الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحبّكما , أنتما وطني ..

هيام محمود

2017 / 12 / 18
سيرة ذاتية


عندما فكرتُ في الكتابة في الحوار , مُعضلتان أساسيّتان إعترضتاني : الأولى أنتِ والثانية أنتَ وأنتما سرّ وجودي كله اليوم وكل آفاقي , قلتُ أنّ كلامي عنكما لن يُفهم وسيضعني قراء كتاباتي مع "العُنصريين" حتمًا فأنا أنظر بعيونكما حصرا وهي عيون بعيدة كل البعد عن أوضاع مجتمعاتنا المُغيّبة التي لن تستطيع فهم أي نقد يُوجَّه إليها وستراه هجوما و "عنصرية" ضدها بل أكثر من ذلك , ستراه تهديدا لحياتها ولوجودها , وهي أيضا عيون بعيدة عن الغالبية الساحقة من "مفكري" و "مثقفي" بلداننا ولا تتفق معهم إلا في أسماء "الأهداف" لا غير : ما أروع عدم الإنتماء لأيّ "قبيلة" , الإنتماء يضعف العقل ويُقوي العاطفة والعاطفة لاعقل !

إضافة إلى ذلك , ظننتُ أن موقف القراء سيكون عدم الاكتراث فما سأصفه لا يُمثّل ولا يهمّ أحدا تقريبًا , وتساءلتُ عن الفائدة من كتابات كهذه والعالم من حولي يحترق والأوطان تُدمّر أمام أعينِ الجميع ولا أمل في الخلاص .. الجواب كان واضحا لا لبس فيه : وطني لا يستحقّ منّي حتى نظرة وداع , قد "قتلني" قبل أن "أقتله" وأُطلق عليه رصاصة الرحمة دون أسفٍ أو شفقة , وطن لم يكن لي يوما وطنا بل مجرّد وهم وسجن كبير , وطن يسكنه المُغيّبون واللّصوص , لم أرَ فيه غير الجهل والتخلّف ومعاداة الحياة , يطلبُ فيه اللصوص من المُغيّبين أن يموتوا من أجله فيموتونَ ليعيش هو : ذلك الوهم الكبير : الوطن ! وطن اللصوص والوحوش , وطن الخيانة والعمالة , وطن الولاء للآلهة ولأديانها ولبدوها لا لأبنائه , وطن البداوة والاستلاب والذل والمهانة , لم تكن لي يوما وطنا يا وطني "الوهم" ولن تكون فقد انتهيتَ وانتهيتُ منكَ إلى الأبد .. وبعد أن تألّمتُ ومتُّ ألف ميتة وميتة لم يبقَ لي من وطن غيركما .. أنتما وطني !

أوّل فكرة دوّنتها في الحوار كانتْ للمُطالبة بـ ( كلّ ) "حقوق" المثليّات والمثليين ولِلَوْمَ بعض "أهل العشيرة" الذين يرفضون لهم بعض "الحقوق" : قبول هؤلاء هو "قمّة الهرم" في أيّ مُجتمع يحترمُ الحياة الكريمة لكل أفراده , هدفي الظاهر هو الدفاع عنهم وعن حقهم في الوجود كما يريدون لكن الباطن يتجاوزهم إلى "ثقافة" لا خلاص لجميع البشر من دونها .. ولا حياة "كاملة الكرامة" لوطني دونها ! لم أنساك يا وطني ..

سألتَني يومًا عنهنّ فأجبتُ أنّ عالمهنّ يُطاردني وقد مللتُ ذلك وأرجو ألّا يكون السببَ في نقمتي عليهنّ , فقلتَ : أحِبّيهنّ ! فيوم المُنى سيكون يوم يُقبل عالمُهنّ , يوم مُنى لهنّ ولأوطاننا المنكوبة , لن نحضر ذلك اليوم بأجسادنا فلنعشه اليوم بوعينا وليكن لنا السبق .. وقد كانْ ! .. قد كانَ يا وطني .. ليتكَ تعلم !

دفعتِني دفعًا إلى ولوج عالمهنّ وقلتِ أنّ الحقيقة تنتظرني فيه , فدخلتُه وخرجتُ بـ "الحقيقة" : أنتِ , وعبركِ تجاوزتُ أحد أكبر الأوهام الذي لا تزال البشرية تعيش في مستنقعه : الجنس ! , كم إزدريتُ ذلك "الجنس" في كتاباتي منذ ذلك الإكتشاف الرائع الفريد وإلى اليوم , حتّى في كتاباتي هنا في الحوار .. في إحداها جعلتُ الأختَ وأختَها وأُمّهما الميّتة في قبرها تُمارسن الجنس في كل زيارةٍ , كم كان جميلا إزدراء الموت وقدسيّته في مقابره , كم كان جميلا إزدراء قدسيّة الأم وقدسيّة علاقتها بأبنائها وبناتها وتشويهها بذلك الفعل الشنيع الذي تمقته الأخلاق الإنسانية السّويّة اليوم , والهدف من وراء كل ذلك كان إزدراء الجنس .. الجنس الذي دمّر وطني وجعل بناته "المؤمنات" يُبعن كالسلع في أسواق النخاسة , الجنس الذي قام عليه دين أولئك الصعاليك الجياع الذين يقدّسهم وطني وأبناء وطني وبنات وطني , حتى الحجر والشجر في وطني يقدّس أولئك البدو الهمج , وكيف لا ! ووطني تبنّاهم وأنكر أبناءه وأبناؤه تبنّوهم وأنكروا وطنهم ! .. كم كان جميلا أن أزدري تلك الأم في قبرها .. كم كان مُؤلما أن أرى فيها وطني الذي دمّره أولئك البدو بدينهم وجنسهم .. لا وطن لي اليوم غيركما , أنتما وطني !

الثانية وضعتُ فيها "الشّرور الثلاثة" في نفس الكيس لأنّ الأصل واحد وأصل الثلاثة كتب أولئك البدو العبرانيين , لن تنقرض هذه الأديان للأسف وستُعاني منها البشريّة إلى الأبد لكنّ عقلنتها وتطويرها سيعودان بالخير على الجميع , وأوّل من سيجنون الثمار هم المؤمنون بها والسائرون في قطعانها . عندما كتبتُ تلك الفكرة , كان هدفي المسيحية التي ولضعفها تحت حكم الإسلام لبستْ زيّ السلام والمحبة والعقل لتخدع الكثيرين .. تساءلتُ وقتها وقلتُ : لو حقًّا "قتلتُ" وطني , لمَ أَتكلّم عن هذه الأديان التي لا تعني لي شيئا ؟ وما فائدتي لو ساهمَ كلامي في إخراج إحداهنّ أو أحدهم من الوهم ؟

الثالثة قلتُ فيها أن البداوات الثلاثة لا علاقة لها بالعلمانية وكأنّي قلتُ : ( إمّا جاهل أو دجّال من يزعُم أن تلك الإيديولوجيات البدويّة الإرهابية فيها "ذرّة" علمانية وديموقراطية ) .. الثلاثة سببُ دماركَ يا وطني , أعادوك إلى العصور الحجريّة ولولا تلك الأديان ما استطاع كلّ من ينهش في جسدك الميت اليوم أن يتجرّأ عليكَ .. ويتّهمني المُغيّبون بالـ "إنحلال" والـ "عنصريّة" وكيف لا يفعلون ! وقد تعلموا من البدو وأديانهم مبادئ الـ "شرف" و "حرية العقيدة" والـ "علمانية" !

في الرابعة تكلمتُ عن الخوف والنّفاق وقلتُ أنه يستحيل أن تتقدّم مجتمعاتنا وهي مبنيّة عليهما .. ويستحيل أن أتقدّم خطوة في الحوار والخوف في داخلي : الخوف عندي كان عند الكلامِ عنكِ , شبح المثلية سيطاردني ولن يكون لكلامي قيمة , وتساءلتُ بعد مدّة هل حقًّا أكتبُ أليكِ أم أنّه الظاهر الذي يُخفي باطنًا طالمَا زعمتُ أنّي تجاوزته ؟ هل حقًّا "قتلتُ" وطني ؟

أحبكِ أنتِ وطني .. أحبكَ أنتَ وطني .. أحبكما أنتما وطني .. أفتقدكما .. أفتقدكَ يا .. وطني !

أَبْكِيكَِ نَهْرًا ..
أَبْنَاءً ..
بِهِ غَدَرُوا ..
أَبْكِيكَِ بَحْرًا ..
رُبَّانًا ..
لِأَعْدَائِهِ ائْتَمَرُوا ..
أَبْكِيكَِ أَرْضًا ..
عَقَقَةً ..
لَهَا نَكِرُوا ..
وَقَالُوا ..
لَمْ نَنْبُتْ مِنْكِ ..
وَزَادُوا ..
فَجَرُوا ..
أنْ مِنْ كُلِّ ..
صَوْبٍ ..
وَحَدْبٍ ..
قَدْ أَرْسَلَهُمْ ..
لَكَِ القَدَرُ ! ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن