الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البسمةُ الأولى(سرد تعبيري)

فاطمة سعدالله

2017 / 12 / 21
الادب والفن


البسمةُ الأولى(سرد تعبيري)

القلمُ أنثى ولودٌ..عندما يَجِيئُها المَخاضُ إلى جِذْعِ الحَقِيقَةِ وعيونُ الجليدِ تلْهِبُها بِسياطِ الاتهام وهجيرِ الساخرين،لا تفْترِشُ إلّا بياضَ البوْحِ تسْتظلُّ بهِ ..يشاركُها وجَعَ الطّلْقِ وفرْحةَ الوضْعِ.
ولادةُ الكلِمِ متعسّرةٌ..لا مشْرطَ ينْفعُ ولا صراخَ..عجينةٌ تطوِّعُها أناملُ الأرقِ لتَتَشكّلَ سويَّةً « تسُرُّ الناظرين»..
تُفْرِخُ الحروفُ وتُفْقِسُ الصُّوَرُ في حاضنةِ الليْلِ ..اللَّيْلُ يُسامِرُ الوجعَ ..يُخفِّفُ ثِقْلَ الانْتظارِ ..تنْسَابُ حَبَّاتُ القَوْلِ مِسْبَحَةَ نورٍ مُعطَّرَةً بالرَّجاءِ..تنّتظمُ عِقْدًا من الدُّرِّكان منْثوراً
مُضمّخًا بعطْرِ التراتيلِ...حبّاتِ قمْحٍ في مناقيرِ الهَمْسِ تُشّعُّ سنًى ترفُّ نبْضًا..أيْقوناتِ هُدىً تفُكُّ شيفْرةَ الرّحيلِ من الذّاتِ إلى الذّاتِ ..سَفرًا مكُّو كيًّا ...تتوزّعُ حُزْمةَ ضوْءٍ يسْتضيء بها الضريرُ في عَتَمَةِ الوجودِ...
عميقةٌ هيَ الكلماتُ تنْبُتُ في زُرْقَةِ العُمْقِ..تتَمسّكُ بشِعَابِ مشيمةِ الحُلْمِ..تُرْسِلُ إشاراتها الخضْراء طيْفَ عبُورٍ صوْبَ ضفَّةِ الخِطابِ احْتواءً..اقْتِدارًا..انْعِتَاقًا..
في الهزيعِ الأخيرِ من الصّمْتِ..تنزْلُ عروسُ الكلماتِ ..بهدوءٍ...تتهجّدُ ..تَتْلُو سِفْرَ التّبَتُّلِ والخُشوعِ..تتسلَّلُ منْ علْيائها الكلماتُ ..تجرُّ أذْيالَ الخُيَلاءِ..حوريّاتٍ معْجونةً بيْن طينٍ وعرقٍ ووجَعٍ..صامتةً لا هسيسَ لها سوى رجْعِ صدى خَلاخِيلِها الفصّيّةِ يجُوبُ أحْراشَ الرّوحِ وثنايا العَتَمةِ..
تُضاءُ أرْكانُ النّفْسِ القصيَّةِ السّاكنةِ في إحْدى طبَقاتِ التصدُّعِ عُروجًا سماويًّا أوْ بيْن طيَّاتِ الرَّجْعِ تجذُّراً أرْضيًّا..إشْراقَةٌ وتَجلٍّ هِيَ الكِتابةُ..بيْنَ أنامِلِ الإدْراكِ وعْيُ يُصرُّ أسْنانَ الوجعِ/ المَخاضِ ويَنْسُجُ عباءَةَالفرَحِ/الدّهْشةِ..
تُولَدُ الكلِماتُ شظايا زُجَاجٍ..شفّآفةً..ترى..ولا تُرى..تَسْمعُ..تنْطِقُ..تُكاشِفُ بما تخفّى منْ طلاسِمَ كجسدٍ مَوَاتٍ..عانقَهُ النَّبْضُ فبُعِثَ للتوِّ عنْقاءَ بروحٍ وأجْنحةٍ.
يَالَها منْ مُتْعةٍ . اجْتِراحُ الكتابةِ!.غِراسةُ حقْلٍ مدجَّجٍ بالسنابلِ هِيَ..حقْلٍ محْروسٍ بعذارى الياسمين تقْتَرفُ خطيئةَ توزيعِ العبيرِ مناشيرَ ممْنوعةً ..تتَمرَّدُ على المَوْتِ تتمرّدُ على الخُنُوعِ..تُشْعِلُ فتيلَ الثَّلْجِ ليُولَدَ الدِّفْءُ...
لسْتَ قَلَمِي إنْ لمْ تكُنْ فارسًا عَرَبِيًّا..صيَّادًا مُتَمرّسًا يُحْسِنُ قَنْصَ الطًّرائِدِ الجَامِحةِ...مَهْمَا جدّتْ في العدْوِ..مهّمَا تبتّلتْ وتمنّعَتْ..أو حاوِيًا ماهِرًا يُتْقنُ سحْرَ العزْفِ ..تأْتيه الشَّواردُ منْقادةً..فلا رَهَقَ جرّاها ولا جوْسَ بيْنَ الجُحُرِ..
مَفْتونةٌ ..أنا..أعْشَقُ المُفْرداتِ حُبْلى تتحدَّى وجَعَ المخاضِ..
جميلةٌ ..هِيَ البسْمةُ الأولى لكلِّ موْلودٍ.

فاطمة سعدالله/ تونس (1/12/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش