الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دم بلا ألوان

سرى الحكيم

2006 / 2 / 28
الادب والفن


ها أنذا وحيدة تماما .. كعصفور تهدم عشّه ..

فاعيد بخيالي الباذخ سيدي تعمير كل ماكان هنا يوما يزيّن شوارع مدينتي العتيقة ..

هنا .. ومن بين جدران غرفتي الصاخبة بتفاصيلها الانثوية والطفولية ..

تفتقد شبابيكي بشرفتها لقبة طالما كنت اتأملها بعين من امل وشغف مبك .. فأدعو .. وأدعو.. كي يمنحني الرب نصف امنية ..

واليوم .. لم اعد المس من ذكرياتي الا أصغرها وكومة من حجارة بحائط عتيق هدّ جدران روحي قبل ان يهدم ..

فلم يبق لي هذه اللحظة الا بقايا ضريح برائحة الانبياء لطالما نذرت له النذور والبخور لأحتفظ بك ووطني بكل الوجع الذي يسكنك اليوم ويسكنه ..



استحضرك الآن سيدي في فجر عراقي مدجج بغصة الألم وصخب المدن ..

كنت احلم بك .. واحلم باليوم الذي ادور فيه مكلّلة مجلّلة بثياب عرس حول قبة من ذهب .. لأبدو كعشتار مليكة يباركها الله لك ..

فخذلني القدر .. وخذلتني كل أيام الفرح التي انتظرتها فغادرتني قبل ان تسجل حضورها المؤجل ... فايقضني على صوت مفزع جلدني .. وترك شرخا في جدار الروح واقبية القلب ..

اغتال طفولتي بذكرياتها العتيقة الصارخة بانتمائي لهويتي وعقيدتي وعراقيتي ..

في تلك اللحظة .. اصيبت ذاكرتي بشلل مغمى عليه .. وبدأ جرح يتقطر ويندف اوردة القلب فيستحيلها لخيوط من دمار عاصف ..



آه حبيبي ..

عبثا حاولت تخيّل ماكان يجري ..بأنه مجرد مزحة واغتيال مؤقت لأحلامي وذكرياتي .. وأيام كان قد رحل بها عمري ..

حاولت ان استوعب كل الصراخ الذي سكنني وسكن شوارع وازقة مدينتي الثكلى ..

لكن شيئا ما كان يصفعني بقوة الزلازل لاصحو من هذا الغثيان اللامنتهي ..

أدركت حينها ان دموعي بدأت تفور لتبلل تفاصيل وجهي ..

وان اللعنة عرفت طريقها لابوابنا .. وستظل تطرقها لتجرنا لمستنقع من فرقة وشتات ..

لأننا لم نقدس هدية الرب لنا ..

أتراك تدرك ماتبقى لنا اليوم صديقي !!

قباب من ذهب أخذتها رياح الجهل .. فاستحالت لأكوام من حجر مشبع بالألم !!

أخبرني بربك ..

لماذا نطمس عبق النبوة ؟؟

لماذا نشعل انتماءاتنا ونذبح بعضنا .. ؟؟

لماذا نشرخ التأريخ والعقيدة نصفين

نصف لك .. والآخر لي !!!

ألا تدرك بانك جزء مني .. قبل ان تعلن احتلالك لكل النقاط المضيئة في قلبي ؟؟

ألا يدركون بأن سيّدنا الحسن جدّي هو جدّك ؟؟

تراك بماذا تفكر الآن ؟؟

ستسأل نفسك ربما لماذا أسألك انت وانا أملك كل الأجوبة مسبقا بأمضاءة مليئة بالحيرة والقهر ؟؟

وأدري بأنك تدري بأن جرحا ثنائيا يمزج (بيني .. وبينك) فينزف كما تنزف قباب( جدّي .. وجدّك) بكل الصمت والأسى

فيا ملاذي ..

لقد اقتحم الغرباء اليوم باب عراقك ..

واطعموني عوسجا ممزوجا بملح علقم

فصلّي ارجوك من اجل وطن

ومن أجلك وأجلي

كي يكون دم أبنائنا بلا فصائل

دم عراقي ّواحد مقدّس ..

دم لايعرف شكل الالوان ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا