الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحيدة ... فيلم الستينات الأفضل عن مفهوم الإعاقة

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2017 / 12 / 19
الادب والفن


يعتبر فيلم "وحيدة" إنتاج عام 1961 أحد أهم الأفلام المصرية والعربية التي قدمت قصة فتاة تعاني من إعاقة سمعية من منظور فردي ومنظور اجتماعي على حد سواء، قدم المرأة ذات الإعاقة ككيان مستقل قادر على الاختيار واتخاذ القرار مؤكدا على حقها في الزواج والانجاب.
ربما لم يصادفك مشاهدة فيلم "وحيدة"، هذا الفيلم نادر العرض على شاشات التلفزيون المصري والفضائيات، ولكن بالبحث على قناة اليوتيوب، تستطيع مشاهدته بالوقت الذي يناسبك.
تدور أحداث الفيلم حول فتاة جميلة من الأسكندرية تدعى وحيدة، تجسدها الفنانة مريم فخرالدين، حياتها بها الكثير من اسمها بسبب الصمم الذي أصابها في طفولتها، قررت أن تترك والديها وتستقل للعمل كمُعلمة لغة عربية بالقاهرة، هربا من نظرات العطف والشفقة التي تراها في عيون زملائها بالعمل في الأسكندرية وكل مَن يعرف أنها صماء، وتبدأ حياة جديدة لا يعرفها فيها أحد.
يبدأ الفيلم بمشهد شاطيء الأسكندرية ووداع "وحيدة" لأبويها لتستقل القطار المتجه إلى القاهرة مع خادمتها، في القطار نكتشف مأساة البطلة حين تكون بمفردها بدون سماعة الأذن التي تساعدها على السمع والتواصل مع الآخرين، ويأتي محصل التذاكر للسؤال عن تذكرتها في اللحظة التي تذهب خادمتها لتجلب لهما القهوة.
في القاهرة تقيم وحيدة عند خالتها المُسنة، وتبدأ عملها دون أن تذكر أي شيء يخص حالتها، وتقابل مُعلمة الموسيقى "سعاد" التي تجسد دورها الفنانة ليلى طاهر، وتنشأ بينهما صداقة تعوقها تصرفات غريبة من "وحيدة"، تلك التصرفات الناتجة عن اخفاء استخدامها لسماعة الأذن، وهنا نرى تميز القصة والسيناريو في تجسيد وتنوع المواقف التي يواجهها الأشخاص الصم في حياتهم ومحاولاتهم لتفادي نظرات العطف والأحكام المُسبقة.
تتوالى الأحداث وتتعرف فتاة الأسكندرية الصماء على "مجدي" شقيق "سعاد" الذي يجسد دوره الفنان صلاح ذو الفقار، يقع مجدي في حب وحيدة من أول نظرة، وتقاوم "وحيدة" مشاعر الحب الذي زار قلبها ووجد في مجدي الرفيق الذي يؤنس وحدته خوفا أن يكشف أمرها، فهي لا تعترف بالحب الغير مشروط وتخشى دائما الارتباط وترى في ذلك مستحيلا، لكن "مجدي" الذي يثق في أنها تبادله الحب ولا يرى تفسيرا لتصرفاتها لا يمل من محاولاته إلى أن تصارحه صدفة بسرّها وتتفاجىء أنه يحبها لشخصها، وكونها صماء لا يغير في الحب شيئا فيطلب منها الزواج، ويواجهان معا رفض اسرته لهذا الزواج.
نسج كاتب ومخرج الفيلم محمد كامل حسن سيناريو لخص فيه العاطفة والإحتياجات الإنسانية في مواجهة المخاوف والتحديات في حياة الأشخاص الذين يُعانون من قصور جسدي بشكل عام وليس الأشخاص الصم فقط ، قدم معالجة لها بُعد إنساني وحقوقي متجاوزا كل الأفكار الموروثة والتقليدية في ذلك الوقت.
تميز فيلم "وحيدة" الذي أنتجه عباس حلمي في أول الستينات عن باقي الأفلام المصرية التي تناولت قصص أبطالها يٌعانون من إعاقات جسدية أنتجت قبل أو بعد هذا الفيلم بميزتين، الأولى أن الفيلم قدم لنا المشكلة من زاويتين مختلفتين، دون أن تغلب زاوية على الآخرى، الزاوية الفردية التي لمس فيها معاناة الفتاة الصماء وإحساسها بالنقص وبعدم قبول المجتمع لها كما هي، وهروبها المتتالي من اكتشاف عدم قدرتها على السمع المقترن داخلها بالشفقة والعطف، وزاوية المجتمع الذي يشفق عليها، ويرفضها في ذات الوقت حين يتعلق الأمر بالعمل أو الارتباط.
الميزة الثانية لفيلم "وحيدة" هي معالجته للقضية التي يتناولها الفيلم، قضية فتاة تعاني نفسيا ومجتمعيا من كونها صماء، فقدم لنا كاتب ومخرج الفيلم محمد كامل حسن معالجة درامية مترابطة، تجلت بوضوح في حوار بطل الفيلم المحب للمحبوبة الصماء في الثلث الأخير من الفيلم، لخص فيه معنى الحب الحقيقي، حب الروح للروح دون المعايير الجسدية، الحب الذي ساعد "وحيدة" أن تكتشف نفسها من جديد، جميلة ومحبوبة وناجحة بعملها وهي لا تسمع، ساعدها أن تقبل ذاتها ومنحها قوة مواجهة واقعها دون خوف أو خجل.
نحن أمام فيلم قديم بروح وفكر متجدد، فيلم متعدد الرسائل أهمها رسالته التشجيعية لقبول الذات والثقة في النفس مع عدم الاستسلام للواقع، ورسالته للمجتمع لتغيير نظرته المحدودة للجسد والنظر إلى ما هو أجمل وأوضح، إلى شخصية الإنسان ككيان وروح كاملة. الفيلم يحثنا على أن نتخلص من السطحية في أحكامنا على الآخرين وأن تكون نظرتنا أكثر عمقا وإحساسا، نظرة قبول دون شروط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة