الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالفات الشرق الأوسط الحديدة

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2017 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


طرأت على التحالفات الدولية - الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط تغييرات كثيرة، فالتحالفات التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية والتي استمرت اثناء الحرب الباردة أصبحت جزءاً من الماضي، وهذا ليس عجيباً في العلاقات الدولية القائمة على المصالح بالدرجة الأساس.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق عام 1990 عانت روسيا على مدى عقدين من العزلة نتيجة خسارة مناطق نفوذها في آسيا واوربا وأصبحت الولايات المتحدة القطب الوحيد في العالم وصاحبة الكلمة العليا في حسم الخلافات الدولية، الا ان الامر تغير كثيرا مع احتلال الولايات المتحدة لافغانستان عام 2001 وللعراق عام 2003.
يبدو ان بروز فلاديمير بوتين ومحاولته لإعادة روسيا الى مناطق النفوذ الامريكية مستفيدا من الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق ووقوف الرأي العام الامريكي والدولي ضد العديد من الخطط الامريكية في العالم، فقد استطاعت روسيا من بناء تحالف قوي تضم كلاً من ايران وتركيا وسوريا (التي مزقتها الحروب)، فلايران وتركيا على وجه الخصوص دور إقليمي يصعب على الدول الحليفة لامريكا في الشرق الأوسط منافستهما، اما العراق وان كانت الحروب قد أنهكته فسيتحول الى لاعب لايستهان به، تحديدا بعد اعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي الانتصار على تنظيم داعش، فالعراق ومنذ عام 2003 وقع الى حد كبير تحت تأثير السياسة الخارجية الإيرانية وان دعمه للحلف الروسي الإيراني التركي السوري لا ينقصه سوى الاشهار، اما سوريا التي اهلكتها الحروب فقد أصبحت قاعدة روسيا الاستراتيجية في الشرق الأوسط، خصوصا ان بوتين وصل سوريا قبل ايّام ليحتفل بتحقيق النصر على تنظيم داعش في سوريا.
روسيا التي غابت عقودا عن الشرق الأوسط، عادت بفعل الضعف الامريكي، فامريكا حولت العراق الى دولة تتقاتل فيها ميليشيات الأحزاب السياسية كما فشلت أمريكا في احتواء ايران، وفشلت خطتها في دعم وصول الاصلاحيين الى الحُكم، كما مُنيت السياسية الأمريكة بفشل ذريع حين أعلن دونالد ترامب عن مراجعة اتفاقية الأسلحة النووية مع ايران، فظهر الكثير من قادة الدول العظمى ليعلنوا ان ايران لم تخرق الاتفاقية داعين ترامب للتريث، وهو دليل على ان السياسة الدولية في العديد من القضايا تسبح عكس التيار الأمريكي.
تركيا التي أصبحت في عهد حزب العدالة والتنمية احدى الدول الاقتصادية العشرين، هي الاخرى تتعامل مع أمريكا بالند بدلا من الخضوع التي عاملتها به أمريكا على مدى عقود، فالتقارب الروسي التركي جعل الرئيس اردوغان يتحدى حلف الناتو الرافض لابرام صفقة السلاح التي تزود روسيا بموجبها تركيا بصواريخ اس 400 روسية الصنع، كما رفضت تركيا رغبة أمريكا في عدم تخلي تركيا للمطالبة بتغيير نظام حُكم بشار الأسد، بل وهنالك اخبار تتحدث عن قُرْب عقد مفاوضات بين الحكومتين التركية والسورية لحل الخلافات بين الدولتين بعد سنوات من دعم تركيا للمعارضة السورية الداعية لاسقاط نظام بشار الأسد.
هنالك خبر اخر تلقته الأوساط السياسية الامريكية على مضض يتعلق بالتقارب القطري الإيراني بعد محاولة السعودية لتجريد قطر من مصادر قوتها، فقطر التي انطلقت منها جانب من العمليات العسكرية لاسقاط النظام العراقي عام 2003 استقبلت مئات الجنود الأتراك وأعلن أمرائها صراحة بدعم ايران لها في افشال الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
هنالك تخبط واضح في سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط، تحديداً منذ وصول ترامب الى الحكم، فقد يكون هذا التخبط هو جزء من تخبط أعم واشمل في السياسة الخارجية الامريكية فانسحاب أمريكا من اتفاقية المناخ العالمية جعلته مرمى للانتقادات الدولية، كما ان انسحاب أمريكا من اليونسكو قلل من قوة القرار الامريكي في الامم المتحدة، وجاء فشل ترامب في حشد الرأي العام الدولي ضد كوريا الشمالية ليكشف عن بروز قوى دولية اخرى كالصين وروسيا ويعيد الى الأذهان عهد توازن القوى متعدد الأقطاب.
أدى فشل السياسة الخارجية الامريكية تجاه الشرق الأوسط والازمة الكورية الى ان يفكر ترامب بضرورة اجراء تغييرات في وزارة الخارجية الامريكية، فهنالك جهات داخل أمريكا تخشى ان تخسر أمريكا في عهد دونالد ترامب ما كسبته خلال 50 عاما، والأصعب ان الخيّار العسكري في عالم مليء بالتحالفات وفِي ظل انتشار الأسلحة الفتاكة اصبح صعباً الْيَوْمَ، خاصة ان أمريكا اجتاحت أفغانستان والعراق في اقل من 3 سنوات، وخلفت فيهما الدمار وحرباً بالنيابة بين دول متعددة. ثم ان الميزانية الامريكية استنزفت من اجتياح أمريكا لافغانستان والعراق فمئات المليارات قد صرفت في الحربين اللتين طالتا لسنوات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في