الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داء الذئب السياسي ومصائد الخرفان

كريم كطافة

2006 / 2 / 28
كتابات ساخرة


من غرائب صراع الحيوانات من أجل بقاءها، أن الذئب وما أن يدهم قطيعاً من الخرفان، حتى يتسبب بسريان الفوضى أولاً، ثم تيار من الرعب يعمل على تثبيت كل خروف في مكانه. وإذ يهم بـ(خمط) خروفه المختار، يتبع تكتيكاً خاصاً بذلك، حيث يعض الهدف في مكان ما فوق الرقبة، ثم يلف ذيله حول إليته، ليبدأ بعدها بالجري السريع. الغريب في الأمر؛ أن الخروف المعروف ببلادة حركته، يأخذ الآن بالجري بسرعة الذئب وبنفس اتجاهه تماماً. قيل أن سبب ذلك التحول في سلوك الخروف هو تقنية العض وقيل هو الذيل الملفوف حول الإلية كالسوط، لكن ومهما كانت الأسباب، فالمؤكد أن الخروف سيبذل جهداً استثنائياً لتسهيل مهمة افتراسه في المكان والزمان المختاران من قبل الذئب. عندها لن يبقى أمام الراعي المدهوش من هذا النشاط المفاجئ لخروفه، غير أن يضرب كفاً بآخر وينزل اللعنات على الخروف وعلى كل جنس الخرفان، لهذا الغباء الاستثنائي. على أية حال، ما زال الخروف هو الحيوان الوحيد الذي يضحك أمام سكين الجزار..!!
قيل في تفسير الظاهرة، أن غريزة حب الحياة المدهومة بالموت المحقق، هي التي تعمل هذه المرة على تعطيل بوصلة الاتجاهات في رأس الخروف، ولا تترك له غير الاتجاه الذي يدله عليه الذئب، اتجاه الهروب إلى أمام..!!
لكن الأمر الذي يبلبل العقل ويدير الرأس بزاوية قائمة، أن اصطلاح (الهروب إلى الأمام)، هو من أكثر الاصطلاحات شعبية وتداولاً لدى البشر وعلى الأخص في الميدان السياسي. الميدان الذي يحتاج إلى أكثر من غيره من ميادين نشاط البشر إلى التركيز واستخدام المهارات العقلية، تحديداً تلك الملكات التي أفترق بها الإنسان عن الحيوان. مما يجعل السؤال المستفهم عن أيهما سبق الآخر في تقديم الخبرة؛ الإنسان أم الحيوان، سؤالاً معقولاً. هل أن الإنسان ما زال منشداً إلى رديفه الحيوان، أم أن السياسة هي في كل الأحوال والظروف ميدان صراع حيواني..!!؟
صحيح أن لنا تجارب بشرية ناجحة في ترويض الحيوان وجعل سلوكه وردود أفعاله أقرب إلى سلوك وردود أفعال الإنسان، إلا أننا ومن جانب آخر، ما زلنا نصطدم بالسواد الأعظم من تجاربنا، التي تشير إلى بشر يروضون سلوكهم وردود أفعالهم، لجعلها تقترب رويداً من السلوك الحيواني، بل ما زالت ألقاب وأسماء البشر وفي مناطق عديدة من عالمنا تتقمص أسماء الحيوانات المفترسة تحديداً.
حتى أننا في منطقتنا المتباهية دوماً بتفوقها (ولا ادري هي متفوقة بأي شيء وعلى من)، نجد تطبيقات تفوق في غرابتها تلك المفارقة الذئبية-الخروفية. إذا كان في عالم الحيوان؛ ذئب يحود خروف أعزل إلا من غبائه، ففي عالمنا نجد ذئباً واحداً من ماركة رئيس جمهورية أو فقيه بعلامة تسجيل سلفية، يحود أمة تعدادها بالملايين إلى حيث ولائم افتراسها..!! ليس هذا فقط، بل والضحايا (الخرفان) يجتهدون كل من موقعه بتقديم كل المساعدات الممكنة وغير الممكنة من أجل تسهيل عملية افتراسهم في الزمان والمكان المختاران ذئبياً. كذلك في هذه المناطق الذكية جداً، نجد تحولات يتقمص فيها الذئب الوطني تارة دوره الذئبي بصفته حائد الفرائس (الرعية) وتارة دور الخروف المحيود، تماماً كما كان المرحوم (فريد شوقي) يمثل دورين في أفلام زمان، دور الحمل الوديع ودور المفترس، لتحدث مفارقة جديدة هذه المرة، يكون فيها ذئب مقابل ذئب (مان تو مان). وهذا يحدث عندما يقرر ذئب من خلف البحار بترسانة مخالب حديثة، أن (يخمط) ذئباً وطنياً تكون مخالبه قد تكسرت وتهرشت من خمط الرعايا، ليحوله إلى خروف مجتهد ينفذ كل الواجبات المطلوبة منه خروفياً، بدءاً من السرعة المطلوبة في الجري وصولاً إلى المكان المختار سلفاً من قبل الذئب الغازي.
ولمداراة غفلتنا، تعودنا بصفتنا رعايا صالحين، وما أن يقع المقدر ونتأكد أننا كنا نركض بنفس سرعة واتجاه الذئب إلى حيث مسلخنا، أن نصدق الذئب الوطني (إياه صاحب الماركة الرئاسية أو الفقهية السلفية) وندمغ مصيبتنا بمصطلح (المؤامرة). عندها فقط نرتاح ونريح من هموم المواجهة وبلاوي البحث عن مكان لنا في هذا العصر. أعتقد أن هذه الغفلة هي التي تسهل علينا العيش، مع فكرة أننا نقدم بأيدينا، كل ما يمكن تقديمه من مساعدات، لإتمام عملية افتراسنا من قبل كل ذئاب الأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو