التاريخ، يؤكدُ على أنه إذا كان الشعبُ مغيبًا ولا تهمه إلا لقمة العيش؛ فإنّ المجانين والفاسدين هم من يعتلون السلطة.

وهذا ما حدث بفعل المصادفة مع ترامب، رجلُ الأعمال الأمريكي ذو اللسانِ السليطِ والنفوذِ القوي، الذي يُلقي التهديدات والوعود في كل مكان، والذي يروّض غريزة الجشع لشريحةٍ كبيرةٍ مِنَ المجتمع الأمريكي، وهم طبقةٌ من العمالِ البيض، أغلبهم لا يمتلكون شهاداتٍ جامعية، وشغرهم الشاغر هو المال وعدم زيادة الضرائب والعنصرية على أيِّ آخر، سواءً أكانوا مِنَ السودِ أو المسلمين، وغيرهم من الأقليات.

اعتلى ترامب رأس وحيدة القرن بكل سهولة، كما ويُشْهَد لترامب العديد من المواقف الجنونيّة، التي تظهر مدى اضطرابه العقلي والنفسي، وآخر هذه المواقف الهستيرية التي قام بها هي اعترافه بالقدس عاصمةً لإسرائيل، والسؤال الذي يدور في أذهان الجميع: لماذا أعلن ترامب وفي هذا التوقيت تحديدًا قرارًا مصيريًا كهذا؟

يجب أن ننوه أنّ ترامب هو أول رئيس أمريكي تجرأ على هذه الخطوة منذ عام ١٩٤٨م، فجميع مواقف رؤساء أمريكا منذ قيام إسرائيل كانوا يرغبون بأن يتحدد موقف القدس والصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن طريق المفاوضات السلمية بين الطرفين، وتحت رعاية دولية، فمنذ عام ١٩٩٥ شَرَعَ الكونغرس الأمريكي بإعلان القدس عاصمةً لإسرائيل، والذي جعل القرار بِعِصمةِ الرئيس الأمريكي لإعلان التوقيت المناسب لتنفيذه وإعلانه، وقد نص القرار أيضًا على إلزامية إعادة النظر في هذا القرار كل ستة شهور من قِبَلِ الرئيس الأمريكي، فمنذ ذلك الحين وجميع الرؤساء الأمريكان يقومون بتأجيلِ هذا القرار مرتين في العام، ما يقدّر أنه قد تمَّ تأجيله ٤٤ مرة؛ وذلك يعود لوجود بعض التخوفات تحت دواعِ الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي، والتخوُّف مِنَ الغضب العالمي والإسلامي أثناء إعلان هذا القرار.

ولكن، يبدو أنّ «بارانويا ترامب» قد وَصَلتْ ذروتها؛ لأنه دائمًا ما يدّعي أنه مميزٌ عمّن سبقوه من رؤساء وأنه لا يخشى شيء، ولكنه يسقط أكثر وأكثر في دوامةِ الفشل، فهو لم يَقْدِرْ على تنفيذ قرار بناء السور الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، وفشل في إلغاء خطة أوباما المتعلقة بالتأمين الصحي، وغيرها من الخيالات التي كان يحلم بتنفيذيها، ويتفرّد ترامب بعدم امتلاكهِ لأدنى خبرة سياسية؛ وهذا ما أدّى إلى ظهور العديد من المشاكل والعراقيل أمامه، فقد أقدمَ بإعلانه قرار الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، والذي يعتقد بذلك أنه المسيطر والغَرِق؟ على العالم أجمع، وأنّ جميع الناس عبيدًا لديه، وهذا ما يُثبتُ أنّ -الشعبوية المتطرفة- ما هِيَ إلا نتاج اضطرابات الحكّام، وأنها بذلك لا تعترف بأيِّ قدسية، أكانت للأرضِ أو للإنسان، بل كل القداسة لديها للمال والنفوذ ولِمَن هو أقوى، وذلك تحت ذرائعَ وهميّة، منها حماية وحفظ حقوق الإنسانية –وهي على عكس ذلك تمامًا-، وهذا ما يفعله ترامب لحماية نفسه ولتنظيف ملفه الحافل بقضايا الفساد التي تذاع عنه في الفضاء الإعلامي الأمريكي والعالمي، فالمعنويات الشعبية لترامب بدأت بالتراجع، خاصةً بعد فشله في تلبية وعوده التي تغنّى بها أثناء حملته الانتخابية، فهو يسعى لترويض الشعب الأمريكي بافتعال قضايا لا تعنيهم بالدرجة الأولى؛ من أجل لفت أنظارهم عليها، والانشغال بها من جهة، ومساندة اللوبي الإسرائيلي من جهة أخرى، وكل ذلك على حساب غوغاء، لا يعون واقع اللعبة الحقيقية، حتى أدى الأمر إلى بداية ضياع القدس والقضية الفلسطينية على وجه التحديد.

السؤال هنا: هل سيكون مصير ترامب كمصير «نركسوس» الذي أغواهُ غروره؛ فأسقطه في الماء حتى غَرِق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح