الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر عيسى مخلوف :لم تحدث قطيعة جذريّة بعدُ مع مسار العنف الذي طبع تاريخ البشريّة بأكمله

راجحة عبود

2017 / 12 / 22
الادب والفن



الشاعر عيسى مخلوف
لم تحدث قطيعة جذريّة بعدُ مع مسار العنف الذي طبع تاريخ البشريّة بأكمله
نحن محصّلة الحضارات الإنسانية كلّها
راجحة عبود –باريس
لقاء مطول اجريته مع الشاعر والكاتب اللبناني عيسى مخلوف تحدث عن الشعر واللغة والموت والحياة والتاريخ وما نعيشه اليوم بلغة مميزة سامية، بعض من هذا اللقاء نشر في ملحق جريدة الصباح "بين نهرين" الثقافية في العراق وها انا اليوم اتابع نشر الجزء الثاني منه:
بماذا يفكر الشاعر عيسى مخلوف وهو يعيش ويشهد يومياً مآسي العالم وما يدور حوله من إرهاصات ومحن، وهل لذلك تأثير على انتاجه وهل يحثّه ذلك على المشاركة الوجدانية شعرياً أو سردياً؟
على الرّغم من التقدّم العلمي الهائل، لا يزال العالم اليوم، وعلى المستوى الإنساني بالتحديد، كأنّه في العصر الحجري. لم تحدث قطيعة جذريّة بعدُ مع مسار العنف الذي طبع تاريخ البشريّة بأكمله. ونحن الآن، في هذه اللحظة التي تتميّز بالانفتاح والعولمة وثورة الاتصال وتطوّر صناعة الأسلحة، نعيش لحظة توحُّش بامتياز. وكم تبدو الكلمات التي نكتبها، حيال ما يجري حولنا من أهوال، كائنات هشّة ورَخوة ومتواضعة. لكنّها سلاحنا الوحيد في مواجهة العنف والتعبير عن أنفسنا. ولا أعرف إلى أيّ مدى يمكن أن تصحّ، هنا، كلمة الشاعر الفرنسي بول كلوديل: «بعطرها لا بأشواكها تدافع الوردة عن نفسها»! … ولئن كنتُ أشكّك بها، فإنّ عيوننا ستظلّ تنظر نحو الجهة التي يأتي منها النور. أن يقرأ الإنسان ويكتب، أن يغنّي ويرقص ويفتح نافذته للضوء صباح كلّ يوم، هو، في حدّ ذاته، فعل وجود ونوع من المقاومة.
-عملت مستشاراً خاصاً للشؤون الثقافية والاجتماعية في الأمم المتحدة في نيويورك وكانت الحصيلة كتاب متميز حمل عنوان "مدينة في السماء"، وهو نص لا هو شعر ولا هو نثر بل سرد أدبي راق يتمتع ببعد جمالي فريد من نوعه، فكيف تصنفه أنت؟
كتاب «مدينة في السماء» هو الكتاب الثالث الذي يتزاوج فيه الشعر والنثر بعد «عين السراب» و «رسالة إلى الأختَين». هذا الكتاب يختصر جانباً مهمًّا من تجربتي في منظمة الأمم المتحدة في نيويورك حيث عملتُ بين ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ مستشاراً خاصاً للشؤون الثقافية. هناك اكتشفت أنّ المبنى الزجاجي الأنيق الذي يضمّ ممثّلين عن كلّ دول العالم هو مرآة فعليّة لهذا العالم وأكثر مكان تُلفَظ فيه كلمة سلام… كان مكتبي يطلّ على منحوتة أنجزها الفنان البريطاني هنري مور، وكنتُ، كلّما ضقتُ ذرعاً بمطحنة الحرب والسلم تلك، ألتفت إلى المنحوتة بحثاً عن شيء من الجمال والعزاء. لكن، هل في استطاعة الجمال، فعلاً، أن يساعدنا في مواجهة التحدّيات القائمة؟ من هذا التساؤل ومن تساؤلات كثيرة أخرى وُلد هذا الكتاب.
-هل ما تنتجه يمكن أن نصفه بالأدب الملتزم ومن هو المثقف الملتزم من وأنت تعيش منذ عقود طويلة في باريس التي أبرز هذا المفهوم أحد أكبر فلاسفتها وهو جان بول سارتر؟
لستُ مع الالتزام السياسي في الأدب. الأدب، حتّى لو تكلّم عن الحجر، ينطوي على شيء من الالتزام الخاصّ… أمّا أن يكون للكاتب موقف ممّا يجري حوله، فهذا أمر مفروغ منه. لا أفهم مثلاً كيف أنّ شاعراً يتحسّس رؤية زهرة تتفتّح أو غيمة تَعبر، ولا يلتفت إلى المجزرة التي تحدث على بُعد خطوتَين من بيته!

-هل يتعاطى الشاعر عيسى مخلوف مع الأسئلة الوجودية والفلسفية في شعره وإنتاجه الأدبي، وهل تتعامل معها بعقلانية وعلمية أم بما يمليه الموروث الثقافي الغيبي والخرافي؟
أنا ضدّ البُعد الغيبيّ والخرافيّ الذي يطغى اليوم، للأسف، على المجتمعات العربيّة والإسلاميّة ويزيد أوضاعها تعقيداً. يعنيني فقط الجانب العقلاني والجمالي من الموروث الثقافي بشكل عامّ، والموروث العربي والإسلامي بالأخص والذي ينقضّ عليه، أكثر فأكثر، أبناء هذه الثقافة أنفسهم فيما تنهشهم من الخارج سياسات الأمم ومصالحها. البُعد الماورائيّ شيء آخر يفتح على أسئلة وجوديّة وفلسفيّة، وهو غير منفصل عن الفكر. لكن، حين تكون أسئلة الواقع، كما الحال اليوم، شرسة إلى هذا الحدّ، تنكفئ الأسئلة الوجوديّة وتتراجع، بدون أن يعني ذلك أنّها تختفي.


-في الكثير من كتاباتك كانت تأتي المقارنة بصورة عفوية بين الشرق والغرب. وقد تميل الكفة الى الحضارة والثقافة الغربية. ألا تعتقد أن في ذلك بعض الاجحاف بحق الحضارة الشرقية؟
نحن محصّلة الحضارات الإنسانية كلّها، في تنابذها وتفاعلها معاً، ولا أُفاضل بين حضارة وأخرى. أحاول دائماً أن أفهم العلاقات المعقّدة التي نهضت عليها تلك الحضارات والتي جمعَت بين السلطة والعنف من جهة، والجوانب العقلانيّة والجماليّة من جهة أخرى… نحن نأتي من دول وأوطان تعيش اليوم لحظة تحوُّل تاريخي قد تستمرّ عقوداً من الزمن، وتعيش أيضاً حالة قصوى من التخلّف، وهي لا توجد على خارطة المعرفة العالمية بسبب الانحدار الكبير في مستوى التعليم، ولأنّ الأنظمة العربيّة طاردت، على مدى عقود، علماء الثقافة والفكر وأوجدت الظروف الملائمة لنموّ «علماء الدين» وانتشار الفكر الغَيبيّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطفل اللى مواليد التسعينات عمرهم ما ينسوه كواليس تمثيل شخ


.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال




.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت