الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحفي يُغّرم بمائة مليون ليرة بسبب مقال - محاكمة الصحفي راشد عيسى

روزا ياسين حسن

2006 / 2 / 27
الصحافة والاعلام


صحفي يُغّرم بمائة مليون ليرة بسبب مقال:
محاكمة راشد عيسى
أعرف.. تعتقدون أن العنوان من قبيل التشويق أو المبالغة الإعلامية، لا.. إنه حقيقي. فقد قام مدير دار الأسد للثقافة والفنون نبيل اللو برفع دعوة على الصحفي راشد عيسى وعلى وكيل المعهد العالي للموسيقا ومايسترو فرقة قوس قزح حسام بريمو، طالبهما فيها بمائة مليون ليرة سورية تعويضاً له، وذلك بسبب ارتكاب راشد، حسب ادعاء اللو، جرم الذم والقدح بحقه.
وبما إن قانون المطبوعات السوري الصادر في 2001 الصفعة المباغتة لحرية الصحافة، هو السيد والحكم على مطبوعاتنا، فيمكن لأي مسؤول مهما علي شأنه أو خفض، بشرط أن يكون مدعوماً من جهة ما، أو أي مدير (ثقافي أو إعلامي) أو صاحب منصب أو ملتصق بكرسي ما أن يجعل الصحفيين يكتبون وشبح السجن والمحاكمات يطوف حول أقلامهم وعقولهم. إنها حقاً وسيلة مبتكرة لاستمرار هيمنة السلطة، أي سلطة، على وسائل الإعلام، وتحت سيطرة التعابير المطاطة التي يعاقب عليها الكاتب من أمثال: قدح وذم وتحقير وافتراء.. والخ، حتى لتعتبر جملة (ما أحلى الكحل بعينك) افتراء مثلاً على كحل عينيه الرباني. كل ذلك تحول إلى قيود وعراقيل يصبح بعدها استخدام حقوق التعبير والرأي والكتابة والنشر جرماً يؤدي بالصحفي إلى السجن، بما إنه حكماً لن يستطيع تسديد الغرامات بقيمتها المثيرة للضحك حتى لو باع نفسه.
بدأت المشكلة حين كتب راشد عيسى في نشرة المواطن الإلكترونية بتاريخ 19/10/2004 عن مستنقع الفوضى الذي يرزح فيه المعهد العالي للموسيقا ودار الأسد للثقافة والفنون وذلك بسبب استلام (الدكتور) نبيل اللو سدّة حكمهما. ولا نتجرأ على ذكر اسمه دون اللقب (الدكتور) لأن أحد التهم الموجهة إلى راشد كانت أنه لم يذكر لقب الدكتور الذي حصل عليه نبيل اللو بقوة القوانين والأنظمة النافذة في هذا القطر.. (هذا ما جاء في الادعاء بالحرف الواحد).
كتب راشد يومها في المواطن عن الإجراءات الاعتباطية التي قام بها الدكتور اللو من قبيل حرمان مجموعة من الطلاب المميزين والأساتذة الموسيقيين والأكاديميين (غير الموالين له) من الغناء أو العزف أو تقديم العروض في المعهد والدار، أو وضع عازف للعود رئيساً لقسم الآلات النفخية!!، واستبدال التلاميذ بأساتذتهم، وغير ذلك من هذه التصرفات المثيرة للضحك والتي رأى راشد أنها تأتي انتقاماً من العهد القديم (عهد صلحي الوادي). ثم تحدث في المقالة ذاتها عن نزع مجموعة شهادات التقدير المعلقة على حيطان المعهد والتي حملتها الفرق السورية في المهرجانات الدولية والعربية والصور التي تسلسل تاريخ المعهد منذ نشأة المعهد العربي للموسيقا في ستينيات القرن الفائت وحتى اليوم ولاعتبارات محض خاصة بالدكتور اللو. إضافة إلى إهمال وجود أسماء لامعة ومؤسسة لفرقة الموسيقى العربية منذ ميشيل عوض وحتى حميد البصري وجوان قرجولي.. وتطفيش الفرق التي تأتي عبر المراكز الثقافية الأجنبية، والحروب الأخرى التي يشنها الدكتور اللو ضد (أعدائه) الافتراضيين ممن لم يرضخوا لجعل صرحين ثقافيين في بلدنا مزرعة شخصية أو ثكنة عسكرية يعامل فيها المبدعون كعساكر.
أما المقال الذي فجر الأزمة فهو مقال راشد عيسى في جريدة السفير في 8/2/2006 عن بيان المثقفين السوريين (حوالي ثمانين مثقفاً) الذين طالبوا السيد وزير الثقافة محمود السيد بإقالة مدير دار الأوبرا نبيل اللو من منصبه، والاعتذار عن الإهانة التي وجهت إلى مجموعة من المثقفين السوريين في الدار. وفي المقال كتب راشد عن إهانة المدير اللو للكثير قبلهم وشطبهم من الفعاليات الفنية التي قدمت في دار الأوبرا أو لمصلحة المعهد العالي للموسيقا، مثل عازف البزق محمد عثمان، وعازف العود الحائز على جوائز دولية جوان قره جولي، الشيء ذاته الذي حدث مع الممثل سعد لوستان والمصور أيهم ديب باعتبارهما من الموقعين على البيان، واندرجا بذلك أيضاً ضمن لائحة اللو السوداء التي بلغت أكثر من ثمانين مثقفاً. ثم كتب راشد، وعلى لسان حسام بريمو (وكيل المعهد العالي للموسيقا ومايسترو فرقة قوس قزح) أن نبيل اللو طلب منه مبلغ 150 ألف ليرة لقاء عرض موسيقي لفرقته في دار الأوبرا، الأمر الذي أطار صواب الدكتور!!
نهاية المقال يكتب راشد: (أي فساد إذاً ينخر المؤسسة الوليدة: تطفيش للمواهب الوطنية، إهانة بالجملة للمثقفين، تسريب عروض لا تليق بدار الأوبرا، ومطالب مالية، إذا كنا حسني النية، لا تستند إلى أي قوانين؟ أي فساد إذا في دار الأوبرا تحت سمع وبصر الحكومة في ظل دعوات الإصلاح الإداري والاقتصادي؟).

بناء على كل ذلك تقام دعوى ضد صحفي حر، و(يتجرجر) إلى المحاكم، لأنه حاول أن يضع يده على الفساد الذي استشرى حتى في منشآت من المفترض أن ترعى وتحمي الفنون، وإلى صروح ثقافية من المفترض أن تسمو بالإبداع لا أن تلطخه بقذاراتها.. و(يتشنشنط) راشد أيضاً في المحاكم بسبب عبارات مطاطة تستبيح كلماته وتلويها لتصبح شتائم شخصية وقدح وذم و.. إلخ. وإذا ظلت هذه الموضة رائجة تحت ظل القانون الجديد: رفع دعاوى على الكتاب والصحفيين بعد كل مقال يفضح التآكل الذي وصلنا إليه، فسلام على الصحافة، حين سيأتي يوم نرى فيه كل صحفيينا الأحرار وكتابنا، الذين لم يبيعوا ولاءهم للكلمة إلى أي تاجر بعد، في السجون، لأنهم بالطبع لن يستطيعوا دفع الغرامات المطلوبة.
أتساءل لم لا يخطر ببال الكتاب والصحفيين أن يرفعوا دعاوى بالمقابل على تخوينهم (من قبل أصحاب الكراسي والموالين وحملة العقول المتعفنة) في كل مناسبة، ولم لا يرفعون دعاوي على شتمهم على صفحات الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية باعتبارهم يخربون المجتمع ويدخلون نسغ الحرية ورفض السائد في معظم ما ينتجون.. ربما لأنهم ببساطة مشغولون بذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة