الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع داخل النظام الامريكى . . مقدمات ونتائج

جمال عبد الفتاح

2017 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



فى الايام الاخيرة يتصاعد الصراع الدائر بين ترامب وادارته من جهة ، والكونجرس الامريكى من جهة اخرى حول تدخل الحكم الروسى فى الانتخابات الامريكية الاخيرة عبر جوجل وتويتر ووسائل التواصل الاجتماعى المختلفة . وقد وصل الامر للتحقيق مع اثنين من كبار رجال حملة ترامب الانتخابية ، وتحديد اقامتهما فى منزليهما ، وفرض عدم مغادرتهما للاراضى الامريكية . واتهام شخصية سياسية امريكية من اصل يونانى بدور فى التأثير على الانتخابات الامريكية لصالح فوز ترامب ، كل ذلك لحساب المخابرات الروسية مقابل رشا وغسيل اموال ، ودائرة الاتهام تهدد بالاتساع ؟ .
وينخرط فى هذا الصراع كبار متنفذى الحزبين الديموقراطى والجمهورى والعديد من الصحف ومراكز البحوث ، باختصار نخبة الطبقة الرأسمالية السائدة فى الولايات المتحدة الامريكية .
ان هذا الصراع العاصف الآن داخل نظام الحكم الامريكى يعكس ازمة داخلة لم تعد مكتومة كما كانت تبدو قبل الانتخابات . فقد تبدت اثناء الحملة الانتخابية فى الاتهامات المتبادلة ، ورفض عدد من قيادات الحزب الجمهورى لترشح ترامب عن الحزب ، ثم ارتفعت وتيرتها بعد استلام ترامب لمنصبه فى يناير الماضى . وتجلت فى تحرك الشارع الامريكى بمظاهرات عارمه ضد نجاحة ، وضد العديد من وعوده الانتخابية اليمينية والعنصرية . كقرارات ترامب بحرمان مواطنى 6 دول من الشرق الاوسط من الدخول الى الولايات المتحدة . كما فشل ترامب بتمرير قانون جديد بالغاء قانون اوباما الخاص بالتامين الصحى ، والغاء الاتفاق النووى الايرانى والالفاف عليه بفرض عقوبات اقتصادية . وتغيير موقفه من استمرار الاسد فى الرئاسة كشرط للوصول الى تسوية للاوضاع فى سوريا ، واتخاذ مواقف دبلوماسية وعقوبات اقتصادية ضد روسيا ، وفشل تهديدات ترامب فى لجم كوريا الشمالية عن تطوير برامجها النوونة والصاروخية . وتعثر وعوده العنصرية بعودة اكثر من 12 مليون مهاجر " غير شرعى" الى بلادهم ، وبناء سور عازل بين امريكا والمكسيك كاكبر مخزن للهجرة " غير الشرعية " الى الولايات المتحدة .
ويأتى هذا الصراع المحتدم داخل نظام الحكم الامريكى تعبيرا عن استمرار وتعقد الازمة الاقتصادية داخل المجتمع الامريكى برغم الاتاوات الضخمة التى فرضها ترامب على آل سعود وامارات النفط ، حيث ارتفاع الدين العام لاكثر من 20 ترليون دولار ، وقد بلغت خسائر الاقتصاد الامريكى فى السنة الاولى للازمة عام 2008 : 64 ترليون دولار ، وهروب رأس المال بما فيه الامريكى من الولايات المتحدة للاستثمار فى بلدان اخرى ، فى اوربا والصين وجنوب شرق آسيا . كما فقد 6. 2 مليون امريكى وظائفهم خلال العامين الاخيرين ، وتجاوز عدد من هم تحت خط الفقر من الامريكيين الـ 50 مليون شخص . وفقدان 5 .1 مليون اسرة منازلهم بسبب ازمة العقارات ، واقامة ملايين الامريكان نتيجة لذلك فى الميادين والحدائق العامة فى المدن المختلفة . وانهيار البنية التحتية لمعظم الولايات بسبب عدم تجديدها لاكثر من 100 عام . ناهيك عن ظاهرة العنف الفردى ومئات المنظمات الفاشية شبه العسكرية المنتشرة فى الولايات والمدن المختلفة حتى بين اطفال المدارس والنوادى والملاهى . وقد فضحت حادثة لاس فيجاس المروعة منذ شهر حجم هذه الظاهرة المخيفة ، والتى راح ضحيتها 61 قتيلا غير عشرات الجرحى ، وتفيد الاحصائيات الرسمية انه فى الـ 275 يوما السابقة على جريمة لاس فيجاس جرى فى الولايات الامريكية 275 حادثة اطلاق نار ، اى بواقع حادثة يوميا ، راح ضحيتها 11600 قتيل غير آلاف الجرحى ، ولم تعير ادارة ترامب العنصرية هذا الوضع الكارثى اى انتباه !! كما تستحوز تجارة المخدرات فى الولايات المتحدة على ثلث تجارة المخدرات فى العالم .
وتعبر الازمة الاقتصادية والاجتماعية وازمة الحكم داخل الولايات المتحدة عن نفسها فى تراجع الامبراطورية الامريكية عبر العالم ، وتخبط سياساتها فى مناطق سيطرتها التقليدية كما هو الحال فى الشرق الاوسط ، وشرق ووسط أسيا ، والعديد من بلدان امريكا الجنوبية . كما هو الحال فى سوريا ، واقليم كردستان والعراق عموما واليمن وليبيا ومصر والسودان ولبنان وافغانستان والعديد من مناطق النفوذ فى الشرق الاوسط الكبير . وتراجع تاثيرها على الاتحاد الاوربى كما ظهر فى الاتفاق النووى مع ايران ، وعلاقة الاتحاد الاوربى مع روسيا خاصة فى قضيتى الغاز واوكرانيا . كما هو الحال بتراجع العلاقات الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة خاصة بعد الانقلاب العسكرى الفاشل ضد اردوغان منذ عام ، واقتراب تركيا اكثر من روسيا ، وايران فى الفترة الاخيره . وقد اثر كل ذلك على حلف الناتو ودوره فى السياسة الاستعمارية الامريكية . وتوسع الاستثمارات والنفوذ الصينى فى وسط وشرق أسيا وفى افريقيا وامريكا اللاتينية خصما من حساب الهيمنة الامريكية .
ومن مساخر التاريخ ان فضح الصراع داخل نظام الحكم الامريكى طبيعة الديموقراطية الامريكية الاستعمارية والعدوانية اكثر من اى وقت مضى ، ومعاداة تلك اليموقراطية لابسط الحقوق والحريات العامة والخاصة عبر العالم وفى الداخل الامريكى . فهى تتحدث عن العولمة فى كل شيء وحرية التفكير والتعبير والاعتقاد والبحث العلمى ونشر الافكار وتدفق المعلومات و "قبول الآخر " وياللمسخرة ان هذه الحقوق وقف على ديموقراطية الدم الامريكية فقط ؟؟ فما ان استعمل المواطنون الروس وغيرهم او النظام الروسى لملايين الرسائل والتويتات والمواد الاعلانية للتاثير فى الانتخابات الامريكية الامريكية حتى برزت انياب الديموقراطية الامريكية لتحاسب الجميع من اول جوجل وتويتر برغم انها شركات امريكية ـ وتربطها علاقات بالمخابرات المركزية ـ لانها سمحت بما تسميه التاثير الخارجى على الانتخابات الرئاسية الامريكية ، خاصة وانه ياتى من خصمها اللدود روسيا الاتحادية التى يتزايد نفوذها فى السنوات الاخيرة فى مناطق النفوذ التقليدية للامبراطورية الامريكية ، فقدمت كباش فداء امريكية من النخبة السياسية بتهمة التجسس لصالح روسيا وغسيل الاموال ، وتناست تلك الديموقراطية المستبده عن عمد كل حديثها المنافق عن الحرية وحقوق الانسان ، ورفع عقيرتها ضد ديكتاتوريات العالم المتخلف بهذا الخصوص ، وهى فى نفس الوقت تدعم الانظمة الديكتاتورية التابعة لها ، وتقوم بحروب الابادة فى العراق وسوريا واليمن وافغانستان وغيرها فى صراعها الاستعمارى على مناطق النفوذ معاندة شمس امبراطوريتها الغاربة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل