الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات اولية حول النضال الجماهيري العمالي

فؤاد محمد

2017 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تواجد العمال الاجراء داخل النشاط الاجتماعي في المجتمع الرأسمالي كطبقة اجتماعية منظمة في علاقات الانتاج ضمن التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية وفق موقعهم من الانتاج الاجتماعي
الرأسمالي ,يقول ماركس : "تقوم بين الناس، في الإنتاج الاجتماعي لحياتهم، صلات معينة ضرورية مستقلة عن إرادتهم، وهي علاقات إنتاج تقابل درجة معينة من درجات نمو قواهم الإنتاجية المادية، ويؤلف مجموع هذه العلاقات الإنتاجية البنية الاقتصادية للمجتمع، وهي القاعدة المشخصة التي تقوم فوقها بنية حقوقية وسياسية، والتي تقابلها أشكال معينة من الوعي الاجتماعي"..... هذا الحضور يمنح الطبقة العاملة كطبقة اجتماعية خصائص معينة تميزها عن سائر الطبقات الاجتماعية المنتجة في التشكيلات الاجتماعية السابقة وعن الطبقة البرجوازية بحد ذاتها...
هذ الظاهرة الاجتماعية أي الطبقة العاملة , تملك كطبقة اجتماعية في ظل تنظيم اجتماعي تاريخي معين مميزات تاريخية , سنن نضالية ,تجارب إجتماعي, و الية النمو و التطور الخاصة بها ...اذ لا يمكن دراسة خصائص هذه الطبقة دون فهم موقعها الاجتماعي التاريخي في سياق تطورها التاريخي ...
ان الطبقة العاملة ومنذ نشؤها وجدت ذاتها في تعارض مع النظام الاجتماعي القائم و سرعان ما بدأت بمقاومة هذا النظام الاستغلالي و المبني على استثمار الانسان (العامل) . وفي اللحظة التي بدأ افراد هذه الطبقة بمواجهة النظام الاجتماعي الذي يحمي ارباب العمل و الرأسمالين لم تعد هذه الطبقة مجرد افراد متفرقين و مبعثرين يقاومون الرأسمال فحسب بل أضحى لها الحضور في المواجهة كطبقة اجتماعية تخوض نضالا طبقيا حيا وهادفا ...
و خلال التطور التاريخي للنضال الطبقي خاضت الطبقة العاملة ميادين نضالية مختلفة و اتخذت من اشكال النضال المتاح و الضروري وسائل مناسبة متخذة أشكالا تنظيمية معينة و مناسبة تنتظم وفقها من اجل خوض النضال الطبقي...وكان تأسيس الاحزاب السياسية و ايجاد النقابات و الاتحادات العمالية و التنظيمات الجماهيرية العمالية باعتبارها الوسائل النضالية الكفؤة للسير نحو الامام...

التنظيمات الجماهيرية العمالية:
يمثل النضال السياسي و الاقتصادي الوجه الملازم لوجود الطبقة العاملة , اذ لا يمكن للطبقة العاملة ان تتواجد في النشاط الاجتماعي من دون خوضها نضالا اقتصاديا( في طور النشؤ ) و نضالا سياسيا و اقتصاديا اشمل في درجات ارقى من تطور النضال الاجتماعي للطبقة. هذا النضال يستوجب تنظيم الطبقة في تشكيل او تنظيم اجتماعي يحدده الطور الاجتماعي و التاريخي ...
حيث لا يمكن خوض النضال من دون ايجاد اشكالا من التنظيم و الاستعداد،
ان التجمع العام كوسيلة لبيان الاعتراض و الاحتجاج هي الوسيلة الطبيعية و اليومية بوجه الرأسماليين و نظامهم الاجتماعي....
اذن تتنظم الطبقة العاملة و تتشكل في اشكال تنظيمية معينة طبقا للنضال الاقتصادي و السياسي الذي تخوضه الطبقة في مواجهة الرأسمالية. فلا يمكن الحديث عن تنظيم الطبقة دون الحديث عن وجود الاسس المادية و الاقتصادية للتنظيم ... دون الحديث عن وجود نضال من اجل مطالب اقتصادية او سياسية محددة يتطلب انتظام الطبقة للنضال...
ومع تطور النضال السياسي و الاقتصادي للطبقة العاملة اضحى وجود اشكال التنظيم الجماهيري ضروري ضروريا و ليس جزءً موضوعيا للحركة النضالية للطبقة وضرورية لوجودها الاجتماعي فحسب. اضافة الى ذلك تجد الطبقة العاملة قوتها في وحدتها و في منظماتها الجماهيرية التي لم تعد فقط اداة للنضال حينئذ فحسب بل القوة الاجتماعية التي يتكئ عليها العمال في مواجهة الحملات المسعورة للبرجوازيين و في المعارك و المواجهات الطبقية المحتدمة.
ينبغي هنا التمييز بين النضال القانوني و النضال العلني للطبقة العاملة ... فالنضال القانوني نضال مطلوب في كل الاوقات بينما النضال العلني مرتبط بتوازن القوى بين الطبقات الاجتماعية في النظام الرأسمالي .
وكما في المراكز الصناعية , ينتظم العمال في الاحياء السكنية المخصصة للعمال في تنظيمات عمالية حول المطالب و الحقوق التي تخص الحي العمالي ..
وعليه لا ينتظم العمال حول مطالبات وهمية او مواضيع غير واقعية لا تخصهم ...بل ينتظمون
حول المسائل أو المطالبات الاجتماعية التي تخصهم بالذات كطبقة اجتماعية ( اقتصادية كانت ام سياسية و غيرها )
بعض الملاحظات حول المنظمات الجماهيرية العمالية في كردستان العراق:
1- تعتبر المنظمات الجماهيرية في كردستان العراق فتية و جديدة العهد. فتأريج النضالات الجماهيرية العمالية و سعي العمال لتكوين منظماتهم الجماهيرية ليس ببعيد .وخلال فترة النظام البعثي القومي البرجوازي عانت الطبقة العاملة العراقية ولاكثر من اربعيين عاما من حرمان و بؤس شديدين .حيث عاشت الحركة العمالية تحت ظروف قمعية و استبدادية قل نظيرها حرمتها من ايجاد و تكوين المنظمات الجماهيرية العمالية..
2- مع انهيار النظام البعثي و زوال هيمنته و نفوذه على منطقة كردستان العراق , دخلت الحركة العمالية طورا جديدا من حياتها السياسية و الاجتماعية تميزت بظهور و ايجاد العديد من المنظمات الجماهيرية و العمالية
3- بروز و ولادة الحركة المجالسية في اوائل التسعينيات من القرن الماضي في كرستان العراق و التي كانت اكثر أشكال التنظيمات الجماهيرية شيوعا تعكس قوة و نفوذ الميل الراديكالي داخل صفوف الطبقة العاملة و قوة الشيوعية باعتبارها الفصيل الاكثر راديكالية و المعبرة عن جموع مصالح الحركة العمالية.
4- على الرغم من قصر عمر الحركة المجالسية و ما عانت من ضعف ونواقص ( والذي قد نتفق عليها او نختلف). فقد كانت للسنن و التقاليد النضالية لهذه الحركة المجالسية حضورا كبيرا داخل الاوساط العمالية امتد اثرها وبحيث فاقت اية مبادرة لإيجاد تنظيم عمالي او جماهيري. إن تجارب اتحاد العاطلين و منظمة العمال و منتسبي الصحة و التنظيمات العمالية في معامل الالبسة و السمنت و الجص و الكهرباء و .....والفيدراسيون العام للمنظمات الجماهيرية و العمالية كانت مزيجا من السنن النضالية المجالسية و النقابية.وكانت للسنن المجالسية الثقل الاكبر في حياة هذه المنظمات..
5- بعد تراجع هذه المنظمات في أواسط التسعينيات من القرن الماضي و الانقطاع الذي دام لأكثر من عشرة اعوام لأسباب موضوعية و ذاتية متعددة لسنا بصدد الخوض فيها الان (بل سنسعى لإلقاء الضوء عليها في مناسبة اخرى) ,نجد ثمة مساعي و محاولات راديكالية لإيجاد و انشاء منظمات جماهيرية عمالية (متفرقة و مبعثرة )صغيرة تستند في تكوينها على مزيج من تقليد المجالس و التقاليد النقابية..
6- ان محاولة ايجاد او انشاء اية منظمة جماهيرية خارج المحيط او الوسط الاعتراضي العمالي .. تحكم على نفسها بضيق الافق و الانعزالية و فقدان الية النمو و التطور... فالمنظمة العمالية ينبغي و يجب عليها ( إن أرادت ان يكتب لها العمر المديد ) ان تستمد نشاطها و ديمومتها من الوسط و المحيط العمالي النضالي ... فهو المجال الذي يخرج منه القادة و النشطاء و هو المحيط الذي يغذي كل نشاط اجتماعي عمالي بالإمكانات و التجارب و الخبرة اللازمة للنمو و التقدم...
7- ان تقدم و تطور المنظمة الجماهيرية العمالية مرهون بالشريان النضالي الذي يرتبط برحم الكفاح العمالي المستمر.فبالقدر الذي تتطور فيه المنظمة العمالية في قيادة و ايلهام النضالات و المطالبات العمالية , بالقدر نفسه تكون المنظمة ليست فقط الممثل الجماهيري للعمال فحسب بل تبرز في المجتمع كقوة سياسية مؤثرة على مسار الحياة السياسية . ( تجربة اتحاد العام للشغل التونسي و حملة "طلعت ريحتكم "اللبنانية و General Confederation of Lebanese Workers و IGM....تورك ايش التركية Confederation of Turkish Trade -union-s .....و غيرها )
8- ان رسم ( استراتيجية ) لتقدم النضال الجماهيري العمالي يكمن في ترسيخ جذور المنظمة داخل اوسع الفئات العمالية الجماهيرية من جهة و تجسيد المطالبات الجماهيرية العمالية العادلة و تمثيل كافة الفئات المعترضة للعمال من جهة اخرى , ان الاستراتيجيات المتمثلة في ( الظهور على المسرح السياسي ) لمنظمة مؤلفة من عدد من نشطاء معزولين عن وقائع الحياة الاجتماعية و المادية للطبقة العاملة و نضالاتها .. تضر بالنشاط الاجتماعي للطبقة من خلال اظهار ضعف و نواقص و عزلة الفئة الساعية للظهور كمنظمة عمالية ,مما يجعلها اكثر عرضة للهجوم و الانتكاسة و عليه تسجل البرجوازية انتصارا على ( الحركة العمالة ) المزعومة.. ومن جهة اخرى لا تعبر هذه الاستراتيجيات سوى عن اماني التيار البلانكي المعزول(باعتباره قوميا اكثر منه عماليا) داخل صفوف الطبقة العاملة. هذه الاستراتيجيات ما هي سوى رؤية الاشتراكية البرجوازية التي لا تفهم الطبقة العاملة كمكون اجتماعي بشري عضوي له الياته المادية الخاصة و وخصائصه الاجتماعية التاريخية و التي على ضوئها تنمو و تتطور و تنتج قادتها و تعطي تجاربها و دروسها ...هذا التيار لا يفهم كيفية نمو و تطور النضالات الجماهيرية العمالية و منظماتها فحسب بل لا يفهم كيفية ايجاد الحزب العمالي الماركسي .


فؤاد محمد
اواسط كانون الاول 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج