الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين سيوفنا ودروعنا .. ضاعت لحانا

فارس حميد أمانة

2017 / 12 / 20
كتابات ساخرة


صباح هذا اليوم كنت أمر على مكتبة مرورا عابرا فاستوقفني عنوان كتاب .. لا أدري لماذا تذكرت قصة مثل قديم يقول " بين حانة ومانة .. ضاعت لحانا " .. كانت القصة بمحورها تدور عن شخص تزوج من حانة وهي متقدمة في السن مثله ثم تزوج بعدها من مانة وهي فتاة يافعة .. كان المسكين يبيت ليلة عند مانة وأخرى عند حانة .. كانت زوجته الأولى حانة تشجعه على إطالة شعر لحيته وإظهار الشيب منها من باب الكبر والمهابة بينما كانت مانة تشجعه على تشذيب لحيته وإزالة الشعر الأبيض منها من باب التشبب والصبا .. وكانت كل واحدة في ليلتها تعبث بلحيته تشذيبا وتمشيطا وقصا حتى نتفت الاثنتان شعر لحيته .. عاب عليه أصدقاؤه في المقهى لحيته المنتوفة فقال قولا ذهب مثلا : " بين حانة ومانة .. ضاعت لحانا " ..

لنعد إلى كتاب الصباح الذي ذكرته في المقدمة .. كان العنوان مستفزا وبامتياز : " سيوف السنة .. ودروع الشيعة " .. خمنت بالضبط محتوى الكتاب دون تقليبه بل دون قراءة كلمة واحدة .. إنها الحرب التي لا يريد لها البعض أن تنتهي .. الحرب التي قال عنها المؤرخ الكبير وعالم الاجتماع الدكتور علي الوردي بأنها " الحرب بين جماعة عمر وجماعة علي " .. هل سيتجرأ "جماعة عمر" على الاعتراف بأن "البعض منهم" قد سفك دماء "البعض" من جماعة على ؟ وهل سيتجرأ "جماعة علي" على الاعتراف بأن "البعض" منهم قد سفك دماء "البعض" من جماعة عمر ؟ بغض النظر عن حجم "القتل" من هذا الطرف أو ذاك .. "القتل" هو "القتل" ..

هل ستكون هذه هي الحقيقة الكاملة ؟ سيقول "جماعة عمر" أن الكثير من جماعتهم قد قتلوا على أيدي متطرفين سنة .. وسيقول "جماعة علي" إن من قتل من "جماعة عمر" بأيدي "جماعة علي" كان من باب المثل بالمثل أو من باب "العين بالعين والسن بالسن" .. إن "جماعة عمر" يبررون قتل سنتهم بتهمة الردة مستنيرين بالآيات القرآنية أو لنقل بالتفسير الخبيث لتلك الآيات .. أما "جماعة علي" فبالتأكيد لا يستطيعون تأكيد قتل القتلة من "جماعة عمر" دون من كان بلا ناقة ولا جمل في تلك المحرقة .. وما أحداث القتل على الهوية عامي 2006 و 2007 التي خاضها الطرفان إلا دليلا على ذلك ..

أكاد أجزم أن الكتاب صاحب العنوان المثير يدور حول صحة عقائد "جماعة علي" وكيفية الدفاع عن صحتها وهذا ما سماه الكاتب ب "دروع الشيعة" .. أما "التهم" إن صح التعبير فهي تلك التي يطلقها "جماعة عمر" لبيان بطلان عقائد "جماعة علي" وهذا ما أطلق عليه الكاتب "سيوف السنة" .. لم يكن اختيار العنوان موفقا أبدا .. وكأن المؤلف يريد إفهام "جماعة عمر" بأنه بالمرصاد لتهمهم كما يريد إفهام "جماعة علي" بأنه الحريص المدافع عن الدين والمذهب .. لو كنت مكان هذا المؤلف لاخترت عنوانا - على سبيل المثال – "عقيدتي بين التشكيك والإيمان" بدلا من تصوير العلاقة بين "الجماعتين" على انها علاقة "سيوف" و "دروع" وبدلا من الاصرار على تشكيلها بصورة "مهاجم" و "مدافع" ..

رحل عمر .. ورحل علي .. وبقينا نلهث وراء حقيقة من منهما على صواب ومن منهما على خطأ غير مدركين أن لا أحد من الطرفين سيلقى به في الجحيم لبغض شخص ما من الاثنين .. العاقبة ستكون بما نقدمه لمجتمعنا وللإنسانية .. متى سينتهي كل ذلك ؟ .. بعد ضياع لحانا ؟ ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب