الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انزوى الأدب المعاصر بعيداً عن الاحتجاج والتمرد والتعبئة ؟

جاسم الصغير

2006 / 2 / 27
الادب والفن


هل انزوى الأدب المعاصر
بعيداً عن الاحتجاج والتمرد والتعبئة ؟
يعد الأدب أحد المحددات الهامة ً في الفضاء والحيز الثقافي باعتباره جنس ثقافي يعبر من خلاله عن مكونات النفس البشرية وأيضاً شاهد حي زمني ومكاني على سيميائيات المجتمع وتصويرها لأدق التفاصيل التي نستدل من خلالها على وضعية مجتمع ما . إن الرواية والأدب هي علامة ودلالة لها قدرة كبيرة جداً في رفد القارئ بمشاعر جياشة تساعد على التكاتف الاجتماعي في لحظة متشظية مليئة بالتناقضات الفكرية والاجتماعية . إن مفهوم الأدب وحسب رؤية الناقد الأدبي فيشر هو الذي يستطيع تسليط الأضواء على الأطر التقليدية المتهرئة وإبراز تناقضاتها وأيضاً خلق أطر جديدة تقدمية تزود القارئ برؤية جيدة تساعده على خلق ملامح حياة أفضل وأكثر صعوداً وبالتالي إيجاد حياة لائقة بالإنسان . وهذا هو سمات الأدب الملتزم الذي يتوحد مع آلام وآمال المجتمع ، ومن سرد بعض الروايات او الآثار الأدبية التي أبرزت ذلك ولروائين عديدين منهم جان بول سارتر وغيره بشكل جلي في خلق رؤى ومشاعر للمتلقين والقراء وليضا رواية الروائي السوفيتي مكسيم غوركي (الأم) كانت علامة بارزة على الأدب الملتزم بقضايا المجتمع فبعد فشل ثورة 1905 من قبل الثوار ضد سلطة القياصرة جاءت هذه الرواية لتعيد تشكيل الوعي الاجتماعي لطبقة كبيرة وهي طبقة العمال التي كانت تمثل طبقة كبيرة محرومة من ابسط انواع الحياة الكريمة هناك وتوحيد الصف عبر تعزيز الوعي الطبقي وانتشاره لفئات كثيرة، من خلال ابراز الممارسة الحية في النضال رغم فارق الأجيال (ومثال ذلك اشتراك الأم في النضال ضد السلطة بفضل اقترابها من الممارسة الحية للثوار وبالتالي حصول تغيير في اطرها الفكرية رغم جهلها من الناحية المعرفية لكبرسنها). إن نتيجة هذه الرواية هي إيصال القارئ إلى الإحساس الذي يتوحد مع شخوص الرواية وامتلاء مخياله بقيم آراد الروائي مبدع النص تصويرها من خلال عمله وأثره الأدبي الخالد ، الأمر الذي جعل المفكر الكبير فلاديمير لنين يشيد بها إشادة كبيرة جداً وعلق عنها لقد جاءت هذه الرواية في وقتها ولكي نحافظ على وحدة الطبقة العاملة وبث فيهم قيم الامل بالغد بعد فشل ثورة 1905 وكتب مقدمة طويلة للرواية واننا نؤكد على اننات لاننطلق في رؤيتنا من منطلق نكوصي نحو الماضي بل من رؤية معيارية للادب الصادق والتعبير عن امل المجتمع، وايضا ذات الامر ينطبق على رواية ( الموت حبا) للكاتب الفرنسي بيار دوشين الذي اتخذ من ثورة الطلاب في عام 1968 في فرنسا ارهاصا موضوعيا للتمرد على كل الابنية التقليدية وحتى اليسار الذي اندرج قسم منه في خانة اليمين من حيث المواقف التي تصطف مع مواقف اليمين الذب يريد على الواقع كما هو والذي صور الكاتب او الروائي ثيمة الرواية قصة حب تجمع بين استاذة وطالب يفرقهما عشرين عاما ويجمعهما الحب الذي يلغي المسافات والفوارق الطبقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية الامر الذي يستفز كل ذوي الخلفيات التقليدية والرجعية فتحصل حرب خفية ومعلنة لاهوادة فيها الا ان كلا الحبيبين يصدمان بفضل هذا الحب صمودا بطوليا يستفز في القارئ او المتلقي كل عوامل التمرد والتعبئة بشكل رائع إذاً أن الأدب هو معبر حقيقي عن آمال النفس البشرية الفردية والاجتماعية . وعن معايير الأدب الملتزم والناجح هو بحسب رأي الناقد العربي الكبير عز الدين إسماعيل هي تلك التي حددها في معايير معينة وهي الاحتجاج ، التمرد والتعبئة . إن الأدب الذي لا يستطيع أن يغذي في أفكار مشاعر وبالتالي القدرة على اتخذا مواقف ملتزمة عبر التمرد على قيم سائدة سلبية وتقليدية وتشد الإنسان إلى الوراء أو تحافظ على تأبين قيم ساكنة ثبوتية هو أدب ذاتي وتبريري لأن الأديب اوالروائي هو رجل الاستراتيجيات الباحث عن قيم لحياة أفضل و لعالم أفضل لأنه يجب أن يصور في أثره ألدبي ملامح الحياة التي يجب أن تكون وليست كما هي في الواقع ، وطبعاً لا تعني هنا عبارة كما يجب أن تكون ليست التشبع بروح ايديولوجية صارمة أو شمولية واستلابية بل أنها تعني أن القيم التي ينشدها الأدب هي قيم أكثر إنسانية بل وأكثر نبل من القيم التي توجد في الحياة الموجودة مع أهمية التنبيه أن الأدب المحتج و المتمرد والمعبأ عندما يرسم نسقه ومعاييره لا يجب ان يحدد مصير المستقبل وكأنه عراف يتكهن بكل شيء الأمر الذي جعل كاتباً ً مثل أنيس منصور ينتفض يرفض ملامح الأدب الذي يحدد مصائر ابطاله مسبقاً وكأنه يوجد لديه مسطرة ويقيس كل شيء لان هذا ليس من مهمة الاديب ابدا ومن هنا طالب بأن تجعل مصائر الأبطال على سجيتها تبكي وتنتحب وتشكوا سوء مصيرها في هذا العالم المعاصر ،و مع أننا لا نشترك معه في كل رؤيته النقدية التي طلبها لأنه يوجد فيها بعض العدمية وهذا لا يتفق مع معايير ادب الاحتجاج التمرد والتعبئة الذي يقود إلى المواقف النبيلة والمشرفة ومن هنا يمكن أن نحيي شخصية دون كيشوت المحتجة والمتمردة بشجاعة وفروسية النبلاء الاقتحامية حتى ان لم يستطع تغيير أي شيء الأمر الهام تمتعه بروح تتمتع بالشجاعة وهو الذي يقول:
- صحيح اني احارب طواحين الهواء
- صحيح اني اعزل
-لكن هل هذا يعني اني استسلم
ومن هنا نطلق سؤالنا الذي يشغل ذهن كثيرين ، لماذا لم يعد الأدب المعاصر أدب احتجاج وتمرد وتعبئة وانزوى إلى ملامح أدب ذاتي وتبريري مع احترامنا لفردية الاديب لكنها عندما تتحول تلك الفردية إلى ذات انعزالية تفقد شروط التفاعل مع هموم المجتمع والانسان وتصاب بالخواء، هل نقول أن الأدب المعاصر كفّ عن التمرد ، هو سؤال لان الادب الأدب الذي لا يثير سؤالاً عن كينونة الإنسان ودوره ومصيره عندها نقول أن هناك خللاً ثقافياً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس