الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكري الاستقلال.السودان الي اين؟

مصعب عيسي

2017 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الناظر لحال هذا البلد المسمي،بالسودان يجد انة يعيش حاضرا بائسا ومستقلا غير واضح الملامح، خصوصا وان النظام الحاكم القائم الآن نظاما دكاتوريا صادر كل ما يمكن ان يساعد في وجود مناخ ملائم للعمل السياسي المبدع والخلاق، ابتداء من مصادرتة للحريات العامة ك(حرية التعبير والمعتقد والتظاهر… الخ) كما ان الاحزاب السياسية تعاني من التضييق علي نشاطاتها بالتوازي مع الحملات المنظمة لإجهزة الامن ضد قياداتها واعتقالهم وتعذيبهم واحيانا تصفيتهم، فالسودان منذ الانقلاب الذي قام بة نظام المؤتمر الوطني الحاكم في العام 1989 لم يشهد استقرارا، بسبب ازمة سوء الإدارة والحكم فية، فهو يدار لقرابة الثلاثنين عاما بالقبضة الامنية لجهاز الامن والمخابرات الوطني (التابع للحزب الحاكم) هذة القبضة التي طالت القوات النظامية الاخري وحتي المؤسسات المدنية(منظمات المجتمع المدني) لم تسلم من السيطرة الامنية. هذا التوسع للعقلية الامنية (السلطوية) جعل من ثلثي الموازنة العامة للدولة تذهب للامن والدفاع،اي ما يقارب ال95% وما يتبقي من (فتات)،اي ال5% توزع علي الصحة والتعليم وغيرهما من المناحي ذات الصلة المباشرة بالمواطن، لذا اصبح السواد الاعظم من الشعب السوداني يعيش في حالة من العوز والفقر المدقع والبطالة. هذا في ظل تأجج الحروب الدائرة في الاطراف (دارفور وجنوب النيل الازرق وجنوب كردفان) بدواعي دحر التمرد في هذة المناطق وهي في الحقيقة حربا موجة (عنصرية) ضد العناصر الغير عربية التي ينتمي اليها قادة الحركات المتمردة، فقد مارست قوات الحكومة بمعاونة بعض القبائل العربية او يسمي (الجنجويد) ابشع انواع جرائم الحرب والابادات الجماعية بحق المواطنين العزل في القري والفيافي دون هوداة، فقد بلغ عدد القتلي في دارفور وحدها حوالي 300 الف قتيل (حسب اعتراف الحكومة علي لسان زعيمها الجنزال عمر البشير) وهذا بعد ان اضطر لقول ذلك بعد الضغوطات الدولية التي مورست ضد نظامة.
ومن الجانب الآخر نجد ان الاحزاب السياسية السودانية البالغ عددها 75 حزبا حتي العام 2014 (حسب ما هو مسجلا بمجلس شؤون الاحزاب) ظلت هذة الاحزاب حزابا (هشة) وقابلة للانقسام والتشظي وهذا العدد الكبير علي م نعتقد سيظل مفتوحا وقابلا للزيادة، لماذا؟ لإن الإنتشار الكثيف لهذة الاحزاب هو انتشارا من حيث الكم وليس النوع، ولإن اغلبها ليس قائما علي رؤي وطنية ذات اهداف واضحة، وانما فقط من اجل الصراع علي السلطة والاستوزار، لذا نجد ان غالبها (فارغة) من محتواها الفكري (بلا مضمون) وطبيعي جدا ان تكون البلاد منذ استقلالها في العام 1956م. عرضة للانقلابات العسكرية وتداخل العمل العسكري مع السياسي عبر سلسله من الانقلابات العسكرية (11 انقلاب او محاولة انقلاب) نجحت منها ثلاث انقلابات آخرها كان انقلاب جناح الاخوان المسلمين بالجيش الذي قادة العميد عمر البشير انذاك، هذا الضعف والوهن هو ليس وليد اللحظة وانما بسبب تراكمات تاريخية تتزايد بإستمرار ، لم تستطيع النخب السياسية ان تتجاوز (محطة ما بعد الاستقلال) تلك المحطة التي بنيت فيها هذة الاحزاب علي إسس لا تتناسب مع عالم اليوم، العالم الذي يتجة فيه العالم الي عقلنة كل ما هو موروث او تجاوزة فالقبيلة، والطائفة ،والمكانة الاجتماعية والدينية، لم تصبح اليوم من الإدوات الداعمة للتقدم والتطور، وانما اصبح المقياس بمدي توفر الحرية الفردية(الفرادنية) ومدي مشاركة وتفاعل الاقليات في المجتمع وفي الفعل السياسي، وهذا ليس موجودا في قواميس الاحزاب السودانية، فهذة الاحزاب يغلب عليها الطابع المركزي (زعيم واحد) يساندة بعض (الحواريين) الذين يقرون فقط ما يقولة الزعيم ، اما بقية الاعضاء فهم مجرد (كومبارس) وعندما يضيقون زرعا بما يحدث بالدكتاتورية التنظيمية يتمردون او ينقسمون مكونيين حزبا اخر او حركة وهكذا دواليك.
القضية عندنا كسودانيين ليست في البرنامج او (الايدولوجيات) فهي ستبقي كبرامج وان تشابهت برامج الكثير من الاحزاب مع بعضها، لكن المشكل يمكن في (الممارسة) الواعية للعمل السياسي العام، فغالبا ما تتقاطع المصلحة الشخصية ومصلحة الحزب والرأي الفردي (النرجسية) مع المصلحة الكلية للوطن والمواطن، لذا يصبح دايما الانسان البسيط هو الضحية، فالصراعات دايما ما تكون صراعات فوقية بين المعارضة والحكومة والحركات المسلحة، فهناك الكثير الاعلانات والندوات الداعية لإسقاط الحكومة التي سرعان ما تفشل بمجرد ان ينفض الموقعين عليها، والمؤسف ان النظام استطاع ان يخترق اغلب هذة الاحزاب وان يخدعها بطرق شتي لا سيما الجماهيرية منها وترضيتهم ببعض المناصب (الهامشية) اللعبة اللعبة الي حين إشعار اخر، وكذا الحال بالنسبة للحركات المسلحة التي وقع معها النظام حوالي35 اتفاقية اشهرهما اتفاقتي ابوجا مع (حركة تحرير السودان-جناح مناوي) واتفاقية الدوحة مع (حركة التحرير والعدالة-جناح السيسي) وجميعها فشلت في تحقيق الامن والاستقرار في دارفور،فالحركات الدارفور ايضا تعاني من مرض القبلية فهي قامت منذ البداية علي إساس عنصري مضاد الحكومة التي جيشت القبائل العربية ضدهم،فكل من هذة الحركات يدعي امة يمثل مجتمع دارفور المتباين وهم في الحقيقة لا يمثلون سوي قبائل بعينها تمثلها قيادات تسعي فقط من احل مصالحها الشخصية ، واصبحت دارفور وقضيتها وسيلة لتحقيق اغراض المتمردين الضيقة.
ان الواقع السياسي السوداني ليس مبشرا، لست متشائما ، ولكن الحال يعني عن السؤال، خصوصا ونحن نعيش هذة الايام علي صدي اصوات تنادي بترشيح الجنرال البشير لدورة رئاسية جديدة، وليس غريبا ان يدعم البعض من الذين يسمون انفسهم معارضين ترشيح البشير لدورة رئاسية جديدة كامثال محمد عثمان الميرغني(زعيم الحزب الاتحادي وطائفة الختمية) وان نستغرب ابدا لذا ما انضم الية (معارضون) اخرون، ببساطة لإن المعارضة ما (ما عدا بغض الحركات الشبابية التقدمية الجديدة) ليست جديرة شعب السودان، هذا الشعب المغلوب الذي ظل يقدم للساسة في السودان الدروس المجانية العظيمة عبر التاريخ، لكنهم للإسف لم يتعلموا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من