الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1917 ,2017: التشابه المقصود, والمخطط المرصود

عائشة اجميعان

2017 / 12 / 15
القضية الفلسطينية


كان سعي الدول الإستعمارية الدؤوب لتغيير وجه الشرق الاوسط ( والذي تم نحت مصطلحه بواسطة جنرال امريكي في البحرية الامريكية 1902) , والمحتل من قبل الدولة العثمانية , طمعا في ثرواته الكثيرة, وإنتقاما من الإمبراطورية العثمانية المترامية الاطراف التي توسعت حتى باتت على حدود الدول الاستعمارية , فقد توافقت كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا, على تكوين حلف يغير على المنطقة وتقسم فيما بينهم, بعد إنضاج الامبراطورية المتهالكة واضعافها من داخلها , ومن ثم يصبح الثمرة ناضجة القطاف .

(1)
باشرت بريطانيا خطتها, عام 1916 ,عام اندلاع الثورة العربية او الربيع العربي الاول,المرسوم والمدعوم بريطانيا, برسم واعلان العدو الاول للعرب, وهو العثمانيين , ووعد بإقامة الدولة العربية والاستقلال, واعتبرت ان البداية هو الحجاز, بإعتبار الشريف حسين من نسل الرسول صلي الله عليه وسلم, هو الأولى ان يتولى خلافة المسلمين, ومن هنا إذكاء ماسمي بالثورة العربية ضد المستعمر العثماني واعتبارهم (البريطانيين) محررين, فبدأت من الخليج , من السعودية , من الحجاز ,وبدأت الإمداد بالمال والسلاح, وقد كان, بدا العرب الإنقياد للربيع العربي, ضد العثماني المحتل, ثورة مصطعنة, رسمت فيها الدول الاستعمارية, العدو للعرب, ووجهت القدرات كلها لمحاربة العثماني في كل البلدان, وإعتبار بريطانيا ,هي الداعم للعرب وهي نصير الاستقلال .
في أمريكا التي لم تظهر على خريطة الدول الاستعمارية بعد, وفي يناير عام 1917 أصدر الرئيس الأمريكي الأسبق وودرو ويلسون مبادئه الأربعة عشر للسلام والتي تتلخص في حرية الشعوب الكبيرة والصغيرة، وحقها في تقرير مصيرها، وحقها في الاستقلال السياسي, وأنكر ويلسون على الدول القوية إستعبادها للدول الضعيفة وإستخدامها في مصلحتها الذاتية, فقد كانت هذه المبادئ بمثابة دستور عالمي استثار روح الاستقلال والحرية في الشعوب, أما بريطانيا فقد كانت من بين الدول التي وافقت على مبادئ ويلسون, وإدعت أنها تحرر الشعوب العربية التي تضعها تحت حمايتها من سيطرة الدولة العثمانية.

(2)
لم ينتهي العام 1916, حتى حدثت المفارقة, فقد إتفقت كل من فرنسا وبريطانيا على تقاسم تركة الرجل المريض (هكذا كانوا يسمون اللامبراطورية العثمانية الآيلة للسقوط ), في غيبة روسيا التي توافقوا على اشعال حرب داخلية, أدت الى انشغال روسيا , عن شركاء القسمة , الذين سرعان ما اقتسموا الغنيمة فيما بينهم, على حساب العرب المشغولين بالعثمانيين, الأمر الذي تم اكتشافه وبالتالي فضحته روسيا الشيوعية, لضرب التحالف بين بريطانيا والعرب, إلا أن السياسة البريطانية التي حركت العرب, تمكنت من خداعهم وبالتالي ديمومة ثقتهم في الامبراطورية (الصادقة فيما تقول), وهي تضمر العكس .
لم ينتهي العام 1917 , ففي الثاني من نوفمبر , كان الوعد الأول لليهود في شخص المصرفي اليهودي روتشيلد, بإنشاء وطن قومي لليهود, وقد بدأ التمكين في 30 ديسمبر من نفس العام, اذا كانت معركة القدس بين البريطانيين والعثمانيين التي انتهت باستسلام القدس, التي تم وضع يد البريطانين عليها, لحين إستصدار قرار من عصبة الامم بالانتداب, المؤدي في النهاية الى ترك فلسطين بما فيها القدس (للمستضعفين اليهود).

(3)
وكأن التاريخ يعيد نفسه, فقد كان (الربيع العربي) الذي اندلع, في البلدان العربية وانتشر فيها انتشار النار في الهشيم , بدا من تونس فمصر فسوريا, الى اليمن وهلم جرا, باعتبارها ثورات عفوية وطنية ضد الظلم والاضطهاد نحو التطلع الى "عيش , حرية , كرامة انسانية " , لكن بعد تلك السنوات التي توضحت, كيف ثارت تلك الثورات المصطنعة , في مخابر امريكا وبلدان الدعم اللوجستي في بلدان اوروبا مثل أوكرانيا,وجورجيا, والمؤسسات التي دعمت ودربت الكوادر التي لاعلاقة لها بالوطنية في بلدان ( الربيع العربي) إلا بالهوية او الجنسية, والتي نجحت في بعض البلدان, في ازالة الانظمة الحاكمة, وتسيد جماعة الاخوان المسلمين الحليف القديم الجديد لبريطانيا ومن بعدها أمريكا, في غير ما بلد من البلدان , فحكموا تونس ومصر , إلا أن كشف اللعبة , والمخطط على ألسنة المخططين أنفسهم , سرعان ما غيرت الدفع فإستطاعت مصر وتونس, قلب الصفحة, وإعادة التوازن الى النظام, غير أن الخطة البديلة بدأت تتفاعل, ولاتزال تعمل, الإرهاب من الداخل للتدمير الذاتي, لانضاج الثمار.

(4)
جاء الرئيس الأمريكي الاكثر إثارة للجدل, في السياسة الامريكية, أثناء حملته الانتخابية, الذي ذكر العرب والمسلمين, مظهراً عداءً وعنصرية, غير مسبوقه ضدهم, ومؤثراً, تخطي سياسة أمريكا تجاه العرب, وتوجه تجاه اليهود بشكل عام, والإسرائيليين منهم بشكل خاص, حيث لم يذكر في دعايته الانتخابية أي ذكر لفلسطين, أو الشعب الفلسطيني, أو الدولة الفلسطينية الموعودة في خطابات الرئاسة الامريكية على مدي عقود, أو الحل السلامي, إنما جاء ليعقد صفقة القرن الغامضة التي لم تتوفر لها ملامح وحتى بعد مضي عام على مكوثه في البيت الأبيض, والعرب يصدقون .
لقد حضر الرئيس الامريكي, السيد الأوحد في هذا الكون (حسب التصور الامريكي للقرن الأمريكي), جاء الى الخليج , الى السعودية , الى الرياض , ليجمع قادة عرب ومسلمين , وليعلن أمامهم , عدوهم المفترض, الإرهاب, إيران, وليعلن تدشين حلف جديد ضد العدو الأول للعرب, بإعتبار ان عدو العرب الاول لم يعد اسرائيل, وليلعب مع السعودية, نفس لعبة التوريط, التي لعبت على بغداد, صدام حسين , ولكن هذه المرة حرب بين السعودية وايران بالوكالة.
هكذا أدار ترامب سيد الييت البيض (الصادق المصدوق), صفقة تجارية هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة , وهي الأضخم في تاريخ العرب, فقد حصل على قرابة نصف تريليون دولار أمريكي في صفقة واحدة, من أموال بترول الدافعين والمصدقين والمهرولين نحو السيد, وبدأت حفلة التطبيع المجانية, نحو الحليف الجديد (اسرائيل) في مقابل العدو المفترض أمريكياً, (ايران) .

(5)
لم ينتهي العام 2017 حتى , أعلن ترامب (بلفور الجديد) من البيت الأبيض , القدس عاصمة لاسرائيل , والممنوحة من بريطانيا بوعد (بلفور الاول), تلك التي كانت حليفة العرب, نحو الاستقلال, وزاد بعد أيام من إعلانه الأول بكل وقاحة, يهودية دولة اسرائيل.
لم يعلن بلفور من تلقاء نفسه وعده المشؤوم, فقد كان اليهود وراء الضغط عليه, وكذلك ترامب المسيحي, إلا أن دائرته إبتداء من صهره الشاب اليهودي الذي لاعلاقة بينه وبين السياسة بشكل عام,وسياسات المنطقة بشكل خاص وفي القلب منها قضية فلسطين, وجل حاشيته التي إختارها من اليهود.

حقا إنها صفقة القرن, او بالأحرى صفعة القرن للعرب, المقتنعون بصدق الأمريكي, حتى تنفيذ تحالفهم ومصادقة إسرائيل واليهود,على حساب قضاياهم ومعتقداتهم ومقدساتهم, فالعرب هم العرب, والإستعمار هو الإستعمار, ولا يزال تكوين العرب الذي يثقون بعدوهم الباطن, وهم يعرفون, لكنهم يثقون بكلام المقال من أمريكا, فلا يجدر ان تكذب امريكا مع كل هذه العظمة والقوة ,باعتبار ان الكذب سلاح الضعيف.

لقد بدأ الربيع الخليجي (المُصنع أمريكيا), ليُحكم ماسآة فلسطين التي بدات من الخليج, والان نكبتها الجديدة, تدشن ايضا من الخليج .
قال وزير الدفاع الإسرائيلي "موشي دايان" يوما عام 1967 ,قبل النكسة " إطمئنوا فإن العرب لا يقرأون , و إذا قراوا لا يفقهون, و إذا فهموا لا يطبقون. "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: مقتل 7 فلسطينيين بنيران القوات الإسرائيلية في


.. زيلينسكي يطمئن الأوكرانيين ويعيد التأكيد على الحاجة الماسة ل




.. الأطفال في لبنان يدفعون غاليا ثمن التصعيد في الجنوب بين -حزب


.. ردود فعل غاضبة في إسرائيل على طلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتن




.. جيل شباب أكثر تشدداً قد يكون لهم دور في المرحلة المقبلة في إ